ان العمل السياسي ليس القفز في الهواء وتطبيقات جاهلية تتجدد بعناوين مختلفة، مقابل الكثير من هوامير الفساد الذين لا يجدون اي مانع من المضي قدما لإحراق المدن واشعال الخلافات الطائفية والقومية مثلها مثل غرناطة التي سقطت وامراؤها يتقاتلون من اجل مصالحهم وليس لإنقاذ دولتهم...

تبقى اسس ادارة الدولة سياسية بامتياز، فأحد تعريفات علم السياسة هو (فن ادارة الدولة) هكذا يظهر المتغير الاول ما بين فهم المجتمع المؤدلج بأفكار تتجاوز حدود سيادة الدولة الوضعية ولعل ابرزها افكار الاسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد وبين الثوابت المطلوب من الدولة الالتزام بها بموجب اعتراف الامم المتحدة بها كدولة ذات سيادة وما ينالها من استحقاق الحق المشروط بالالتزام وفق اتفاقات الشراكة مع المجتمع الدولي.

من هذا المنطلق الثابت يتكون تعريف (العدو) وينظر اليه ويتم التعامل به دوليا، نعم هناك اكثر من حالة ابرزها الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والاحتلال الأمريكي للعراق يوظف هذا (الثابت الدولي)، لأهداف مصالح استراتيجية ضد ارادة الشعوب، لكن السؤال هل تهتم الدول على منصة مجلس الأمن الدولي برغبات الشعوب المؤدلجة بأفكار الاسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد ام توصف بكونها إرهابية!!

الاجابة الواقعية الواضحة انها توصم بالارهاب، من هذا الأساس فإن قبول المجتمع الدولي باي نظام سياسي تتطلب الاعتراف المتبادل، وهذا ما سبق وان كان باوضح أشكاله في التعامل مع منظمة طالبان الأفغانية.

ما حصل في السودان نتيجة تضارب المصالح الحزبية التي طبقت من حيث تدري او لا تدري نموذج التفتيت الإسرائيلي في تقسيم المقسم وتجزئة المجزآ، حيث تعتبر السودان إسرائيليا مرتكز الحرب الباردة مع مصر بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد، هكذا تم تقسيم السودان الى جنوب وشمال واليوم الى اقاليم، بعناوين مختلفة براقة لكل حزب بما لديهم فرحون، كما هو حال عراق اليوم.

فانتهى الامر الى تكوين جيوش لكل منها مسمى حزبي خارج تعريف العدو للدولة ..حتى وصل الامر ان هذه الجيوش تنقلب على اصل الدولة لأسباب تتعلق بالمصالح المناطقية والرغبة الشخصانية للزعامة السياسية من بوابة مسك الأرض، ما بين قوات نظامية دستورية وقوات رديفة دستورية ايضا ولكن جاءت نتيجة ظروف خاصة لمحاربة الإرهاب لاسيما تنظيم القاعدة.

مقاربة ذات النموذج عراقيا يؤكد على ان القوات المسلحة العراقية لا تتطابق واقعيا مع تعريف سيادي واحد واضح وصريح لـ(العدو) فقوات البيشمركة تختلف عن قوات الحشد الشعبي وكلاهما يختلفان عن قيادة عمليات المناطق الأمنية سواء في الجنوب او المناطق الغربية.. وما زال (بيت العنكبوت) ضمانة عدم تسارع خطوات تضارب القوى المسلحة كما حصل بعد الاستفتاء على استقلال اقليم كردستان... او ما حدث وما يمكن ان بحدث نتيجة خلافات سياسية مركبة في الوسط والجنوب.

كل ذلك يعد نموذجا مخجلا بل أجده مقرفا جدا عندما تكون سفارة الاحتلال الامريكي وقواتها المتفقة مع النفوذ الإقليمي لدول الجوار، ضمانة عدم تمزيق العراق بدلا من اتفاق مطلوب لتعريف (العدو)، واستمرار عدم وجود هذا الاتفاق الوطني السيادي، يجعل تطبيق النموذج السوداني حالة ممكنة في ظل تطبيقات واقعية لادارة نظام مفاسد المحاصصة الماسكة بالسلطة.. فما يحصل من خلافات واختلافات بين قطبي ادارة اقليم كردستان نموذج واقعي.

وما يحصل وربما يتطور من مناورات لتشكيل الاقليم السني او الإطار التنسيقي السني نموذج اخر ناهيك عنما يظهر من أمور اخرى في الوسط والجنوب لاسيما بعد الصمت الطويل عن جماعات متطرفة تتمظهر بعناوين مقدسة لعل (اهل القضية) ليس آخرها!!

كل ذلك يتطلب من عقلاء القوم فهم ان العمل السياسي ليس القفز في الهواء وتطبيقات جاهلية تتجدد بعناوين مختلفة، مقابل الكثير من هوامير الفساد الذين لا يجدون اي مانع من المضي قدما لإحراق المدن واشعال الخلافات الطائفية والقومية مثلها مثل غرناطة التي سقطت وامراؤها يتقاتلون من اجل مصالحهم وليس لإنقاذ دولتهم... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................

* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق