q
تتطلب زيادة انتشار ونمو طاقة الرياح عالميًا -التي تؤدي دورًا مهمًا في الحدّ من تأثيرات ظاهرة تغير المناخ وتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير المزيد من فرص العمل- معالجة التحديات التقنية للطاقة المتجددة، والتغلب على المشكلات الرئيسة في العلوم والابتكارات، وإحداث تغييرات مجتمعية...

تتطلب زيادة انتشار ونمو طاقة الرياح عالميًا -التي تؤدي دورًا مهمًا في الحدّ من تأثيرات ظاهرة تغير المناخ وتعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير المزيد من فرص العمل- معالجة التحديات التقنية للطاقة المتجددة، والتغلب على المشكلات الرئيسة في العلوم والابتكارات، وإحداث تغييرات مجتمعية.

وأظهرت دراسة حديثة نشرتها مجلة نيتشر إنرجي، مؤخرًا، أهمية إجراء أبحاث متعددة التخصصات تعمل على التغلب التحديات التقنية وفق الديناميكيات المجتمعية، ويهدف هذا النهج إلى جعل الطاقة المتجددة مستدامة تقنيًا واجتماعيًا، وفقًا لما نشره موقع "إي في ويند" (evwind).

يأتي ذلك في وقت أصبح فيه نمو طاقة الرياح عالميًا -بصفتها جزءًا مهمًّا من التحول العالمي إلى الطاقة النظيفة- يتطلب معالجة المشكلات التي تعترض زيادة انتشار الطاقة المتجددة.

وهذا يستدعي اتّباع نهج اجتماعي تقني يراعي الجوانب الفنية والاجتماعية لتصميم وتنفيذ أنظمة الطاقة المتجددة، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

تجدر الإشارة إلى أن اتخاذ قرارات التصميم المتعلقة بالطاقة المتجددة لا يخضع غالبًا للنقاش الوافي، ما يؤدي إلى تجاهل المخاوف العامة أو معالجتها بعد فوات الأوان.

ويمكن لهذا النقص في مشاركة الجمهور أن يقوّض التحول الأساسي في مجال الطاقة، وأن يسهم بإبطاء نمو طاقة الرياح عالميًا.

التغلب على المشكلة

تبرز الحاجة إلى منظور متعدد التخصصات لفهم الطبيعة الاجتماعية والتقنية لتحول الطاقة، بهدف التغلب على هذه المشكلة، ويُعدّ التعاون بين العلوم التقنية والاجتماعية أمرًا بالغ الأهمية للتعامل مع المجتمعات المحلية والمجتمع عمومًا لإبراز دورها وأهمية تعاونها.

لذلك، ينبغي أن يشمل هذا التعاون زيادة المشاركة العامة في مراحل التخطيط والتطوير، فضلًا عن مراحل التصميم ومراحل نهاية العمر لأنظمة الطاقة المتجددة.

ويشير مؤلفو الدراسة البحثية، التي نشرتها مجلة نيتشر إنرجي، مؤخرًا، إلى أهمية التعرف على التحديات الكبرى التي تواجه نمو طاقة الرياح عالميًا من منظور العلوم التقنية والاجتماعية.

في المقابل، فإن عدم الاتفاق بين هذين التخصصين بشأن أهم التحديات يمكن أن يعوق التقدم في قطاع طاقة الرياح، وفي حال عدم معالجة هذه الفجوات البحثية الاجتماعية والتقنية، فإنها قد تصبح تحديات كبيرة في حدّ ذاتها.

نمو طاقة الرياح عالميًا

ومع تزايد حجم توربينات الرياح وانخفاض توافر الأراضي، تتزايد المعارضة المحلية لنشر البنية التحتية الجديدة لطاقة الرياح، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

على صعيد آخر، فإن فهم الأسباب الكامنة وراء هذه المعارضة أمر بالغ الأهمية، لضمان عدم تعريض طموحات المناخ للخطر، ومن الضروري إيجاد أساليب جديدة لمعالجة هذه الخلافات وسدّ الفجوة بين المنظورين التقني والاجتماعي.

وتدعو هذه الدراسة إلى مراعاة المنظور الاجتماعي التقني لمواجهة التحديات الكبرى في مجال طاقة الرياح، ومن خلال تبنّي هذا النهج، يستطيع الباحثون والصناعة والمجتمع العمل معًا للتغلب على العقبات والصراعات التي تنشأ خلال تحول الطاقة.

ويعتقد المؤلفون أن الوقت قد حان لاستكشاف وجهات النظر المتعددة لضمان نجاح نمو طاقة الرياح عالميًا، وغيرها من تقنيات التخفيف من آثار تغير المناخ.

ويعتمد نجاح هذه الجهود بشكل كبير على طريقة مشاركة المجتمع في تطوير البنية التحتية اللازمة لنمو طاقة الرياح عالميًا، ورغم وجود تحديات كبيرة في كل من المجالات التقنية والاجتماعية، فإن القليل من الأبحاث بذلت جهودًا كبيرة للربط بينها.

أهمية مصادر الطاقة المتجددة

أصبحت مصادر الطاقات المتجددة مسؤولة عن إمدادات الكهرباء للمدن الكبيرة، ومن ثم، هناك حاجة لمصادر الطاقة هذه لتكون قادرة على تقديم مستوى محدد من الخدمة.

ويُعدّ مستوى الخدمة أمرًا معقدًا بالنسبة لمزارع الرياح، تحديدًا، بسبب الضغط العالي والظروف المناخية القاسية التي تعمل فيها، وفقًا لما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وعادةً ما يُحَقَّق مستوى أعلى من الخدمة عن طريق تخصيص موازنة لتشغيل المحطات، تشمل نفقات الصيانة وإدارة الأصول لتقليل مخاطر التعطل والانقطاع.

وتُصَمَّم توربينات الرياح التجارية التقليدية وتُعتَمَد، عادة، لمدة 20 عامًا من التشغيل، ويتضمن التصميم مواصفات المكونات الهيكلية الرئيسة للتوربينة مثل الشفرات والأبراج والأساسات وحلقات الانعراج ومحامل الميل ومكونات مجموعة القيادة.

بدورها، تتعرض المكونات الهيكلية للتوربينات لأحمال الإجهاد الدورية، ومن ثم فإن موثوقية واحتمال فشل هذه المكونات تزداد مع اقتراب التوربين من نهاية عمره التصميمي، حسبما نشره موقع شركة ويليس تاورز واتسون (wtwco) البريطانية-الأميركية.

على سبيل المثال، تمّ تصميم المحامل الدوارة في التوربينات على أساس موثوقية بنسبة 90%، ما يعني أن احتمال تعطّل المحامل قبل نهاية عمر التصميم المحدد البالغ 20 عامًا هو 10%.

إضافة إلى ذلك، يتطلب الجزء الخارجي للشفرة (بما في ذلك الحواف الأمامية) صيانة مستمرة وشاملة مدى الحياة، ولذلك تُصَمَّم العناصر الهيكلية لتدوم طوال العمر التصميمي المقصود (أي 20 عامًا).

10 معلومات عن تطور طاقة الرياح في أميركا والعالم

شهدت طاقة الرياح في أميركا تطورًا على مرّ العصور، بدءًا من طواحين الهواء، وصولًا إلى توربينات الرياح لتوليد الكهرباء، بما يخدم أهداف المناخ.

ومنذ تولّيه منصبه، أطلق الرئيس جو بايدن خطة المناخ الأكثر طموحًا في التاريخ، وستستمر طاقة الرياح البرية والبحرية في أداء دور مهم بتحقيق أهداف الطاقة النظيفة غير المسبوقة لإدارة بايدن.

وحددت إدارة بايدن هدف نشر 30 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية بحلول عام 2030، في إطار خطط طموحة لتحقيق الحياد الكربوني.

وبشكلٍ عام، مثّلت طاقة الرياح في أميركا 22% من قدرة الكهرباء الجديدة المثبتة في عام 2022، وفق الأرقام التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

أبرزت وزارة الطاقة الأميركية -في تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة- تطور طاقة الرياح في أميركا والعالم، عبر 10 نقاط:

استعملت الحضارات الإنسانية طاقة الرياح منذ آلاف السنين؛ فقد استُعملت الأشكال المبكرة من طواحين الهواء الرياح لسحق الحبوب أو ضخ المياه، والآن، تستعمل توربينات الرياح الحديثة الرياح لتوليد الكهرباء.

تُعدّ توربينات الرياح اليوم آلات أكثر تعقيدًا بكثير من طاحونة الهواء التقليدية؛ إذ تحتوي توربينات الرياح على ما يصل إلى 8 آلاف مكون مختلف.

كما تُعدّ توربينات الرياح كبيرة الحجم؛ إذ يبلغ متوسط طول شفرات توربينات الرياح 210 أقدام، ويبلغ متوسط ارتفاع أبراج التوربينات أكثر من 320 قدمًا، أي أطول من تمثال الحرية.

ويتزايد أيضًا متوسط قدرة التوربينات، ما يعني أن لديها مولدات أكثر قوة؛ فقد بلغ متوسط قدرة توربينات الرياح على نطاق المرافق التي رُكِّبَت في أميركا نحو 3.2 ميغاواط في عام 2022، بزيادة قدرها 7% عن العام السابق (2021).

سرعات الرياح الأعلى تعني المزيد من الكهرباء، كما أن توربينات الرياح تصبح أطول لتصل إلى ارتفاعات أعلى فوق مستوى سطح الأرض، إذ تهبّ الرياح بصورة أكبر.

يُصَنَّع العديد من مكونات توربينات الرياح في أميركا محليًا، مع أكثر من 500 منشأة تصنيع مرتبطة بالرياح في جميع أنحاء البلاد، فضلًا عن توظيف أكثر من 125 ألف شخص حاليًا.

تمثّل الرياح البحرية فرصة كبيرة لتوفير الكهرباء للمدن الساحلية ذات الكثافة السكانية العالية؛ فهناك مشروعات صغيرة رُكِّبَت قبالة سواحل رود آيلاند وفيرجينيا، وعشرات المشروعات الأكبر قيد التنفيذ.

طاقة الرياح على نطاق المرافق (من توربينات تزيد عن 100 كيلو واط) مثبتة في 42 ولاية أميركية.

وكان لدى 35 ولاية، بالإضافة إلى بورتوريكو، أكثر من 100 ميغاواط من طاقة الرياح في نهاية عام 2022، منها 23 ولاية تتجاوز 1 غيغاواط (أو 1000 ميغاواط)، و19 ولاية تتجاوز 2 غيغاواط، و17 ولاية تزيد عن 3 غيغاواط.

قامت الولايات المتحدة بتركيب ما يزيد عن 144 ألف ميغاواط من طاقة الرياح، ما يجعلها أكبر مصدّر للطاقة المتجددة في البلاد.

وفي عام 2022، أضافت صناعة طاقة الرياح في أميركا أكثر من 8 آلاف و500 ميغاواط من القدرة الجديدة، وهو ما يمثّل استثمارًا بقيمة 12 مليار دولار.

تُعدّ طاقة الرياح ميسورة التكلفة؛ إذ تتراوح أسعار الرياح لعقود الكهرباء الموقّعة في السنوات القليلة الماضية بين 1.5 و4 سنتات لكل كيلوواط/ساعة.

وفرت طاقة الرياح في أميركا أكثر من 20% من إجمالي توليد الكهرباء في 12 ولاية، وأكثر من 50% في أيوا وداكوتا الجنوبية، وأكثر من 30% في كانساس، وأوكلاهوما، وداكوتا الشمالية، ونيو مكسيكو، ونبراسكا.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر 10 ولايات أميركية من حيث القدرة الإضافية من الطاقة المتجددة:

في سياقٍ متصل، أصدرت وزارة الطاقة الأميركية 3 تقارير سنوية توضح أن طاقة الرياح في أميركا ما تزال واحدة من أسرع مصادر الكهرباء نموًا، وأقلّها تكلفة في البلاد، وتستعد للنمو السريع.

ووفقًا للتقارير الجديدة، شكّلت طاقة الرياح 22% من قدرة الكهرباء الجديدة المثبتة في الولايات المتحدة في عام 2022، لتأتي في المرتبة الثانية بعد الطاقة الشمسية، ما يمثّل 12 مليار دولار أميركي من الاستثمار الرأسمالي، مع توظيف أكثر من 125 ألف أميركي، بحسب ما جاء في التقرير الذي اطّلعت منصة الطاقة على تفاصيله.

ووجدت التقارير أن الحوافز الضريبية في خطة الرئيس بايدن للاستثمار في أميركا أدت إلى زيادات كبيرة بتوقعات نشر طاقة الرياح على المدى القريب، كما أنها تساعد في الحفاظ على أسعار طاقة الرياح تنافسية مع مصادر الطاقة الأخرى، مثل الغاز الطبيعي.

وقالت وزيرة الطاقة الأميركية جينيفر غرانهولم: "بوصفها واحدة من أرخص مصادر الطاقة على مستوى البلاد، تولّد طاقة الرياح ما يكفي من الكهرباء لتشغيل أكثر من 43 مليون منزل، وتخلق وظائف جيدة الأجر للقوى العاملة المحلية المتنامية في مجال طاقة الرياح".

وأضافت: "تعمل خط الرئيس بايدن للاستثمار في أميركا على توسيع سلسلة التوريد المحلية لبلادنا، وزيادة أمن الطاقة، وتنمية سوق طاقة الرياح لدفع مستقبل الطاقة النظيفة لدينا".

أظهر تقرير سوق الرياح البحرية لعام 2023، الذي أعدّه المختبر الوطني للطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة، التقدم المستمر نحو الهدف الرئيس المتمثل في تطوير طاقة الرياح البحرية لتعزيز الوظائف المحلية ذات الأجور الجيدة وتوفير الطاقة النظيفة.

ووجد هذا التقرير أن قدرة مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا -التي يجري تطويرها وتشغيلها حاليًا- زادت بنسبة 15% عن العام السابق (2022)، لتصل إلى 52.7 ألف ميغاواط، والتي ستكون كافية لتزويد أكثر من 18 مليون منزل أميركي بالكهرباء، إذا طُوِّرَت بالكامل.

ويشمل ذلك مشروعين قيد التشغيل بإجمالي 42 ميغاواط، و40 مشروعًا قيد التطوير بإجمالي 47.6 ألف ميغاواط، و5 آلاف و39 ميغاواط إضافية من القدرات المحتملة في مرحلة التخطيط، وفق التقرير الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة.

ووجد التقرير -أيضًا- أنه في عام 2022، استثمرت صناعة طاقة الرياح البحرية المحلية 2.7 مليار دولار في المواني والسفن وسلسلة التوريد والنقل، ما يشير إلى ثقة المستثمرين في سوق طاقة الرياح البحرية في أميركا.

وتتّحد نيوجيرسي ونيويورك للحصول على أعلى قدرة طاقة في مشروعات طاقة الرياح البحرية في أميركا، بأكثر من 20 ألف ميغاواط، تليها ماساتشوستس (8 آلاف و189 ميغاواط)، وكاليفورنيا (6 آلاف و102 ميغاواط).

أرقام أخرى عن طاقة الرياح في أميركا

علاوة على ذلك، استعرض تقرير سوق طاقة الرياح البرية لعام 2023، الذي أعدّه مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة، تفاصيل الـ8 آلاف و511 ميغاواط من قدرة توليد الرياح البرية الجديدة على نطاق المرافق التي أُضيفت في عام 2022، أي ما يعادل تزويد 2.5 مليون منزل أميركي بالكهرباء.

وتشمل النتائج الرئيسة للتقرير أن طاقة الرياح توفر 10% من إجمالي الكهرباء على مستوى البلاد، وأكثر من 60% من الكهرباء في ولاية أيوا، وأكثر من 40% في داكوتا الجنوبية، وكانساس، وأوكلاهوما.

وقامت 14 ولاية بتركيب توربينات رياح برية جديدة على نطاق المرافق في عام 2022، وقامت ولاية تكساس بتركيب أكبر قدرة، بلغت 4 آلاف و28 ميغاواط.

ومن بين الولايات الرائدة الأخرى أوكلاهوما ونبراسكا، وأضافت كل منهما أكثر من 600 ميغاواط من القدرة في عام 2022.

وأشار تقرير سوق الرياح الموزعة لعام 2023، الذي أعدّه المختبر الوطني لشمال غرب المحيط الهادئ التابع لوزارة الطاقة، إلى أنه أُضيفَت 1755 توربين رياح موزعة عبر 13 ولاية في عام 2022.

وبلغ إجمالي طاقة توربينات الرياح الموزّعة، التي تخدم الطلب على الكهرباء في الموقع، أو تدعم تشغيل شبكات توزيع الكهرباء المحلية، 29.5 ميغاواط من القدرة الجديدة، وتمثّل 84 مليون دولار من الاستثمارات الجديدة في عام 2022.

اضف تعليق