q
هنالك تباين في سياسة الحزبين، فالحزب الديمقراطي يود التعامل مع اكثر من طرف في سياسته الخارجية، ما يخلق التوازن في التعامل مع القضايا السياسية الأكثر حساسية في منطقة الشرق الأوسط، بينما الجمهوريين يفضلون التعامل مع شخص بعينه كونه اقرب الى تحقيق ما يريدونه في المنطقة العربية...

ضاقت بهم السبل وأغلقت بوجهم الأبواب، اوطانهم أطبقت نواجذها عليهم، مما اضطرهم الى مغادرة موطن اجدادهم الأوائل، فضلوا العيش مغتربين، يوصفهم البعض بالمهاجرين، ملايين من المواطنين العرب وعلى مدى عقود أصبحوا ورقة رابحة بالنسبة للسياسيين الأمريكيين، فمع اقتراب كل موعد للانتخابات يتوجه اليهم احد الأطراف المتنافسة بالخطاب، معرفة منهم بمدى ثقل المواطن العربي وصوته الانتخابي في الانتخابات الأمريكية الحالية، لذا يسعى كل من ترامب وبايدن لكسب المزيد من الأصوات.

في الأعوام الماضية صدرت تصريحات كثيرة من الرئيس ترامب ضد المهاجرين، مشحونة بكميات غير قليلة من العنصرية، تجاه عدد من الأقليات المتوزعة في ولايات متعددة. ان الرئيسين ينظران بطمع الى مختلف القوى التي تشكل المجتمع الامريكي، والذي من خلاله يحصدان الأصوات التي تمكنهم من الوصول الى كرسي الحكم وسط حالة التجاذب الغريب الذي شهدته الايام القليلة المنصرمة.

اما في الحقيقة ان الناخب العربي لا يتمتع بالثقل المتوقع، بالشكل الذي يجعله يحمل بصوته درجة عالية من التأثير في توجيه المسألة الانتخابية، فالصوت العربي ليس بهذه الصورة من ناحية الكثافة العددية او الكثافة التصويتية، وهذا ما بينته التجارب السابقة التي حصلت في الولايات المتحدة الأمريكية.

ما يعرفه المراقبون لطبيعة ارتباط المواطن العربي المقيم في بلاد المهاجر، هو انه اي -الفرد العربي- المستقر في الولايات الأمريكية تحديدا لغاية الآن ليس لديه الولاء المطلق لأمريكا، وهو ما يقلل اندفاعه للمشاركة في الانتخابات الأمريكية، مقارنة بغيرهم من الشعوب الاخرى، التي اختارت من امريكا مستقرا لها، باحثين عن مصادر تضمن لهم العيش الكريم.

وقد يكون السبب بعدم المشاركة هو انحدارهم من مجتمعات لا تؤمن بالممارسات الديمقراطية، وبالنتيجة قلت رغبة المساهمة في تحديد المصير، وكأنهم لم يتمكنوا الخروج من هذا العالم المنغلق على نفسه، والذي قوض ارادتهم وحرمهم من ابسط حقوقهم.

ولاية مشيكن الأمريكية توصف بعاصمة العرب، بحيث كانت الولاية الأكثر نفعا للمرشح الديمقراطي بارك اوباما، ولكن من الممكن ان تكون داعمة للرئيس ترامب بعد التغيرات الحاصلة في الواقع العربي، لاسيما بعد عمليات التطبيع مع الجانب الاسرائيلي، لكن لم نر بوادر تُثبت ذلك، ما يجعل بايدين يشعر بالطمأنينة النسبية منحوه أيها المهاجرين العرب في الولاية.

ينبع ذلك من طبيعة السياسة العامة المتبعة من قبل الحزب الديمقراطي، التي تولي اهتماما كبيرا بالأقليات، واخير مصداق على ذلك، الخطاب الذي وجهه المرشح بايدن لابناء الجالية، أضف الى ذلك قيامه بإطلاق وعود بان يكون جزء من العرب على اختلاف خلفياتهم الدينية.

اما الشيء الآخر فهو اشراك بعض من العرب المسلمين في ادارته القادمة، بصرف النظر عما اذا كان هذا التصرف مجرد وعود كاذبة ام حقيقة، فهو يسهم في استمالة ابناء الجالية، وحصد ملايين الأصوات بصورة مؤكدة، ولكي يحقق ذلك خصص اشخاص في حملته الدعائية للتعامل مع الملفات التي تهم الجالية العربية.

المواطن العربي يأخذ بالاعتبار مصلحة بلاده الام قبل عملية التصويت، فكل فرد يقطن في دولة ما له، مصالح مرتبطة وبشكل وثيق مع وطنه، اذ اثبت استطلاع اجراه المعهد العربي الامريكي، ان معظم العرب الأمريكيين، يؤيدون سياسة بايدين المتزنة في ظاهرها، بينما يفضل ‎%‎35 الرئيس الامريكي الحالي ترامب.

بحسب هذا الاستطلاع فان الغالبية تريد بايدين يقوم بقيادة المرحلة القادمة؛ نتيجة ما تعيشه المنطقة من اوضاع متدهورة، فالمواطن العربي يود البقاء نتيجة الظروف المستقرة المتأتية من التقدم الاقتصادي الذي تعيشه امريكا.

هنالك تباين في سياسة الحزبين، فالحزب الديمقراطي يود التعامل مع اكثر من طرف في سياسته الخارجية، ما يخلق التوازن في التعامل مع القضايا السياسية الأكثر حساسية في منطقة الشرق الأوسط، بينما الجمهوريين يفضلون التعامل مع شخص بعينه كونه اقرب الى تحقيق ما يريدونه في المنطقة العربية، فضلا عن انتهاج الرئيس الامريكي سياسة الورقة المالية، ادفع اكون معك، وبغير ذلك سأتركك تغرق في بحر التناحرات السياسة.

ولا يعرف أحد ماذا يحمل احد المرشحين فى جعبته تجاه المهاجرين العرب والمسلمين الذين يأملون بقدوم من يقف الى جانبهم ويقلل الحيف الذي لحق بهم في اوطانهم، وجعلهم ينشدون الرحمة في زمن باتت الشبهات تحيط بهم من كل جانب.

اضف تعليق