كلا النسقين لا يعكسان الصورة الأمينة لواقع المرأة المطلوب. لأن كلا النسقين يبطنان تهميشاً واقعياً للدور والمواقع والوظيفة الذي ينبغي أن تقوم به المرأة، فالمرأة ليست تحفة أثرية موقعها الأبدي هو البيت وشؤونه. كما أنها ليست سلعة متحركة أو وجوداً مادياً غريزياً فقط وأمام هذين النسقين، أضحى...

مفتتح:

هناك نسقان تحكما في مسيرة المرأة في العالم العربي والإسلامي في عصور التخلف والانحطاط التي سادت مجتمعاتنا وبلداننا قاطبة، وانعكست آثارهما على كل حقول وجوانب حياتنا.

النسق التقليدي الذي يعتبر أن المنزل والبيت هما عالم المرأة ومملكتها تولد وتحيا وتعمل وتموت فيها.. والزواج ما هو إلا عملية نقل هذه الخدمة من بيت الأب إلى منزل الزوج. فهي رهينة المنزل وأحد ثوابته التي لا تتزحزح منه، ولا تغادره إلا للضرورة القصوى. والحياة العامة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى ومسؤوليات، فليس من شأنها، ولا يحق لها ممارسة أي شيء فيها..

ويقسم النسق التقليدي عالم المرأة إلى قسمين.

عالم المرأة المثالية والصالحة والعفيفة، وهي التي تكون محجوبة عن المجتمع، ولا تمارس أي دور لصالح المجتمع والوطن.

وامرأة فاسدة غانية، تمارس عمليات الغواية وتلبية نزوات وغرائز الذكور.. وبين هذين القسمين (في المنظور التقليدي) لا وجود للمرأة الإنسانة العالمة الأديبة المفكرة المديرة الموظفة التي يكون لها دور إيجابي وحسن في المجتمع.

ويشير إلى هذه المسألة الكاتب عبد القادر عرابي بقوله: إن النسق الثقافي يرى في المرأة تارة لغزاً وكائناً عجيباً، وأخرى رمزاً للغواية والإغراء.. إنها عورة والعورة شيء مقدس. ويؤكد هذه النظرة الكلاسيكية عن المرأة أيضا (زيدان عبد الباقي) بقوله: فالمرأة ليست شيئاً سوى الصورة أي ليست إنساناً، وإنما هي مخلوقة حقيرة على استعداد لبيع نفسها لأول عابر سبيل إذا غفل الرجل لحظة واحدة عن حراستها.

فالمرأة بدون الرجل مال سايب. وعلى ضوء هذه النظرية الكلاسيكية والدونية للمرأة، يتحدد مركزها الاجتماعي الذي عادة لا يكون انطلاقاً مما تقوم به المرأة من عمل أو ما تمتلك من كفاءة وموهبة وإنما على العكس من ذلك تماماً فإن اقترانها بزوجها الذي ينتسب إلى عائلة أو قبيلة أو عشيرة هو الذي يحدد نوع المركز الاجتماعي للمرأة. وأمام هذا النسق التقليدي هناك نسق عمري (إذا جاز التعبير) يعتبر قيمة المرأة فيما تشتري من البضائع المستوردة، ويظهر قيمة المرأة فيما تقتني من أدوات الزينة وموديلات الحياة والمعيشة.

ويمكن القول إن كلا النسقين لا يعكسان الصورة الأمينة لواقع المرأة المطلوب..

لأن كلا النسقين يبطنان تهميشاً واقعياً للدور والمواقع والوظيفة الذي ينبغي أن تقوم به المرأة، فالمرأة ليست تحفة أثرية موقعها الأبدي هو البيت وشؤونه. كما أنها ليست سلعة متحركة أو وجوداً مادياً غريزياً فقط وأمام هذين النسقين، أضحى الإنسان فاقداً للتوازن والرؤية الوسطية والموضوعية.. فقد يستفزه ما يجره الطرح المادي التشييئي للمرأة من مفاسد وآلام نفسية واجتماعية، فيميل إلى التشدد في النظرة إلى المرأة، ويبدأ بالتضييق عليها سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجة..

وقد تستفزه مظاهر تهميش المرأة وانتقاصها، فيميل إلى تساهل يميع قضية المرأة، ويحولها إلى استغلال جنسي يلغي دورها الاجتماعي ليحولها إلى سلعة وبضاعة.. إن النظرة التشيئية إلى المرأة تعتبر أن جسدها هو رأسمالها الاجتماعي، فيختصر عالم اهتماماتها إلى حدود جغرافية جسدها فتوليه كل عناية واهتمام، حتى تضمن تسويق نفسها في مجتمعات الاستهلاك.

وعليه فإن كلا النسقين التقليدي والعصري ينتقصان من قيمة المرأة ويؤكدان حالة الاستلاب في مسيرتها الخاصة والعامة.. ولهذا نجد أن الثقافة السائدة داخل الأسرة والمجتمع ومؤسساته التعليمية ومنابره الإعلامية تكرس بأساليب مختلفة حقيقية أن الوجود الكياني للمرأة يختصر عند حدود جغرافية جسدها... وبطبيعة الحال إن اختزال الكيان النسوي على الشكل السابق، من شأنه أن يضخم الجانب الجسدي في اهتمامات المرأة.. وعندما يسجن الرجال النساء في قفص أنوثتهن فإنهم يسجنون أنفسهم بطبيعة الحال في قفص ذكورتهم وهكذا يغدو الجنس صنماً وتتحول العلاقات بين الرجال والنساء إلى علاقات بين أشياء وإن يكن لهذه الأشياء سلطان مختلف على حد تعبير كتاب (ما معنى أن تكن مستغلات).

المرأة والعمل:

من هنا فإن السؤال الذي يطرح في هذا المجال هو: ما هي مجالات عمل المرأة الذي تحقق من خلاله دورها ووظيفتها في المجتمع:

الحقل التعليمي:

مع التطور الكمي الموجود في المستوى التعليمي للمرأة.. إلا أن الملاحظة العامة على هذه المسيرة التعليمية في مجتمعنا، هي أن التطور الموجود سمح بإعادة إنتاج المواقع الهامشية للمرأة في صورة جديدة ترتبط بحالة التطور.. وإننا هنا لا ندعو إلى تبديل وتغيير الأنساق القيمية والدينية المرتبطة بالمرأة أو إلى "تشكيل إمبراطوريات نسوية أو أن تتمرد المرأة على العادات والتقاليد الإيجابية، وإنما نريد أن نؤكد أن التطور الهائل الذي حدث في بلادنا يدعونا إلى البحث عن الموقع الطبيعي الذي ينبغي أن تتبوأه المرأة في مجتمعنا.. وإن الإطار السليم لطرح مسألة التعليم النسوي، هو أنه حق إنساني وفعالية إنتاجية ضد الجهل والتخلف. وأن التعليم بالنسبة إلى المرأة مسألة ضرورية، وليست حاجة ثانوية يمكن الاستغناء عنها لأي سبب وعلة. ولا بد أن يرتبط تعليم المرأة بالحياة الحضارية للمجتمع، حتى لا يضحى التعليم مسألة شكلية هدفها تلبية تطلعات الأسرة أو المجتمع في الحصول على زوج مناسب أو ما أشبه.

وبالتالي فإن تعليم المرأة وتنمية ثقافتها ومعارفها ليس حلاً مؤقتاً ريثما يتم زواجها مثلاً، وإنما من الضروري احترام علم المرأة وثقافتها واعتباره هدفاً اجتماعياً بذاته، وتوفير كل الأطر والمؤسسات التي تستطيع من خلالها المرأة، أن تباشر دورها في عملية الإصلاح والتقدم. ومواصلة المرأة التعليم ووصولها إلى مستويات عليا فيه، ليس بديلاً عن ضرورة مشاركتها وتحملها المسؤولية في الشأن العام الاجتماعي والسياسي. إذ للمرأة الحق والمؤهلات، التي يجعلها تتحمل مسؤوليات عامة، وتساهم من مواقع اجتماعية وسياسية عديدة في تطوير المجتمع وتنميته على جميع الصعد والمستويات.

المرأة والتنمية:

إن إشراك المرأة في العملية التنموية، ليس لحاجة السوق إلى عنصر بشري أو ضرورة لعصرنة المجتمع. وإنما وبالدرجة الأولى حق طبيعي وإنساني.. ويقول في هذا الصدد الفيلسوف ابن رشد "لا تدعنا حالنا الاجتماعية نبصر كل ما يوجد في إمكانيات المرأة، ويظهر أنهن لم يخلقن لغير الولادة وإرضاع الأولاد. وقد قضت هذه الحالة من العبودية فيهن على قدرة القيام بجلائل الأعمال. ولذا فإننا لا نرى بيننا امرأة مزينة بفضائل خلقية وتمر حياتهن كما تمر حياة النباتات وهن في كفالة أزواجهن أنفسهم ومن هنا أتى البؤس الذي يلتهم مدننا".. فالمرأة بما تشكله من قوة عددية ونوعية ينبغي أن تشترك في مشروع التنمية الشاملة.. لأن مجتمعنا سليماً وعزيزاً لا يقوم أو يبني بدون مشاركة المرأة إيجابياً فيه..

والسؤال هو: كيف تستطيع المرأة في مجتمعنا أن تلبي تطلعاتها وطموحاتها، وتتحمل وظائفها ومسؤولياتها العامة، مع الالتزام بالقيم الدينية ومحاسن العادات والتقاليد في المجتمع. وفي البدء لا بد من القول: أن كل مجالات الحياة (على المستوى المبدئي) مفتوحة للمرأة، فهي كائن إنساني، يحق له كالرجل أن يتبوأ المواقع والمسؤوليات، ويتطلع إلى تلبية وإشباع تطلعاتها وطموحاتها وممارسة كل الأدوار والوظائف.

وكل هذه الأمور تماس في إطار الالتزام بالحجاب الشرعي والأخلاقيات العامة. لذلك من الخطأ التعاطي مع الشأن النسوي بصيغة ما هو المسموح لها، وذلك لأن هذه الصيغة، تستبطن الكثير من المحظورات والموانع التي لا تستطيع المرأة أن تتعداها. والتعامل السليم في تقديرنا مع المسألة النسوية يتم على قاعدة هذه القيم الرئيسية (الالتزام - المشاركة بكل مجالاتها وآفاقها - والمسؤولية بكل مقدماتها ومتطلباتها) وبالتالي فهي شقيقة الرجل في تحمل المسؤولية العامة وتطوير المجتمع وتنميته. وإن تراجع دور المرأة في مجتمعاتنا، أو وجود بعض المخاطر والتحديات، ينبغي أن لا يدفعنا إلى المزيد من خلق القيود على حركة المرأة. ولابد أن ندرك أن الكثير من التحديات أو المظاهر السيئة لواقع المرأة في مجتمعنا، هو من جراء تلك القيود الاجتماعية والسياسية التي تعمق خيار إقصاء وتهميش المرأة. وإننا نتطلع إلى واقع اجتماعي جديد، قوامه فسح المجال القانوني والاجتماعي للمرأة، لكي تمارس دورها العام، وتتحمل المسؤوليات وتقوم بالواجبات الاجتماعية والوطنية. وهنا لا ندعو القول أن هذه الضوابط والقيم، لا تمنع المرأة من أن تقوم بدورها العام في مختلف المجالات، بوصفها كائناً إنسانياً، له ما للإنسان وعليه ما على الإنسان.

فممارسة المسؤولية في الحياة العامة، واجب ديني وإنساني، ولابد من تهيئة الظروف لكي تمارس المرأة واجبها في هذا الإطار.

الحقل الثقافي:

إن الثقافة بتطلعاتها المشروعة وآفاقها العديدة، تبقى حبراً على ورق أو ذات تأثير فوقي في الكيان المجتمعي إذا لم يكن هناك اهتمام جدي بمسألة المرأة ومشاركتها الثقافية والاجتماعية.. كما أن إخراج المرأة من اهتماماتها الجزئية والنسوية المحضة إلى الهم الثقافي والمجتمعي العام، لا يتأتى إلا بدفع حركة الوعي عند المرأة حتى تنتقل من هذه الاهتمامات الجزئية والدونية إلى عالم المشاركة في صنع المعرفة وإنتاج الثقافة بما يفيد أبناء المجتمع عموماً..

وإننا نقول أن أنشطة المرأة الثقافية والأدبية والتوعوية، لا تختلف في مضامينها وأهدافها عن أنشطة الرجل. لذلك فإن مجالات أنشطة المرأة الثقافية هي ذاتها مجالات أنشطة الرجل..

وإن الإسلام لا يريد من المرأة أن تلتزم باللباس الإسلامي (الحجاب) وتنكفئ في بيتها لا تمارس أي دور اجتماعي أو ثقافي أو عام في حياتها.. وإنما نحن نقول أن إلزام المرأة بالحجاب، هو بداية المشوار وليست نهايته.. وإن اللباس الإسلامي ما هو إلا خطوة أولى في طريق انطلاق المرأة للقيام بواجباتها الثقافية والتوعوية..

إن مسؤولية المرأة تجاه مجتمعها وأمتها، تتطلب منها القيام بالأدوار الموكولة إلى الإنسان المسئول تجاه مجتمعه وأمته بصرف النظر عن جنسه سواء كان رجلاً أو امرأة..

وإن إصلاح وتطوير وضع المرأة في مجتمعنا، لا يمكن إلا من خلال قيم الدين، من خلال تفعيلها في الواقع المجتمعي. بعيداً عن تفسيرات الجمود والانزواء التي سادت في حقبة من الزمن.

ونحن في هذا الإطار بحاجة إلى إعادة قراءة قيم الدين والتجربة الإسلامية التاريخية في التعامل مع المرأة. إذ إنها تجربة ثرية في مشاركة المرأة وتحملها للمسؤولية على مختلف المستويات ولقد أجاد المرحوم عبد الحليم أبو شقة في موسوعته (تحرير المرأة في عصر الرسالة) في بيان وتوضيح أدوار المرأة ومسؤولياتها الكبرى في العهد النبوي الشريف. إن عدالة الشريعة الإسلامية، تقتضي التعامل مع المرأة بعيداً عن المسبقات الفكرية والاجتماعية، التي تعزل المرأة وتهون من دورها ووظيفتها في المجتمع. كما إننا بحاجة إلى إصلاح منظومة القيم الاجتماعية، حتى تنطلق المرأة في رحاب الحياة بالتزامها الشرعي بعيداً عن الانعزال والانكفاء من جانب وعن الاستلاب والتغرب من جانب آخر. فالعادات الاجتماعية ترى "أن المرأة فيها مهددة الوجود بين قطبين أحلاهما مر، في أحدهما يتربص التعسف من قبل التقليديين في استخدام حقوقهم الشرعية وتقليص ما نصبت عليه الشريعة من حقوق للمرأة في الكرامة والسكن والأمن والعدل. وفي الجانب الآخر هناك القطب المتغرب الذي يتبنى الخروج عن مرجعية الدين فيطيح بما بقي للمرأة من حقوق شرعية نتيجة الإطاحة بالمنظومة الدينية نفسها. وفي كلتا الحالتين كان الإفراط والتفريط من قبل الرجال في الدين سبباً في أزمة المرأة في مؤسسة الأسرة التي تمثل الوطن الأول للمرأة في الكيان الاجتماعي."

وفي إطار العمل على تطوير وضع المرأة في مجتمعنا، وإخراجها من دهاليز العزلة والتهميش، نرى من الضروري أن نؤكد على النقاط التالية:

1- إن نهوض المرأة في مجتمعنا، مرهون إلى حد بعيد بتحرير مبادئ الدين وقيمه من أسر الجمود واليباس والقراءات التاريخية المنطلقة في عصور التخلف والانحطاط. وذلك لأننا نرى أن الدين الإسلامي بقيمه الخالدة ومبادئه العليا، قد أولى للمرأة عناية خاصة، وأنزلها منزلة عليا في السلم الاجتماعي، وحثها على ممارسة دورها وتحمل مسؤوليتها بدون تمييز وتهميش.. ولكن عقلية الجمود وثقافة عصور التخلف والانحطاط، هي التي تمنع المرأة باسم الدين من القيام بأدوارها الطبيعية والإنسانية.. لذلك لا يمكن أن يتطور وضع المرأة في مجتمعنا، إلا بتحريره من قيم الجمود واليباس والقراءات الجامدة والحرفية للدين. فالدين بما يشكل من قيم ومبادئ، وبما ينسجه من منظومة قيمية على الصعيد المجتمعي، هو قاعدة تحرير المرأة من جمودها وهامشيتها على مختلف الصعد والمستويات.

2- لا شك أن شيوع ثقافة الاستبداد بكل مستوياتها، يساهم في إقصاء المرأة وتهميش دورها. وذلك لأن الثقافة الاستبدادية، لا تفرق بين رجل وامرأة.. ولذلك نستطيع القول: أن الاستبداد السياسي هو أحد المسئولين الأساسيين عن تهميش المرأة وإقصائها من الحياة العامة.. ولا يمكن أن تمارس المرأة حريتها ودورها الحقيقي، إلا بتفكيك ثقافة الاستبداد وأنماطه المغلقة، وإعادة كشف واستكناه معاني الحرية ومجالاتها وقيم حقوق الإنسان وسبل صون الكرامة الإنسانية.

فالحرية السياسية، ومقاومة كل أشكال الاستفراد بالرأي والقوة، هو أحد الأبواب الرئيسية، التي تمكن المرأة من الخروج من هامشيتها وعزلتها، وممارستها لدورها ومسؤولياتها في الحياة العامة.. ولا يمكن للمجتمع أو المرأة، مهما أويت من قوة أن تحصل على حقوقها غير منقوصة، بعيداً عن قيم الحرية السياسية وحقوق الإنسان.. فهي قاعدة نيل الحقوق، وهي وسيلة المجتمع للإنعتاق من آسار التخلف والاستبداد. وتقول في هذا الإطار (نظيرة زين الدين) ففتحت كتاب الله وكتب الحديث الشريف، وكتب الفقه والتفسير وأطلقت للعقل حريته في تعقلها فكان لي من كتاب الله وسنن رسوله أنواع هدى في الحرية، وحرية المرأة وحقوقها تستحي منه الشمس إذا طلعت.

3- إن المرأة في مشروع إصلاح أوضاعها للخروج من العزلة والهامشية، تتحمل مسؤولية رئيسية في هذا الإطار.. إذ أن حجر الأساس في هذا المشروع هو أن تتحرك المرأة من مواقع مختلفة لنيل حقوقها ورفع الحيف عنها. فمشاركة المرأة الفاعلة في قضايا الإصلاح والتطوير، هو مربط الفرس في هذه العملية.. ولا يمكن أن تنال المرأة حقوقها، بدون كفاح نسوي مستديم يستهدف تعميق الوعي بالحقوق والوظيفة الاجتماعية والحضارية، وامتلاك إرادة صلبة لتجاوز كل عقبات الطريق، وتحمل كل الأذى وذلك لنيل الحقوق، وتحرير المرأة من كل قيود التخلف والانحطاط. فحقوق المرأة في المجتمع، لا تعطى، وإنما تؤخذ بالوعي والإرادة والعمل المتواصل في هذا السبيل.. وعلى المرأة أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في هذا الإطار. فهي حجر الأساس في هذا المشروع، وبدونها يبقى الكلام حبراً على ورق، ووعداً بدون إرادة لإنجازه. والمرأة في كل المجتمعات، لم تحصل على حقوقها، إلا بكفاحها المستميت، وسعيها المتواصل لتجاوز كل ما يحول دون هذه الحقوق والمكتسبات. وإن هجر ميراث التخلف على هذا الصعيد، يتطلب دوراً نوعياً من المرأة تقوم به، لإثبات جدارتها وحقها الثابت في تحمل المسؤولية في الشؤون العامة.

وهذا بطبيعة الحال، يقتضي أن تهتم المرأة ببناء كفاءتها وتطوير قدراتها، وتجميع طاقاتها، حتى يتسنى لها من موقع القدرة والجدارة تحمل المسؤولية في الشؤون العامة.. وبالتالي فإن المرأة في مجتمعنا، مسئولة عن اجتراح مبادرات وأطر ومؤسسات وأجندة تستهدف بناء وتطوير الواقع النسوي في بلادنا.. ومفهوم القوامة في الإسلام {الرجال قوامون على النساء}، لا ينفي مسؤولية المرأة في هذه الحياة.. وإنما خطاب الآية موجه للرجال، بأنهم هم المسئولون عن توفير المستلزمات الضرورية للحياة وأسباب العيش الكريم لمن هم تحت مسئوليته ورعايته. وهذا بطبيعة الحال، لا يخول للرجل الاستبداد وإلغاء مكونات الأسرة والعائلة ودورهما في الاستقرار الأسري والاجتماعي.

فالعلاقة بين الرجل والمرأة، علاقة تكاملية، بحيث أن كل طرف من موقعه الاجتماعي والإنساني، يؤدي وظيفته، ويقوم بمسؤولياته.. قال تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم} والخطاب القرآني حينما يحث الإنسان على اكتساب القيم وتمثل المبادئ، لا يفرق بين الجنسين، بل هو خطاب مشترك لتكافؤهما في الأهلية والمسؤولية.. قال تعالى {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} وقال تعالى {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} فالرؤية القرآنية تؤسس الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة على أساس إنسانيتها وليس أنوثتها، لذلك فهي تشترك وفق الرؤية القرآنية في مسؤولية الإنسان في الحياة على مختلف المستويات. مع استثناءات بسيطة تذكرها كتب الفقه، لا تضر بالأصل ولا تسقطه.. فهي مطالبة بالعلم والعمل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واكتساب التقوى والدعوة إلى الدين والمساهمة في بناء الأسرة والمجتمع.. وهي عناوين كبرى تشترك والرجل في تحملهما للمسؤولية.. والخصائص الفسيولوجية للمرأة، لا تمنع بأي حال من الأحوال من تحملها للمسؤولية على المستويات الاجتماعية والثقافية والسياسية..

والحجاب ليس سجناً ومعوقاً للمرأة "فهي تستطيع أن تتمسك بالحجاب وتمارس في الوقت ذاته نشاطها في ميادين السياسة والاجتماع والثقافة والاقتصاد، غاية ما في الأمر أن عليها مراعاة القيم والتعاليم الإسلامية، الأمر الذي لا يمثل قيداً خاصاً للمرأة بل يشمل الرجل أيضاً، حيث عليه أن يحدد سلوكه السياسي والاجتماعي والاقتصادي بالشريعة".

المرأة والعمل السياسي:

من الطبيعي القول: أن السماح للمرأة بأن تتحمل مسؤوليتها العامة في المجتمع، لا يعني التشريع لها بأن تتخلى عن مهامها الأسرية والعائلية.. فالعمل بالنسبة إلى المرأة، ليس بديلاً عن عملها الأسري والعائلي. كما أن مسؤولياتها العائلية والأسرية، ليست مانعاً ومعوقاً عن القيام بأدوارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. وإنما هي أدوار ومهام مطلوبة من المرأة، وعليها أن تنظم أوقاتها وتبلور كفاءاتها، حتى تتمكن من القيام بكل المهام والوظائف.

والمقصود بالعمل السياسي بالنسبة إلى المرأة هو " العمل بالاستقلال والانفراد أو مع وفي ضمن أشخاص أو هيئات وتجمعات، في مجال الحكم وتكوينه بتشكيل السلطات (تشريعية وتنفيذية وإدارية) وتولي موقع من مواقع الحكم والسلطة في رئاسة الدولة أو مجالس الشورى (النيابية) أو الحكومة أو الإدارة، ووضع -أو المشاركة في وضع- السياسات العامة والخاصة للدولة في الداخل والخارج، ومراقبة سياسات وقرارات وأعمال السلطات، ونقدها أو تأييدها، وتكوين الجمعيات السياسية والانخراط فيها ".

وبهذا يتضح أن للمرأة في المجتمع المسلم، مطلق الحق في العمل السياسي والعام بكل مستوياته ومجالاته.. والتزامها الديني ليس مانعاً من الانخراط في الشؤون العامة، بل على العكس من ذلك، حيث أن التزامها الشرعي يحملها مسؤولية إضافية في هذا الإطار.. فإقصاء المرأة من القيام بواجباتها ومسؤولياتها العامة، ليس من صميم الدين، وإنما هو بفعل بعض التقاليد والأعراف الاجتماعية، وسعي بعض النخب لتوظيف هذه الأعراف بما ينسجم وخيارات الاستفراد والاستبداد. قال تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب).

فلا فرق ذاتي في الكرامة والأهلية والحقوق بين المرأة والرجل، ووجود وظائف متفاوتة للطرفين، لا يشرع بأي حال من الأحوال إلى إقصاء المرأة وتهميش دورها على الصعيد السياسي والعام. قال تعالى (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً).

وقد ترتب على ذلك وضع حقوق أثبته الشارع المقدس للمرأة في مجال الأهلية الشخصية (في الولاية على الذات) والاقتصادية، فأثبت لها الولاية على نفسها ومالها وعملها حين تبلغ سن التكليف وتكون رشيدة في تصرفها. ولم يجعل لأحد عليها ولاية في شيء إلا في موردين: أولهما - الأب والجد للأب في شأن الزواج إذا كانت بكراً، على القول الراجح عندنا مقابل قول باستقلالها المطلق وعدم ولايتهما، وهو القول المشهور، ولايتهما -بناء عليها- ليست مطلقة ولا استبدادية ولا استقلالية، بل هي في حدود النظر لمصلحة البنت وبضميمة ولايتها على نفسها.

وثانيهما- الزوج، في خصوص ما يتعلق بحقوق الزوجية في مجال الاستمتاع. وفيما عدا هذين الموردين لا قيد لها، ولا ولاية لأحد عليها.

والموارد المذكورة في الفقه كالشهادة وحق الطلاق والميراث، حيث اختلف الوضع الحقوقي بين الرجل والمرأة فهو لأسباب موضوعية ولا علاقة لها بكرامة المرأة وأهليتها في تحمّل المسؤوليات العامة.. وعليه لا يوجد في الشريعة الإسلامية نص، يحرم على المرأة أن تشارك في الحياة العامة في حدود الضوابط الشرعية المتعلقة بلباس المرأة، ونمط علاقتها بالرجال الأجانب، ومسؤولياتها الزوجية والعائلية. فالنصوص الشرعية التي تؤكد على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تشمل المرأة وليست خاصة بالرجل.. إذ قال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويأتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عز حكيم).

والمرأة في التجربة النبوية الكريمة، لم تكن بعيدة عن ممارسة مسؤولياتها العامة. فهي ساهمت مع الرجل في تقبل الدعوة والعمل على نشرها، وتحملت الأذى في سبيل ذلك، وتحملت عناء الهجرة والغربة، وشاركت في الحروب والغزوات. ولم تكن المرأة بعيدة عن كل مواقع الجهاد والدعوة إلى الإسلام في العهد النبوي الشريف..

ولنا في سيرة أمهات المؤمنين خديجة الكبرى وأم سلمة والسيدة فاطمة الزهراء والسيدة زينب بنت الإمام علي وسيدات مكة والمدينة خير دليل على تحملهن مسؤوليات جسام على مختلف الصعد والمستويات. وأنهن جميعاً مارسن العمل السياسي وتحملن في سبيل ذلك الكثير من المصاعب والمخاطر.. وفي سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام، هناك الكثير من النساء برزت أسماؤهن في هذا الإطار كسودة بنت عمارة بنت الأشتر، وبكارة الهلاية، ودارمية الحجونية وغيرهن..

والقرآن الحكيم يضرب مثلاً بامرأة تمتلك كل مقومات الحكمة والقدرة على الأمور وهي ملكة سبأ.. إذ كانت تدير قومها بالشورى والحكمة بعيداً عن الهوى والاستبداد. إذ قال تعالى {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم}. ويحدثنا القرآن الحكيم أيضاً في موقع آخر عن امرأة عظيمة أخرى ألا وهي السيدة مريم العذراء. بقوله تعالى: {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين}. ومن خلال صلاحها وخيرها العميم على الجميع نوديت من قبل قومها {يا أخت هارون}. فهي تجاوزت كل المسافات الزمنية لكي تواصل مسيرة الأنبياء والصالحين.

فالإسلام لا يمنع المرأة من ممارسة العمل السياسي بكل مجالاته ونيل حقوقها السياسية، بل على العكس من ذلك تماماً، إذ يحمّل المرأة مسؤولية العمل على تهيئة الظروف الذاتية والموضوعية لذلك.

وإن التحدي الكبير الذي يواجه مجتمعاتنا اليوم، هو كيف نفجر طاقات المرأة ونبلور إمكاناتها ومواهبها، حتى تنخرط بشكل فعال في شؤون المجتمع والأمة.

فالالتزام الديني لا يعني على الصعيد النسوي الهامشية والانعزال والاستكانة، بل يعني التحرر من كل التصورات الجاهلية التي تحول دون مساهمة المرأة في المجتمع، والانطلاق في رحاب الحياة بكل مجالاتها وآفاقها. فالدين لا يحول دون ممارسة المرأة لدورها العام في المجتمع، بل على العكس من ذلك، إذ يحمّلها مسؤولية في هذا الإطار، ويدفعها نحو الشهود وممارسة العمران الحضاري.

وعليه فإن الدين الإسلامي بكل قيمه وتشريعاته، لا يقف ضد المرأة وحقوقها. وإنما يتعامل معها باعتبارها إنسانة لها جملة من الحقوق وعليها مثلها من الواجبات والمسؤوليات.

وإن وجود واقع نسوي متأخر، هو وليد الظروف الاجتماعية والثقافية، وليس وليد الإسلام ومفاهيمه الكبرى. لذلك نحن بحاجة إلى إعادة تأسيس رؤيتنا للمرأة، استناداً إلى قيم الإسلام ومثله العليا، بعيداً عن ضغوطات الواقع أو إكراهات الأعراف والعادات.

لكل ما ذكر أعلاه، من الطبيعي القول: إن الدين الإسلامي بكل قيمه وتشريعاته، لا يقف ضد حقوق المرأة ولا يحول دون ممارستها لمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية والدينية.

وان الكثير من المعوقات والعقبات الثقافية والاجتماعية التي تمنع المرأة من ممارسة أدوارها ووظائفها العامة، هي معوقات مجتمعية وليست دينية وقيمية.

لذلك فإن العمل على إعادة تأسيس رؤية الإسلام للمرأة وعملها ووظائفها العامة، بعيدا عن المسبقات الفكرية والثقافية والأعراف الاجتماعية الضاغطة، سيساهم بشكل كبير في خلق رؤية دينية جديدة، تبدد سيئات العادات وتحول دون الخلط التعسفي والظالم بين قيم الدين ومثله العليا وأعراف المجتمع وعاداته وتقاليده.

فحجر الأساس في مشروع إعادة تأسيس رؤية وموقف الدين الإسلامي من المرأة وكل شؤونها العامة، هو فك الارتباط بين قيم الدين وأعراف المجتمع وتقاليده.

فعادات المجتمع وتقاليده، هي وليدة تراكم اجتماعي-ثقافي استند إلى فهم بشري للدين وقيمه.

ودفع هذا الفهم إلى الصدارة أو التعامل معه وكأنه هو الدين الخالد، يعد ظلما صريحا لقيم الدين التي تتجاوز الزمان والمكان، وكذلك الفهم البشري للدين الذي هو وليد بيئته الاجتماعية وظروف وتأثيرات الزمان والمكان.

من هنا فإن الحاجة ماسة وضرورية لممارسة النقد الثقافي والاجتماعي لتلك العادات والأعراف التي تحول دون ممارسة المرأة لأدوارها الدينية والاجتماعية والإنسانية.

وإننا ندعو إلى محاكمة ومساءلة كل أعرافنا وعاداتنا الاجتماعية على ضوء قيم الدين ومثله العليا.

وكل عرف انسجم وهذه القيم، لابد من حمايته وتعزيزه. أما ذلك العرف أو العادة التي نكتشف أنها لا تنسجم وقيم الدين ومبادئه الأساسية ينبغي أن نمتلك الشجاعة الكافية للقول وبصريح العبارة إن هذه العادة لا تنسجم وقيم الدين. ومن الضروري أن لا تكون حائلاً دون ممارسة حياتنا الاجتماعية والعامة وفق مقتضياتها ومتطلباتها.

فالمطلوب دائماً وأبدا هو عرض وقائعنا الاجتماعية وأعرافنا اليومية الحياتية على قيم الدين ومرتكزاته الأساسية، والذي يوافق هذه المرتكزات نقره ونأخذ به، وما يخالفها نعمل على خلق وقائع ثقافية واجتماعية تتجاوزه على المستويين الخاص والعام.

ونرتكب جريمة كبرى بحق قيمنا ومبادئنا ومنجزاتنا التاريخية، حيثما نخضع قيمنا ومبادئنا الدينية لأعرافنا وعاداتنا الاجتماعية.

ولعل من أهم المشاكل التي تواجه المرأة في واقعنا الاجتماعي اليوم، هو هذا الخلط الأعمى بين قيم الدين التي تصون كرامة المرأة وتفسح لها المجال لممارسة دورها والقيام بواجباتها، وتلك الأعراف والعادات الاجتماعية، التي هي وليدة بيئة محددة، التي تمنع المرأة من القيام ببعض الأدوار والوظائف وتتعامل معها بوصفها مصدرا للشرور والإغواء بكل صوره وأشكاله.

فالخطاب القرآني في تكاليفه الشرعية الأساسية، لم يفرق بين الرجل والمرأة، بل هو خطاب يشملها ويطالب الجميع بصرف النظر عن جنسه القيام بواجباته الشرعية ومسؤولياته الاجتماعية.

إذ يقول تبارك وتعالى (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً). (سورة الأحزاب، الآية 35).

فالخطاب القرآني حينما يتحدث عن المجتمع، فإنه يتضمن الرجال والنساء فيما يريد الإسلام أن يصل إليه في مجال التربية الروحية والعملية، التي تؤكد على مواقع القوة فيما هي مواقع الالتزام في الشخصية المسلمة.. إنه مجتمع المرأة الملتزمة، والرجل الملتزم في الإخلاص لله عز وجل.

لهذا فإن الحاجة قائمة لتنمية هذا العمق الإنساني الذاتي في المرأة، وذلك بالتخطيط لبناء شخصيتها على أساس تقوية الطاقة العقلية لديها بالتجربة الحية، والمعرفة الواسعة والعمل على انفتاح طاقاتها على القضايا الإنسانية الكبرى فيما هي المسؤولية الشاملة في قضايا الحياة، لتؤكد نجاحاتها في هذه الدوائر.

وإذا كان العنصر الأنثوي يختزن بعض الضعف في شخصيتها انطلاقاً من الجانب العاطفي الأكثر بروزا في مشاعرها، أو الجانب الجسدي الذي لا يستطيع حمل الأثقال كما هو الرجل، فإن ذلك لا يمنع من تحويل هذا الضعف إلى قوة، بتربية الفكر وبالمعرفة، وتقوية العقل بالممارسة، وضبط العاطفة بالوعي القائم على مواجهة الأمور بطريقة موضوعية من خلال منهج تربوي-عملي متوازن.

ويقول عز من قائل (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم، وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم). (سورة التوبة، الآية 71- 72).

إن هذه الآية الكريمة تصور حالة المجتمع المتكامل في وقوف المؤمنين والمؤمنات معا في علاقة المسؤولية المشتركة في مواجهة شؤون الحياة المختلفة.

وإن مسؤوليات المرأة - الزوجة، أو المرأة الأم، لا تلغي شخصية المرأة كإنسان لهذا من الضروري أن تضيف إلى الإنسانية شيئا من عطائها الثقافي والاجتماعي والسياسي في المجالات التي تستطيع أن تحركها في هذه الاتجاهات.

لذلك نجد أن شخصية المرأة التي تبلورها وتطرحها النصوص القرآنية، هي المرأة المثال والنموذج، والتي تتحمل مسؤولياتها الخاصة والعامة. وإن طابعها الأنثوي لا يلغي دورها كإنسانة بإمكانها أن تباشر دورها ووظيفتها بما ينسجم وخصوصياتها الجسمية والنفسية.

وهكذا ضربها الله مثلا للمؤمنين والمؤمنات لتكون القدوة لهم في النموذج الأمثل للقوة الإيمانية الإنسانية المتمردة على جبروت الظلم بكل إغراءاته وملذاته. كما ضرب الله مريم من بعدها لهم مثلا في الصفة الأخلاقية في مستوى القمة، كما كانت النموذج الأمثل في التصديق بكلمات ربها وكتبه وفي القنوت الخاشع لله في حياتها كلها حتى كانت حياتها صلاة كلها. وهذا ما جاء في قوله تعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين، ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين). (سورة التحريم، الآية 11- 12).

فالدين الإسلامي ينظر إلى إنسانية المرأة والرجل بمنظار واحد في مسألة التكوين، وفي مسألة المسؤولية، ويدعوهما معا إلى صنع حركة الحياة والمجتمع بما ينسجم والرؤية الربانية للحياة والكون.

لذلك كله فإن البداية السليمة لإعادة تأسيس رؤيتنا وموقفنا من المرأة، هي تحررنا جميعا حين التفكير وصناعة الرؤية من قيود الأعراف والتقاليد والاستناد الواعي والحكيم على قيم الدين ومبادئه التي تشرع لأحكام وأوضاع المرأة في المجتمع المسلم.

ومن المؤكد أن هذه العملية تتطلب الالتزام بالعناصر التالية:

1- تطوير نظام التفكير والرؤية لدينا جميعا لمسألة المرأة وقضايا عملها وحركتها في الحياة. إذ لا يمكن أن نكتشف رؤية الإسلام الحقيقية وبعيدا عن المسبقات وضغوطات العادات والأعراف، إلا بتجديد نظام التفكير والرؤية لدينا تجاه مسألة المرأة. حيث إننا نختزن في داخلنا وفي منطقة اللاوعي رؤية تنظر للمرأة من زاوية أنها أنثى فحسب. لذلك فإن أغلب عناصر رؤيتنا وموقفنا تتجه صوب حماية هذه الأنثى. غافلين أو متغافلين عن البعد الإنساني العميق للمرأة.

فكما لا يجوز أن ننظر إلى الرجل بوصفه ذكراً فقط، كذلك من الظلم الفادح أن نتجاهل إنسانية المرأة ونضخم بعدها الأنثوي في النظر إلى موقعها ودورها. إن هذه الرؤية هي التي تدفعنا إلى تكثير الممنوعات وزيادة عناصر الحذر والحيطة.

لذلك فإننا مطالبون ومن مواقعنا المختلفة، بتحديد نظام تفكيرنا ورؤيتنا للمرأة، بحيث نعيد الدور والاعتبار إلى إنسانيتها وأنها شريكة الرجل في الحياة والتكاليف الشرعية والمسؤوليات بكل مستوياتها.

2- لكل نمط من أنماط الحياة تحدياتها وتداعياتها وتأثيراتها المتباينة. وحينما ندعو إلى ضرورة فك الارتباط بين قيم الدين وعادات المجتمع وإشراك المرأة في شؤون ومسؤوليات الحياة المتعددة، لا يعني بأية حال من الأحوال أن هذا النهج أو النمط من الحياة يخلو من الآثار والتحديات التي يطلقها في الحياة الخاصة والعامة. ولكننا نقول:

إن المخاطر المترتبة من انكفاء المرأة وعزلتها أكبر وأخطر من مخاطر وتحديات فتح المجال القانوني وفق هدي الشريعة لممارسة دورها ومسؤولياتها العامة.

ووجود تحديات وآثار مترتبة على ذلك، لا يلغي هذه الرؤية التي تنسجم في تقديرنا مع رؤية الإسلام للمرأة.

وتأمل دقيق للنماذج التي طرحها القرآن الحكيم للمرأة، يجعلنا نعتقد بشكل لا لبس فيه، أن المرأة تتحمل من الأدوار والمسؤوليات ما يتجاوز حدود بيتها والتزامها بالحجاب الشرعي. كما أن نماذج المرأة في التجربة الإسلامية التاريخية تتناغم وتنسجم مع ما ندعو إليه من ضرورة إشراك المرأة ووفق الضوابط في شؤون ومسؤوليات الحياة المختلفة. ولقد آن الأوان لتجلية رؤية الإسلام العزيز للمرأة في مختلف مرافق الحياة بعيدا عن هواجسنا وأمزجتنا وعاداتنا الاجتماعية.

المرأة بين النص والواقع:

ثمة عوامل وأسباب عديدة، ساهمت بشكل أو بآخر في التباس الرؤية تجاه واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية المعاصرة. فالنصوص الإسلامية الثابتة واضحة في رؤيتها تجاه المرأة، وأن مكانتها هي مكانة مساوية للرجل. إذ يقول تبارك وتعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (النساء، الآية 1). فهذه الآية لا تفرق بين الرجل والمرأة، وتنص على أن الأصل الإنساني واحد. وبالتالي لا ميزة تكوينية للرجل على المرأة. فكلاهما خلق بطريقة واحدة. والخطيئة الإنسانية الأولى لم تكن من صنيعة المرأة بوحدها، وإنما الذي ارتكبها الرجل والمرأة معا. إذ يقول تبارك وتعالى (وقلنا يا أدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين) (البقرة، الآية 35 – 36). فلا تتحمل المرأة بوحدها مسؤولية تلك الخطيئة، بل يتحملها الإنسان رجلا وامرأة.

لهذا فإن الخطوة الأولى في مشروع إعادة بناء الرؤية الاجتماعية والثقافية تجاه المرأة، تتجسد بفك الارتباط بين الرؤية الإسلامية الأصيلة للمرأة، والتي هي رؤية التكريم والمسؤولية المتبادلة في كل شيء مع شريكها الآخر في الحياة وهو الرجل. وبين الإسرائيليات والأساطير والتي تسربت إلى بنيتنا الثقافية والاجتماعية، وساهمت بتشويه رؤيتنا وموقفنا من المرأة. فالمرأة ليست أقل من الرجل في إنسانيتها، كما أنها ليست المسئولة بوحدها عن خطيئة الإنسان الأولى. والغواية كمسلك يمارسه الرجل والمرأة، وهي لا تخضع لاعتبارات طبيعية خاصة بالمرأة بوحدها.

لهذا فإن واقع المرأة السيئ في العديد من الدول العربية والإسلامية، يعود بالدرجة الأولى إلى طبيعة الأنساق والخيارات الثقافية التي حكمت رؤية هذه المجتمعات للمرأة. وانعكست طبيعة هذه الخيارات في المهام والأدوار والوظائف التي تمارسها على صعد الحياة المختلفة.

فالإشكاليات العميقة التي تعاني منها المرأة اليوم في المجتمعات المعاصرة، ليست وليدة النصوص الإسلامية العامة، بل وليدة الخيارات الثقافية والاجتماعية التي ليست بالضرورة منسجمة والروح العامة للنصوص والتوجيهات الإسلامية.

وهذا بطبيعة الحال لا يعني رفع النقد عن الكثير من التوجهات والخطابات الإسلامية الخاصة بالمرأة، والتي ساهمت بشكل أو بآخر في طبيعة الإشكاليات التي تعانيها المرأة اليوم في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. إذ أن بعض الأفهام الدينية عملت على عزل المرأة ودفعها نحو الانكفاء، وفق رؤية دينية نحن أحوج ما نكون اليوم إلى مراجعتها وتجاوز نقاط الضعف الجوهرية فيها.

فالخطاب الديني الموجه إلى المرأة في بعض جوانبه، يدفع المرأة إلى تبني خيارين لا ثالث لهما فإما العزلة والانكفاء أو التمرد على الثوابت والضوابط الشرعية. بينما لو تأملنا في التوجيهات الإسلامية العامة، لرأينا أن بإمكان المرأة أن تقوم بكل الأدوار والوظائف الإنسانية مع حفاظها على عفتها وسترها. ومن الخطأ التعامل مع هذه المسألة على سبيل المقايضة فإما الالتزام الذي يساوي العزلة والانكفاء أو التحرر من كل الثوابت. بينما التوجيهات الإسلامية مع التزام المرأة، ذلك الالتزام الذي لا يخرجها عن نطاق المسؤولية الدينية والإنسانية. لذلك يقول تبارك وتعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) (الحجرات، الآية 13).

فالخطاب المجتزأ حول المرأة، ساهم في تغييب الرؤية الحقيقية والشاملة حول دور المرأة في المجتمع. فالمرأة شقيقة الرجل وصنوه في الإنسانية والمسؤولية الربانية المناطة بالإنسان. وهذه العناصر بمقتضياتها ومتطلباتها، هي القاعدة الفكرية العريضة التي توضح الرؤية الإسلامية للمرأة. فالثقافة التحقيرية للمرأة، ليس لها صلة حقيقية بالإسلام ومبادئه الأساسية. وتصوير أن الثقافة التحقيرية للمرأة، هي جزء من التصور الإسلامي لموقع المرأة في الحياة، فيه تجني وظلم للإسلام والمرأة معا. فالإسلام كدين جاء من أجل تحرير الإنسان رجلا وامرأة من كل الإكراهات والضغوطات، التي تكبل الإنسان وتحرمه من ممارسة الحياة على أكمل وجه. وهو ظلم وإجحاف بحق المرأة، حينما نلغي حقيقتها وجوهرها الإنساني، ونتعامل معها بوصفها موضوعا للفتنة والإغراء وما أشبه ذلك.

على كل حال فإننا نعتقد أن المرأة المسلمة اليوم تعيش وتعاني من إشكاليات عديدة، لا يمكن تطوير واقعها وإحداث تحولات نوعية في مسيرتها، بدون معالجة هذه الإشكاليات وتفكيك هذه العقد النظرية والاجتماعية والثقافية، التي تمنع أن تقوم المرأة بدورها الحضاري والإنساني.

وفي هذا الإطار لعلنا لا نجانب الصواب حين القول: إن المشاكل الكبرى التي تواجه المرأة المسلمة اليوم، وتمنعها من القيام بأدوارها ووظائفها الإنسانية والتنموية، هي وليدة الأفهام الضيقة والأعراف والتقاليد التي لبست بشكل أو بآخر لبوس الدين والقيم الإسلامية الثابتة. فقيم الدين الإسلامي لا تشرع حبس المرأة عن دورها الاجتماعي والحياتي الطبيعي، ومن يعمل على إقصاء المرأة من أدوار ووظائف الحياة المختلفة، فإنه يشوه قيم الدين، ويعطل طاقة إنسانية خلاقة بإمكانها أن تقوم بالكثير من دروب التطور والتقدم الإنساني.

وفي المقابل أيضا فإن قيم الدين الإسلامي، لا تشرع إلى الميوعة والتفلت من الضوابط الشرعية والأخلاقية. وعليه فإن القيم الإسلامية تفسح المجال للمرأة لكي تقوم بأدوارها التنموية ووظائفها الاجتماعية مع التزامها بضوابط الشرع ومحاسن العادات والأعراف. ولا يصح لنا منع المرأة من القيام بذلك بدعوى وجود نماذج نسوية متفلتة أو بعيدة عن الالتزام بضوابط الشرع، فهذا حق من حقوق المرأة الأصيلة، وعلينا تهيئة كل الظروف والشروط لكي تمارس المرأة هذا الحق بعيدا عن المسبقات الاجتماعية الجاهزة التي لا ترى البعد والجوهر الإنساني في تعاملها مع المرأة في كل عناوينها وقضاياها المختلفة.

وفي هذا السياق نود التأكيد على النقاط التالية:

1- ضرورة فك الارتباط بين القيم والمبادئ الإسلامية الثابتة والأعراف والتقاليد الاجتماعية والتي تشكلت من خلال البيئة والحياة الاجتماعية للناس. وهنا ندعو الباحثين والباحثات إلى عرض كل الأمثلة الشعبية المتداولة والمرتبطة بالمرأة إلى النصوص الإسلامية فما وافق هذه النصوص أخذنا به، وما خالف هذه النصوص تجاوزناه على الصعيدين النظري والعملي.

وذلك لأن الكثير من المشاكل التي تثار حول الرؤية الإسلامية تجاه المرأة وموقعها في مشروعات التنمية والحياة العامة، هي من جراء عدم التمييز بين القيم والمبادئ التي تشكل حجر الزاوية في مشروع الرؤية والموقف، والأعراف والتقاليد التي هي وليدة بيئة وظروف محددة. وإن رؤيتنا تجاه المرأة وقضاياها المختلفة ينبغي أن تكون مستمدة من القيم والمبادئ، وليس تكيفا مع الأعراف والتقاليد. وهذا لا يعني بطبيعة الحال اتخاذ موقف سلبي من كل الأعراف والتقاليد. ولكننا نقول إننا ضد كل الأعراف التي تحول دون اكتشافنا لرؤية الإسلام الحقيقية لمسألة المرأة في الواقع المعاصر.

فالمطلوب أن تكون المبادئ والقيم الثابتة للإسلام، هي التي تصيغ رؤيتنا وموقفنا من المرأة وقضاياها المختلفة. وهذا لا يتأتى إلا بنقد وتفكيك الأعراف والتقاليد التي لا تنسجم وثوابت الدين وخياراته العليا في الحياة.

2- إن تطوير واقع المرأة المسلمة اليوم، ليس من المهام الخاصة بالمرأة فحسب. بل هي مسؤولية كل الفئات والشرائح في المجتمع. ولعلنا لا نبالغ حين القول: أن أحد المعايير الأساسية، التي نتمكن من خلالها أن نقيس مدى تقدم أي مجتمع هو معيار واقع المرأة في هذا المجتمع. فإذا كانت المرأة مغيبة عن الحياة ووظائف التنمية الشاملة، فإن هذا المجتمع يعيش التأخر، حتى ولو ادعى التقدم. أما المجتمع الذي تمارس فيه المرأة أدوارها الطبيعية والإنسانية، فإن هذا المجتمع يعيش التقدم والتطور، حتى ولو كان يعاني مآزق ومشكلات عديدة في راهنه.

وذلك لأن طريق التقدم، به مشاكل وأزمات، كما أن طريق التخلف به مشاكل وأزمات، ولكن الفارق الجوهري هو في خط السير وطبيعة المشاكل التي تعترض المجتمعات.

لهذا كله فإنه لا يمكن لنا كمجتمع أن نتقدم، إلا بتقدم المرأة في مجتمعنا. ولا يمكن أن تتقدم المرأة في مجتمعنا، إلا بصياغة رؤية وخطاب جديد، يتجه إلى المرأة والمجتمع معا. خطاب لا يدفع نحو الانكفاء والانعزال، كما أنه لا يحرض على الانفلات الأخلاقي والاجتماعي. خطاب لا ينظر إلى المرأة بوصفها أنثى فحسب، بل هي أولا وقبل كل هذا هي إنسان لها كامل الحقوق وعليها كامل الواجبات. والاستثناءات في هذا السياق، لا تشرع إلى نبذ المرأة أو التعامل الدوني معها.

3- إن إزالة المعوقات الثقافية والاجتماعية التي تحول دون ممارسة المرأة لدورها ووظائفها الإنسانية والحضارية، يتطلب العمل على خلق نهضة ثقافية – اجتماعية تطرد من فضائنا الاجتماعي والثقافي كل عوامل الجمود وأسباب الانحطاط والتأخر، وتؤسس لوضع اجتماعي – ثقافي جديد، يحترم حقوق الإنسان رجلا وامرأة، ويتفاعل على نحو إيجابي مع مكاسب العصر والحضارة الحديثة.

وجماع القول: إننا بحاجة إلى رؤية جديدة في التعاطي مع شؤون المرأة وقضاياها في مجتمعنا، حتى نتمكن من الخروج من كل تلك الإشكاليات والمآزق لخلق واقع جديد للمرأة، يحترم خصوصياتها، ولكنه لا يمنعها من القيام بالأدوار والوظائف الإنسانية والحضارية المتعددة.

اضف تعليق