أصبح الموت وإعلان نتائج الامتحانات متشابهان، كلاهما لا نعرف متى يأتي، قد تعمر 100 سنة، وقد تموت بعد يوم من ولادتك، ونتائج الامتحانات تشبه الموت في عدم وجود موعد محدد، لا نعرف متى يأتي، لذلك يصح القول أن الوقت بين نهاية الامتحانات الوزارية في العراق وإعلان النتائج مرحلة من مراحل الموت...

لأنني اتحدث عن احترام الوقت، هذا يدفعني لمصارحة القارئ بأن المقال الذي سوف يبدأ بقراءته يستهلك وقته بدون فائدة على أرض الواقع، لكن مهلاً... هل يمكننا مناقشة أسباب عدم احترام الوقت من قبل وزارة التربية العراقية؟ أليس هذا الموضوع يستحق النقاش؟ فقد نخرج بفكرة مفيدة تستخدمها الوزارة خلال السنوات التالية، أو على أقل تقدير نوفر حجة دامغة ننشرها في مواقع التواصل الاجتماعي لنحرج بها الحكومة ووزارتها المختصة بشؤون التربية.

هل قرأت الأخبار المتضاربة التي نشرتها جريدة الصباح الرسمية يوم الخميس (13 تموز 2023)، حول نتائج الثالث متوسط، لنستعيدها سريعاً:

الخبر الأول الساعة الواحدة وتسع عشرة دقيقة ظهراً: لجنة التربية النيابية: إعلان نتائج الثالث المتوسط بعد قليل.

الخبر الثاني الساعة الواحدة وأربع وثلاثون دقيقة ظهراً: لجنة التربية النيابية: تأجيل إعلان نتائج الثالث المتوسط إلى يوم السبت أو الأحد المقبلين لإكمال التدقيق النهائي.

الخبر الثالث الساعة الواحدة وسبع وثلاثون دقيقة ظهراً: وزارة التربية: إعلان نتائج الثالث المتوسط بداية الأسبوع المقبل، وأكدت انها في التدقيق النهائي.

ربع ساعة هي المدة الفاصلة بين نشر الخبر الأول عن قرب اعلان النتائج الامتحانية، والخبر الثاني الذي ينفي إعلانها ويؤجلها إلى الإسبوع المقبل، وقت مرعب بالنسبة لطلبة الثالث المتوسط وأولياء أمورهم وذويهم الذين ينتظرون بفارغ الصبر التخلص من الضغط النفسي المتواصل.

من يتحمل مسؤولية هذه الفوضى هي وزارة التربية نفسها وسوف أناقش هذه الفكرة بعد قليل، قبل أن أعرج على صحيفة الصباح الرسمية لنقدم لها كتاب عتب شديد اللهجة، فمن علم الصحفيين في جريدة الصباح أن يأخذوا معلومة تختص بقضية حساسة مثل نتائج الإمتحانات من جهة غير مختصة متمثلة بلجنة التربية النيابية.

متى صارت التربية النيابية جهة تنفيذية تعلن نتائج الامتحانات؟

خبر مثل النتائج الإمتحانية يؤخذ من وزارة التربية حصراً، وكأن

الواجب على العاملين في جريدة الصباح أن ينتبهوا لهذه المسألة وهم أعرف بقواعد جمع المعلومات من مصادرها الرسمية.

أما فيما يتعلق بوزارة التربية، نوجه نقداً لا يخلو من القسوة.

أنتم الوزارة التي تعلمنا القراءة والكتابة، وانتم الوزارة التي تعلمنا كيف نتحول من كائنات حية إلى كائنات اجتماعية بفضل ما توفره مناهجكم التعليمية، ألم يكن في مناهجكم مادة تتحدث عن تنظيم الوقت وادارته؟ أليس في مناهجكم مادة عن احترام الوقت؟

يوم وساعة معلومة

لنختصر الفكرة، نقترح على وزارة التربية أن تحدد يوماً معلوماً وساعة معلومة لإعلان النتائج كجزء من جدول الإمتحانات.

بمعنى أن يحدد موعد النتائج باليوم والساعة منذ لحظة اعلان جدول الامتحانات، حتى لا يكون هناك فوضى وإعلانات تتلاعب بالحالة النفسية للطلاب.

تقول الوزارة إن هذا الموعد صعب تحديده، بحجة أنه لا يمكن حساب كم تستغرق عملية التصحيح، لكن هذه الحجة تنتفي إذا ما عملنا حساباً لعدد الطلبة الممتحنين وعدد المصححين، والوقت الذي يستغرقه كل دفتر امتحاني حتى يصل إلى القوائم النهائية.

ومن خلال معرفة عدد الدفاتر الامتحانية عبر تحديد عدد المشتركين بالامتحان، والوقت المستغرق لتصحيح كل دفتر، وعدد المصححين، يمكن تقسيم التصحيح إلى عدة أيام وإلى مجموعات، لنعرف أنه يسغرق مدة معينة.

وبعد تحديد مدة التصحيح، تضاف مدة احتياطية قد تكون ضعف المدة الأصلية حتى لا تقع الوزارة في حرج أمام الطلبة وذويهم، وحتى يحين موعد الإعلان الرسمي باليوم والساعة والدقيقة.

مثلما يكون موعد الامتحان باليوم والساعة والدقيقة، والوزارة قادرة على توفير كل المتطلبات باليوم والساعة والدقيقة، لماذا لا يكون موعد إعلان النتائج الامتحانية ضمن الجداول الإمتحانية.

هل الوزارة عاجرزة عن هذه المهمة؟ أم غافلة عنها؟

لنفترض أنها في غفلة من هذا الأمر، نرجو أن يكون هناك موعد محدد كما شرحناه في المقال أعلاه.

وتطبيق هذا المقترح واجب لأن الطلبة اليوم في حالة نفسية لا يحسدون عليها، والتوتر يسودهم طوال الوقت، يشاهدون منشوراً هنا، وآخر هناك، يتوترون باليوم ألف مرة،(ستعلن النتائج اليوم، ستعلن النتائج غداً، تم تأجيل إعلان النتائج.... وإلى آخره من المنشورات التي تتربح على زيادة منسوب التوتر لدى الطلبة).

وأصبح الموت وإعلان نتائج الامتحانات متشابهان، كلاهما لا نعرف متى يأتي، قد تعمر 100 سنة، وقد تموت بعد يوم من ولادتك، ونتائج الامتحانات تشبه الموت في عدم وجود موعد محدد، لا نعرف متى ياتي، لذلك يصح القول أن الوقت بين نهاية الامتحانات الوزارية في العراق وإعلان النتائج مرحلة من مراحل الموت.

لنتخلص من هذا القلق، ولنتعلم احترام الوقت من وزارة التربية في السنوات المقبلة عبر تحديد موعد مسبق باليوم والساعة والدقيقة لإعلان نتائج الامتحانات.

اضف تعليق