q
تُعَد مخزونات النفط العالمية من العوامل التي تؤثر بصورة كبيرة في اتجاهات الأسواق عالميًا؛ إذ إن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع الأسعار ومستويات التخزين، وأن المخزونات النفطية العالمية كان لها تأثير مهم في تحركات أسعار النفط الخام خلال جائحة كورونا، وسط انخفاض الطلب وارتفاع مستويات التخزين العائم...
بقلم: وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

تُعَد مخزونات النفط العالمية من العوامل التي تؤثر بصورة كبيرة في اتجاهات الأسواق عالميًا؛ إذ إن هناك علاقة عكسية بين ارتفاع الأسعار ومستويات التخزين، ويؤكد تقرير حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن المخزونات النفطية العالمية كان لها تأثير مهم في تحركات أسعار النفط الخام خلال جائحة كورونا، وسط انخفاض الطلب وارتفاع مستويات التخزين العائم.

ومع تخفيف قيود الإغلاق الناتجة عن الجائحة، ارتفعت أسعار الخام عالميًا وفي المقابل انخفضت مخزونات النفط العالمية، وتأتي الصين نموذجًا واضحًا على ذلك؛ إذ انخفضت مخزوناتها بشكل كبير، وفق تحليل حديث صادر عن شركة الأبحاث وود ماكنزي.

ومع تراجع التداعيات السلبية لجائحة كورونا، ظهرت أسباب أخرى أثرت كثيرًا في أسعار الخام العالمية ومنها الأزمات الجيوسياسية على رأسها الحرب الروسية الأوكرانية، وتخفيضات الإنتاج الطوعية في ظل المخاوف من ضعف نمو الاقتصاد العالمي.

وبصفة عامة، تستورد مصافي التكرير الآسيوية كميات كبيرة من النفط الخام بهدف تخزين المزيد من الخام لمواجهة أي مخاطر ناتجة عن انقطاع الإمدادات.

تأثير ملء المخزونات الأميركية

اتجهت الولايات المتحدة إلى إعادة ملء احتياطي النفط الإستراتيجي لديها منذ الربع الثاني من العام الجاري (2023)، وذلك بعد قرارها، في فبراير/شباط الماضي، بسحب 26 مليون برميل من المخزون وطرحها للبيع.

ووفقًا لتقديرات وود ماكنزي؛ تتوقع وزارة الطاقة الأميركية استلام نحو 6.3 مليون برميل من الخام المتوسط الحامض ما بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2023.

وبعد أن كانت وزارة الطاقة تخطط لشراء 6 ملايين برميل أخرى في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني المقبلين، تراجعت إدارة جو بايدن عن تنفيذ ذلك بسبب ظروف السوق الحالية وارتفاع أسعار الخام مؤخرًا.

وبصفة عامة، تخطط الولايات المتحدة لإعادة ملء احتياطي النفط الإستراتيجي للحفاظ على مستوياته المستهدفة حتى نهاية العام المالي 2027، قبل أن تقرر سحب جزء منه خلال العام الماضي بشكل طارئ، مع ارتفاع أسعار الوقود على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويرى مستشار تحرير منصة الطاقة خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن ملء المخزون النفطي الإستراتيجي الأميركي لن يؤثر في أسعار النفط؛ لأن الكميات صغيرة مقارنة بسحوبات العام الماضي.

وفي 2022، أعلنت الولايات المتحدة الإفراج عن 180 مليون برميل من الاحتياطي الإستراتيجي، من أجل تهدئة ارتفاعات أسعار الوقود، إلى جانب أكثر من 30 مليون برميل، بموجب قانون الكونغوس، الذي يدعو إلى بيع جزء من المخزون كل عام لتغطية تكاليف إدارته، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

3 طرق لإعادة ملء المخزون الإستراتيجي

تعتمد الولايات المتحدة على 3 طرق لإعادة الاحتياطي النفطي الإستراتيجي إلى ما كان عليه قبل سحوبات العام الماضي؛ وفي مقدمتها القيام بعمليات شراء مباشرة.

وهو ما تمثل في عرض إدارة بايدن شراء أكثر من 6 ملايين برميل من الخام الحامض واستلامه خلال العام الجاري، مع دفع ثمنها من إيرادات مبيعات الاحتياطيات الطارئة، التي نُفذت العام الماضي.

بينما تضمّنت الخطوة الثانية الحصول على النفط من خلال اتفاقيات التبادل؛ إذ طرحت الإدارة الأميركية 32 مليون برميل من النفط ضمن اتفاقيات تبادل دولية في أواخر عام 2021، ومن المقرر إعادة الكمية نفسها خلال المدة من 2023 حتى 2025.

وتمثلت الخطوة الثالثة في إلغاء الكونغرس الأميركي البيع الإلزامي لنحو 140 مليون برميل كان المقرر تنفيذها خلال المدة من 2024 حتى 2027.

ورغم ذلك؛ فقد تراجعت مخزونات النفط التجارية الأميركية خلال الربع الثالث من العام الجاري، وهو الأمر الذي يزيد من الضغوط على سعر الخام.

خصومات النفط الروسي تدعم مخزونات الهند

كثّفت الهند مشترياتها من النفط الروسي بدافع من انخفاض سعره، بعد العقوبات الغربية، التي استهدف موسكو وعلى رأسها تحديد سقف سعري للخام عند 60 دولارًا للبرميل.

ورغم ذلك؛ فقد تباطأت عمليات الشراء خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز الماضيين متأثرة بتراجع الخصم على الخام الروسي، وهو ما تزامن مع ضعف الطلب في الهند نتيجة تراجع استهلاكها لأسباب موسمية وصيانة المصافي، إلى جانب اتجاه روسيا إلى خفض صادراتها النفطية طوعًا.

ويشار إلى أن العقوبات التي فرضتها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب غزوها للأراضي الأوكرانية، أسهمت في تراجع سعر الخام الروسي بشكل جاذب لمصافي التكرير الهندية.

ومع تحول مصافي التكرير الهندية إلى مستورد رئيس للخام الروسي بفعل جاذبية سعره منذ العام الماضي (2022)، أدى ذلك إلى تحسين هوامش ربح تلك المصافي، في الوقت الذي كانت تعاني فيه البلاد ارتفاع معدل التضخم في ظل زيادة أسعار الوقود لمستويات قياسية؛ ما يشير إلى التأثير الواضح لزيادة مخزونات النفط في الهند.

مخزونات النفط في الصين

إلى جانب الهند، برزت الصين بصفتها المحرك الرئيس لزيادة مخزونات النفط الخام هذا العام، بدعم من الخصومات المقدمة على الخام الروسي، بعد غزو أوكرانيا.

وفي الربع الأول من العام الجاري، رصدت وود ماكنزي زيادة في مستويات مخزونات النفط الخام بصورة تدريجية لدى الدول الآسيوية غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بقيادة الصين، ومنذ بداية العام الجاري، تشتري الصين المزيد من النفط الخام للاستفادة من تراجع الأسعار في السوق العالمية، والقيام ببناء مخزون كافٍ لتلبية الطلب مع تعافي البلاد من تداعيات كورونا.

اضف تعليق