ما استطيع الحديث عنه هو ان نجاح العراق بإقامة خليجي ٢٥ يعكس بعضا من قدرات العراق والعراقيين الحضارية على المستويين المادي وغير المادي. فالملاعب الرياضية التي شيدت بعد عام ٢٠٠٣ تمثل انجازا ماديا حضاريا مهما ومؤشرا على ما يمكن تحقيقه في المجال المعماري مثلا...

يؤسفني انني لست على معرفة كافية بالأمور الرياضية، لكني استطيع ان ادرك ان اقامة دورة كأس الخليج هذا العام في البصرة حدث وطني كبير لا يمكن تجاهله او حتى التقليل من اهميته الرياضية والسياسية لاعتبارات كثيرك يتعلق بعضها بالبعد الخليجي للعلاقات الخارجية للعراق.

ما استطيع الحديث عنه هو ان نجاح العراق بإقامة خليجي ٢٥ يعكس بعضا من قدرات العراق والعراقيين الحضارية على المستويين المادي وغير المادي. فالملاعب الرياضية التي شيدت بعد عام ٢٠٠٣ تمثل انجازا ماديا حضاريا مهما ومؤشرا على ما يمكن تحقيقه في المجال المعماري مثلا.

كما ان روعة التنظيم التي تجلت في افتتاح الدورة تمثل من جانبها انجازا تنظيميا واداريا وفنيا رفيع المستوى من نوع الانجاز الذي تحقق في دورة كأس العالم في قطر. كل هذا يقدم دليلا على ان بإمكان الانسان العراقي ان يعاود سيره في طريق النهوض الحضاري، الذي كان اول السائرين فيه قبل اكثر من ستة الاف سنة.

والانسان هو العنصر المحوري في المركب الحضاري المؤلف من خمسة عناصر هي: الانسان والطبيعة والزمن والعلم والعمل. يستطيع الانسان ان ينهض حضاريا اذا تحرك وفق منظومة قيم عليا قادرة على استثمار الطبيعة بالعلم والعمل، وقادرة على اقامة علاقات انسانية على اساس الحرية والعدل والمساواة.

صحيح ان القدرة الحضارية او المركب الحضاري للمجتمع العراقي تعرض للتآكل منذ عقود بعيدة اعتبارا من العصر العباسي الثاني (الخليفة المتوكل وما بعده وصولا الى الاحتلالات المتتابعة) الا ان هذا لا يعني انهيار هذه القدرة بالكامل، او وصولها الى الصفر الحضاري المطلق، بل ان هناك الكثير من العناصر المادية والثقافية التي يمكن استثمارها في النهوض الحضاري الجديد.

لا اريد ان اقول ان انجاز خليجي ٢٥ يمثل نهاية الطموح والدرجة القصوى من الفعل الحضاري، لكني اقول ان هذا الانجاز دليل على ان الانسان العراقي قادر على الفعل الحضاري، ماديا وغير مادي.

وهذا يمثل ردا عمليا ملموسا على تعليقات يكتبها بعض القراء والتي تعبر عن اليأس من قدرة العراقي على الفعل الحضاري. ليست الردود السلبية صحيحة، غاية ما في الامر انها تعبر عن احباط داخلي يعاني منه كتابها. واذا كنت اجد بعض التبرير لهذا الاحباط، لكني لا اجد تعميمه او الاصرار عليه مبررا او صحيحا.

ظهرت بعض الممارسات السلبية التي يمكن اعتبارها محدودة او فردية، ويمكن معالجتها على المدى المتوسط او البعيد. ومن هذه الممارسات محاولة بعض المواطنين الدخول الى الملاعب بدون تذاكر والفوضى التي حصلت في منصة الضيوف. لكن هذه ممارسات لا تصادر القيمة الاساسية للنجاح الحضاري الذي حققه العراق في الدورة الرياضية الخليجية ولا يصح تضخيم صورتها او المبالغة في دلالاتها السلبية فهي مما يحصل في كل الحالات المشابهة.

اكرر مرة اخرى عدم اعجابي بشعار (بالروح وبالدم نفديك يا عراق) الذي ردده بحماس الجمهور. اولا لأنه شعار موروث من العهد البعثي مع استبدال كلمة (صدام) الواردة بالشعار القديم. وثانيا وهو الاهم ان محتوى الشعار دموي وحربي وليس حضاريا او سلميا. المحتوى الحضاري المنشود يركز على (البناء)، بناء العراق الجديد حضاريا، وهذا البناء لا يتم الا عن طريق العلم والعمل. وبهما تكتمل عناصر المركب الحضاري. وهذا ما اتمنى ان يتركز في اذهان الجمهور العراقي ووعيه. فيكون شعاره (بالعلم والعمل نبني العراق). وهو محتوى لا يتركز في اذهان الناس عفويا انما يتم ذلك عبر جهد تبذله على نحو خاص المدارس.

.............................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق