q
الحكومة على الرغم من كل ما تتمتع به من إيجابيات، فأن النجاح المأمول منها مرهون بشرط دعم العراقيين قبل الولايات المتحدة الأميركية، وأول الداعمين ينبغي أن تكون القوى السياسية التي تمرست على تخريب الصالح من أي حكومة سابقة، وقد تكون هذه الحكومة الأخيرة هي الأفضل من جميع سابقاتها طبقا للصفات المتميزة لرئيسها ولقناعة العراقيين به...

يوما بعد آخر تتصدع قناعات بعض الأطراف السياسية، التي ترى بأن الولايات المتحدة الأميركية تحجب دعمها عن حكومة محمد شياع السوداني، حتى اللحظة، ضمن فرضية عدم دعوته لزيارة واشنطن، وهذا التصدع ينطلق من أن المواقف الداعمة كثيرة، حتى وإن اتفقنا أن لإدارة جو بايدن رأيا في تأخر دعوة الزيارة، لكن سؤالا ملحا لمن الألوية بالدعم، خارجيا أم داخليا؟

إن الدعم الأميركي للسوداني واضح في ثنايا عديد من رسائل التواصل لإجراءات حكومته على مدى ثمانية شهور مضت، وعدم الاعتراض على المقايضة النفطية الغازية بين بغداد وطهران، فواشنطن تريد أن تعطي مزيدا من الوقت للسوداني لتحقيق إنجازات على صعيد المجالات الصناعية والاقتصادية والتنموية والأمنية، ومجالات أخري، ومثل ذلك بشأن السياسة الخارجية، لكن هذا منتظر بعد إقرار الموازنة المالية، ولا أستبعد أن السوداني تباحث مع الجانب الأميركي قبل الإقدام على مقايضة النفط الأسود بالغاز الايراني لإدامة الطاقة الكهربائية في هذا الظرف الصعب، وأظنها خطوة وقتية لتفادي أزمة مستفحلة، وهذه الفرضية تثبت دعما أميركيا لحكومة السوداني وعدم إحراجها.

وأما قرار الإعفاء الاميركي للعراق 120 يوما لسداد مستحقات ايران عليه، فينظر له على أنه خيار آخر من الدعم، وتجاوز أزمة الكهرباء في وقت الذروة بفصل الصيف عندما تصل درجة الحرارة في أغلب أيام شهري تموز وآب إلى درجة الغليان من (50 درجة) فما فوق، لكن الاشتراط الأميركي بتحويل المبالغ لبنوك غير عراقية، يثبت بقاء الموقف المتصلب لواشنطن إزاء طهران، وأظن أن زيارة السوداني المنتظرة لواشنطن لن يطول وقتها، سيما بعد أن جربت واشنطن خطوات السوداني المتعقلة والحكيمة في إدارة حكومته، التي لم تسجل عليها ميول لجهة خارجية معينة.

وأخطأت بعض الأطراف عندما اعتبرت تأخر زيارة السوداني لواشنطن قد يجعلها تواجه المصير ذاته، الذي مرت به حكومة عادل عبد المهدي، وهذه المقاربة غير المنصفة عندما شبهت اتفاق العراق مع ايران في مقايضة النفط الأسود قبالة الغاز في 2023، بالاتفاق الذي أبرمته حكومة عبد المهدي مع الصين ضمن شعار إعادة الإعمار في 2019، لا تتناسب مطلقا إحداثياتها لا من حيث طبيعة الشخصية والاتجاهات السياسية بين رئيسي الحكومة الأسبق والحالي، ولا من حيث الظروف التي يعيشها العراق، ولا من حيث رأي المجتمع العراقي حيال كلا الشخصيتين، ولا من حيث نظرة الولايات المتحدة لكل منهما.

فالسوداني يدير الحكومة والعراق بمنهج إصلاحي وحرص ومركزية وطنية، على الرغم من مواجهته تركة ثقيلة من أعباء الحكومات السابقة.

وهذه الحكومة على الرغم من كل ما تتمتع به من إيجابيات، فأن النجاح المأمول منها مرهون بشرط دعم العراقيين قبل الولايات المتحدة الأميركية، وأول الداعمين ينبغي أن تكون القوى السياسية التي تمرست على تخريب الصالح من أي حكومة سابقة، وقد تكون هذه الحكومة الأخيرة هي الأفضل من جميع سابقاتها طبقا للصفات المتميزة لرئيسها ولقناعة العراقيين به.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق