حركة تشرين لم تكن شعاراتها او في نية المشاركين فيها حينها، الانقلاب على النظام السياسي بأكمله، بل سعى شبابها إلى إصلاح هذا النظام، وبطريقة تحافظ على الأسس البنيوية للديمقراطية الحديثة فيه من جهة، وتغير قواعد العمل السياسي من جهة أخرى، من خلال إعادة هيكلة عمل الحكومة وتوسيع...

لم تكن حركة أو تظاهرات تشرين التي انطلقت قبل سنتين، مجرد حركة احتجاجية شعبية ضد النظام أو الحكومة، نتيجة لسوء الخدمات أو الإدارة، وملاحقة الفاسدين وسراق المال العام، بل كانت في بداياتها حركة شبابية عراقية، تسعى لمعالجة المشاكل التي تمر بها البلاد، ومحاولة لمنح الشعب حقوقه المسلوبة منذ عام 2003 وليومنا هذا.. انطلقت الاحتجاجات الغاضبة تحت شعار"نازل أخذ حقي" والتي تجاوز فيها المحتجون المطالبة بالحقوق ومحاربة الفساد، إلى النزول للشارع تحت عنوان"أخذ حقي".

حركة تشرين لم تكن شعاراتها او في نية المشاركين فيها حينها، الانقلاب على النظام السياسي بأكمله، بل سعى شبابها إلى إصلاح هذا النظام، وبطريقة تحافظ على الأسس البنيوية للديمقراطية الحديثة فيه من جهة، وتغير قواعد العمل السياسي من جهة أخرى، من خلال إعادة هيكلة عمل الحكومة وتوسيع مشاركته، ليشمل حتى القوى التشرينية، وتكون عنصرا فاعلا ومشاركا في العمل السياسي، سواءً في البرلمان أو السلطة التنفيذية، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة المطالبين بحاكم قوي يحكم العراق، إلا أن أكثر من 60% منهم يدعمون النظام الديمقراطي في نهاية الأمر.

على الرغم من كل العيوب التي رافقت مسار الديمقراطية في البلاد، إلا أنها تعد أفضل نظام حكم العراق لحد الان، لذلك ربما التشرينيون لايريدون عودة الديكتاتورية أو حكم الإسلاميين الذي يؤيده 40% أو حكم العسكر الذي يؤيده 45% -رغم ان تلك النسب لا يمكن التأكد من صحتها أو دقتها- ولكن ما تم رفعه من شعار كان هو الحكم المدني، على أساس التوافق بين جميع هذه المكونات الأساسية في المجتمع العراقي.

بالرغم من التشوه والتشويه الذي أصاب الحركة التشرينية، ودخول الشبهات والمندسين، وبعض الأحزاب الفاسدة والمتنفذة وركوب موجتها، إلا إنها ليست ضد التداول السلمي للسلطة والذي نص عليه الدستور العراقي لعام 2005، وعلى الرغم من كثرة الشبهات التي رافقت الحركة التشرينية، إلا إنها لم تكن مسنودة من حزب سياسي او يتحكم بها أو يقودها في الشارع.

صحيح أن هناك من ركب موجتها من كتل سياسية وتيارات حسبت على أدعياء الاسلاموية، وأمست موجهة من قبل أجندات داخلية وخارجية، ما جعلها تخرج عن مسارها الذي تشكلت من اجله، والتي انتجت نواب مستقلين ينبغي التعامل معهم بنفس المسمى، وان يكون لهم دور أساسي ومحوري في العملية السياسية في البلاد.

بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية، وعدم قدرة أي طرف يمتلك الأغلبية السياسية على تشكيل الحكومة، ما جعل الموقف يسير نحو السكون والانغلاق السياسي، رافقته حالات من الشد والجذب والتراشق الإعلامي بين القوى السياسية المتصارعة، فالتيار الصدري والذي يمتلك (73) مقعداً وتشكيله للتحالف الثلاثي (إنقاذ وطن) لم يفلح في عقد جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية (كردي) متفق عليه في داخل التحالف الثلاثي.

يرى كثير من المراقبين والمحللين السياسيين، أن المستقلين باتوا رقما مهما في المعادلة السياسية القائمة، وينبغي التعاطي الايجابي معهم، وإعطاءهم الفرصة في المشاركة الفاعلة سواءً في البرلمان أو في خطوات تشكيل الحكومة، كما ينبغي على القوى السياسية المؤثرة الانفتاح على هؤلاء ومشاركتهم القرار السياسي وبما يحقق التوازن والمشاركة من الجميع في الحكومة القادمة.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق