الوعي المريض لا يبحث عن الحقيقة بل يبحث عن الوهم. وحين يحاول الانسان تفسير التغيرات المناخية على انها غضب انزله الله علينا فهذا يعني اننا نبتعد عن دائرة الحقيقة. ان التصحر والجفاف ليسا علامة غضب إلهي انهما اهمال حكومي قبل اي شيء آخر...

قبل ايام حدثني سائق تكتك صغير السن بانزعاج عن غضب الهي بسبب العواصف الترابية التي بدأت تضرب المدن، وتسبب حالات اختناق كثيرة، حسم الشاب القضية كأنه حكيم يوناني قائلا: لا يرى الله في الارض الا الفساد والظلم والانحراف، وهذه هي النتيجة عواصف ترابية خانقة.

بعد يومين سمعت الكلام نفسه من رجل طاعن في السن تكلم بثقة عن التجاوزات التي اثارت غضب الله علينا، وقال لي كنت انصح من اعرفهم بان نقمة الله لا تستثني احدا. وحدث ما حدث.

هناك الكثيرون ممن يفضلون ان يفكروا بهذه الطريقة، ويعتقدون انهم على حق. ومن المؤسف ان اولئك الواثقين من انفسهم خدعوا لانهم لا ينظرون الى الامور الا من زاوية ضيقة جدا.

الوعي المريض لا يبحث عن الحقيقة بل يبحث عن الوهم. وحين يحاول الانسان تفسير التغيرات المناخية على انها غضب انزله الله علينا فهذا يعني اننا نبتعد عن دائرة الحقيقة. ان التصحر والجفاف ليسا علامة غضب إلهي انهما اهمال حكومي قبل اي شيء آخر. هكذا يجب ان نفكر، ونوجه الاتهام الى كل من تسلم منصبا في الحكومات المتعاقبة بحيث لا نستثني النظام السابق من هذا الامر.

لن يزرع الله لنا 3 مليارات شجرة بالدعاء، ولا بغيره. علينا ان نقوم بهذه المهمة. واذا انجزنا هذه المهمة فسيكون الوضع المناخي العام جيدا. وزراعة هذه الكمية من الاشجار يتطلب برنامجا غير عادي بكل المقاييس.

الوعي المريض لا يلقي بالتبعة على الانسان المسؤول فيقوم بجر الله سبحانه وتعالى الى قاعة المحاكمة، ويقول هو غاضب بسبب بعض الانحرافات التي يرتكبها الناس. ان هذا التفكير سطحي جدا، ومريح في الوقت نفسه لانه يشعر المتحدث انه فعل ما يجب فعله، وعلى الناس ان يصلحوا حالهم لتقل عواصف الغبار وتنتهي.

العواصف الترابية ليست غضبا وانما هي رحمة، واشارة الى وجود خلل لا بد من معالجته. بهذا الاسلوب ينبغي ان ننظر الى هذه المشكلة. ان اهمال زراعة الحزام الاخضر، وهدر المياه، والتعدي على المساحات المزروعة بالقطع لبيعها على انها ارض سكنية، واسباب اخرى كل هذا ترك اثاره السلبية على المناخ. وكان رد الفعل ان الطبيعة تعبر عن غضبها في هذه العواصف الترابية المقرفة. ان الطبيعة تتكلم حين نعتدي عليها. العواصف الترابية هي لغة تنبيه لا يجوز اهمالها، واذا صدق المواطن كذبة الغضب الالهي فعلى المسؤول ان يعمل لانهاء اسطورة لا اساس لها من الصحة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق