q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

احزاب اقليات

اظهرت نتائج انتخابات مجالس المحافظات ان الاحزاب العراقية الفائزة بمقاعد في هذه المجالس انما هي في الواقع احزاب اقليات، بمعنى انه لا يوجد حزب يمكنه الادعاء بانه يمثل الشعب او يمثل الجماهير العريضة او يمثل شريحة كبيرة من الناخبين. كل حزب فائز انما استطاع ان يستحوذ على عدد قليل من اصوات الناخبين...

اظهرت نتائج انتخابات مجالس المحافظات ان الاحزاب العراقية الفائزة بمقاعد في هذه المجالس انما هي في الواقع احزاب اقليات، بمعنى انه لا يوجد حزب يمكنه الادعاء بانه يمثل الشعب او يمثل الجماهير العريضة او يمثل شريحة كبيرة من الناخبين. كل حزب فائز انما استطاع ان يستحوذ على عدد قليل من اصوات الناخبين بالنسبة الى العدد الكلي للمصوتين، وبالتالي ينال عددا صغيرا من مجالس المحافظات نسبة الى المجموع الكلي لمقاعد المجالس. ليس لدينا حزب كبير، او حتى حزب متوسط الحجم، انما هي احزاب صغيرة، او احزاب صغيرة جدا، او احزاب مجهرية لا ترى بالعين المجردة، او احزاب موسمية، حسب عناوين وتقسيمات اقترحتها في مقالات سابقة.

وهذه ظاهرة مضطردة منذ ان بدأت الانتخابات في العراق بعد سقوط النظام الدكتاتوري حتى اليوم، وفحوى الظاهرة ودلالتها ان المجتمع العراقي وشريحته السياسية لم يستطع ان يلد حزبا كبيرا يستطيع الادعاء عن حق وصدق بانه يمثل الاغلبية من الناخبين. ولهذه الظاهرة غير الصحية اسباب كثيرة منها على وجه الخصوص عدم قدرة الفاعلين السياسيين احزابا وافرادا على  التجمع و العمل معا ضمن حزب كبير. فمازال الانتماء الطائفي او المناطقي او القومي او التنافس على الزعامة او تضارب المصالح الضيقة يمزق الجسم السياسي للمجتمع العراقي، وكنت وما زلت آمل ان يدرس علماء الاجتماع والسياسة هذه الظاهرة السلبية ويشخصوا اسبابها بطريقة علمية ومحاولة رسم حلول ناجعة لمعالجتها. كما كنت  وما زلت آمل ان يتجاوز الفاعلون السياسيون اسباب الفرقة والخصام ويتوصلوا الى بناء عدد قليل من الاحزاب الكبيرة، الوطنية، العابرة لاسباب التشتت والتنافس والخصام.

هناك مستويان للانقسام في الجسم السياسي العراقي، وهما:

الانقسام الاول: الانقسام الطائفي والعرقي والديني، حيث ان الكيانات المتنافس مغلقة طائفيا وعرقيا و دينيا على ابناء جلدتها.

الانقسام الثاني: الانقسام الحزبي حيث ينقسم ابناء المكون الواحد على انفسهم الى احزاب وزعامات متنافسة فيما بينها ولا يجمعها وحدة الانتماء الطائفي او القومي او الديني.

والنتيجة ان كل الاحزاب العراقية هي احزاب محلية، بمعنى انها منحصرة في تجمع واحد community وليست احزاب وطنية بمعنى انفتاحها على كل المواطنين بغض النظر عن الطائفة او القومية او الدين. لكن الاحزاب لا تعلن عن ذلك، يعني "تغلّس" عن هذه الحقيقة.

.......................................................................................................................

* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

 

اضف تعليق