ان القيم الدينية تترجم في الحياة اليومية وتؤثر في نمط الحياة والتعامل الاجتماعي والاقتصادي، بالمجمل، القرآن الكريم يحث على تبني القيم العامة والخاصة والقطاعية وتطبيقها في جميع جوانب الحياة لبناء حضارة قائمة على أسس إنسانية وسامية، باختصار، المعادلة الحضارية تعكس أهمية التوازن بين المكونات المادية والروحية في تشكيل حضارة ناجحة ومستدامة...

المعادلة الحضارية تعبر عن تفسير بسيط لشروط تكون الحضارة. تقول المعادلة أن الحضارة تتكون من مركب حضاري وقيم.

الحضارة = المركب الحضاري + القيم الحضارية (ح=م+ق)، المركب الحضاري هو المكون الأساسي للحضارة ويتكون من خمسة عناصر رئيسية:

1. الإنسان: هو العنصر الأساسي في بناء الحضارة، فهو الذي يُطور الفكر والعلوم ويُسهم في التقدم والابتكار.

2. الأرض: حضارة الشعوب وتقدمها يتوقف بشكل كبير على الاستفادة والتفاعل مع البيئة المحيطة بها.

3. الزمن: تعني أن الحضارة مرتبطة بالتاريخ والعراقة، حيث يتم تأسيسها من خلال تراث الأجيال السابقة واستغلال الخبرات التاريخية.

4. العلم: يشير إلى الثقافة والمعرفة التي يكتسبها الإنسان وتؤثر في تطور الحضارة، مثل العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية والتكنولوجيا.

5. العمل: يعتبر القوة الدافعة للحضارة، حيث يتطلب بناء حضارة العمل الجاد والإبداع والتضحية والتعاون بين الأفراد.

أما القيم، فهي المبادئ والأخلاقيات والمعتقدات التي ترسخ على مر الزمان في المجتمعات وتهيمن على سلوكها وثقافتها. القيم تلعب دورًا حاسمًا في تشكيل وتطوير الحضارة.

هناك ثلاثة انواع من القيم

أولًا، القيم العامة مثل العدل والتسامح والتعايش السلمي تعتبر أساسًا في الإسلام. فالقرآن الكريم يحث على العدل في المعاملات والقضاء، ويدعو إلى التسامح ونبذ العنف والكراهية. على سبيل المثال، القرآن يقول في سورة الحجرات (الآية 13): "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، وهذا يدعو إلى التعايش السلمي واحترام تنوع الثقافات والمجتمعات.

ثانيًا، القيم الخاصة بكل عنصر من عناصر المركب الحضاري الخمسة تأخذ أهمية كبيرة في الإسلام. على سبيل المثال، الإنسان في الإسلام يجب أن يتمتع بالعدل والشفقة والرحمة تجاه الآخرين، ويعتبر العمل والجهد الصادق قيمة عظيمة. القرآن يشجع على استخدام العلم والتعلم وتطويره، ففي سورة الزخرف (الآية 32) يقول: "أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ". وهذا يعني أن السعي للمعرفة والعلم يعتبر مهمًا للوصول إلى الحقيقة.

ثالثًا، القيم القطاعية المتعلقة بكل قطاع من قطاعات الحياة مهمة أيضًا في الإسلام. القرآن الكريم يوجه بتطبيق الأخلاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حياة المسلمين. فمثلاً، في سورة الجمعة (الآية 9) يقول الله للمؤمنين: "فَإِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"، وهذا يعني أن القيم الدينية تترجم في الحياة اليومية وتؤثر في نمط الحياة والتعامل الاجتماعي والاقتصادي.

بالمجمل، القرآن الكريم يحث على تبني القيم العامة والخاصة والقطاعية وتطبيقها في جميع جوانب الحياة لبناء حضارة قائمة على أسس إنسانية وسامية.

باختصار، المعادلة الحضارية تعكس أهمية التوازن بين المكونات المادية والروحية في تشكيل حضارة ناجحة ومستدامة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق