q
تعتبر تقنيات التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لإبعادها عن الغلاف الجوي عنصرا أساسيا في استراتيجيات المناخ للعديد من حكومات العالم في سعيها لتنفيذ الالتزامات الدولية بإزالة الكربون بحلول منتصف القرن. لكن هذه التقنيات باهظة الثمن ولم تثبت جدواها على نطاق واسع، وقد يكون من الصعب الترويج لها بين...

تتضمن مسودة ما يمكن أن يكون الاتفاق النهائي لمؤتمر كوب28 خيارات يبحثها وفود من حوالي 200 دولة، ومنها "التخلص التدريجي المنظم والعادل من الوقود الأحفوري". وآخر "تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من عمليات حرق الوقود الأحفوري دون التقاط الكربون واحتجازه".

وتعتبر تقنيات التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لإبعادها عن الغلاف الجوي عنصرا أساسيا في استراتيجيات المناخ للعديد من حكومات العالم في سعيها لتنفيذ الالتزامات الدولية بإزالة الكربون بحلول منتصف القرن. لكن هذه التقنيات باهظة الثمن ولم تثبت جدواها على نطاق واسع، وقد يكون من الصعب الترويج لها بين عامة الناس.

لكن بيانات أظهرت أن الدول المنتجة للنفط والغاز بشكل رئيسي في العالم لا تعتزم وقف التنقيب عن هذا النوع من الوقود رغم أن العديد منها تعهد بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.

فماذا لو استطاع العالم خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بسرعة دون الاضطرار إلى بناء الكثير من قدرات الطاقة المتجددة؟

مسودة الاتفاق النهائي

أظهرت مسودة نص تفاوضي اطلعت عليها رويترز أن الدول المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) تبحث الدعوة إلى التخلص التدريجي رسميا من الوقود الأحفوري في الاتفاق النهائي للقمة بهدف مكافحة الاحتباس الحراري.

كما أشارت دراسة نشرت يوم الثلاثاء إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري من المنتظر أن ترتفع إلى مستوى قياسي هذا العام، مما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة المدمرة.

وتطلق مسودة ما يمكن أن يكون الاتفاق النهائي لكوب28 والتي نشرتها هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة مفاوضات حول ما يعتبر القضية الحاسمة في القمة، وهي ما إذا كانت الدول ستتفق في نهاية المطاف على إنهاء استخدام الوقود الأحفوري أو ستسعى جاهدة للإبقاء على دور لهذا الوقود.

وفي المفاوضات الرئيسية لمؤتمر كوب28 دافع الرؤساء التنفيذيون لعدد من شركات الطاقة الكبرى عن استخدام النفط والغاز، وسعوا إلى تسليط الضوء على اعتمادات صديقة للمناخ مثل خفض انبعاثات غاز الميثان المسببة للاحتباس الحراري.

وقال جان بول براتس، الرئيس التنفيذي لشركة النفط البرازيلية الحكومية بتروبراس "نحن مسؤولون كبار ويمكننا أن نتخذ خطوات كبيرة. يمكننا تحقيق نتائج وسيتعين علينا الإعلان عنها قريبا جدا". وأضاف أن "التحول في قطاع الطاقة لن يكون ممكنا إلا إذا كان هناك انتقالا عادلا".

وقال باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز إن التحول بعيدا عن النفط والغاز سيستغرق وقتا طويلا "لذلك نحن بحاجة بلا شك إلى إنتاج النفط والغاز بطريقة مختلفة عن طريق خفض الانبعاثات. ويمكننا أن نفعل ذلك، إذ أن لدينا التكنولوجيا".

وأضاف "بالطبع هذا له تكلفة، لكنه جزء من الترخيص الذي نحصل عليه للعمل، يمكنني القول، في المستقبل".

وسجل ما لا يقل عن 2400 مندوب من جماعات الضغط المعنية بالوقود الأحفوري لحضور القمة هذا العام، وفقا لتحليل بيانات التسجيل في الأمم المتحدة نشره تحالف كيك بيج بوليوترز الدولي لمجموعات ناشطي المناخ.

وقال التحالف إن عدد الحضور من جماعات الضغط فاق عدد المندوبين البالغ 1609 من الدول العشر الأكثر عرضة لأضرار تغير المناخ مجتمعة.

النص التفاوضي

تتضمن مسودة ما يمكن أن يكون الاتفاق النهائي لمؤتمر كوب28 ثلاثة خيارات، والتي سيبحثها الآن وفود من حوالي 200 دولة.

والخيار الأول المطروح هو "التخلص التدريجي المنظم والعادل من الوقود الأحفوري". ويشير وصف "عادل" في لغة الأمم المتحدة إلى أن الدول الغنية التي لها تاريخ طويل في حرق الوقود الأحفوري سوف تتخلص تدريجيا بشكل أسرع مقارنة بالدول الفقيرة التي تعمل على تطوير مواردها الآن.

ودعا خيار ثان إلى "تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من عمليات حرق الوقود الأحفوري دون التقاط الكربون واحتجازه". أما الخيار الثالث فهو عدم ذكر التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.

وتضغط الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 عضوا وكذلك الدول الجزرية الصغيرة المعرضة لخطر تغير المناخ من أجل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري لتحقيق التخفيضات الكبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يقول العلماء إنها ضرورية هذا العقد لتجنب تغير كارثي للمناخ.

ومع ذلك تقول مجموعة نت زيرو تراكر المستقلة لتحليل البيانات والتي تضم جامعة أوكسفورد إن الدول الرئيسية المنتجة للنفط والغاز في العالم ليس لديها أي خطط لوقف التنقيب عن هذا الوقود في نهاية المطاف.

وقالت جنيفر مورجان، المبعوثة الألمانية الخاصة للمناخ "نحن لا نتحدث عن إغلاق الصنبور بين عشية وضحاها... ما ترونه هنا هو معركة حقيقية بشأن نظام الطاقة المستقبلي الذي سنبنيه معا".

وقاوم كبار منتجي النفط والغاز، بما في ذلك السعودية وروسيا، المقترحات السابقة للتخلص التدريجي.

وصرح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان لتلفزيون بلومبرج بأن بلاده "لن توافق على الإطلاق" على اتفاق يدعو إلى الخفض التدريجي للوقود الأحفوري.

وقال ديفيد واسكو مدير مبادرة المناخ الدولية التابعة للمعهد العالمي للموارد إنه لا يعتقد أن تكون هناك نتيجة لكوب28 لا تشمل تفويضا واضحا للابتعاد عن الاعتماد العالمي على النفط والغاز والفحم.

وأضاف "لا أعتقد أننا سنغادر دبي دون لغة واضحة وتوجيه واضح بشأن التحول عن الوقود الأحفوري".

وتتضمن المسودة أيضا ما يدعو إلى توسيع نطاق تكنولوجيا احتجاز الكربون، وهو ما سيثير على الأرجح معارضة من بعض الدول التي تشعر بالقلق من استخدام هذه التقنيات الناشئة لتبرير الاستخدام المستمر للوقود الأحفوري.

وقال تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي نشر اليوم الثلاثاء، إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن الفحم والنفط والغاز لا تزال في ارتفاع، مدفوعة بالانبعاثات من الهند والصين.

وخلص التقرير الذي أعده علماء من أكثر من 90 مؤسسة بما في ذلك جامعة إكستر إلى أنه من المتوقع أن تكون البلدان قد أطلقت إجمالي 36.8 مليار طن متري من ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري في عام 2023، بزيادة 1.1 بالمئة عن العام الماضي.

رفض للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري

وأظهرت بيانات حصلت عليها رويترز يوم الثلاثاء أن الدول المنتجة للنفط والغاز بشكل رئيسي في العالم لا تعتزم وقف التنقيب عن هذا النوع من الوقود رغم أن العديد منها تعهد بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.

وقال نت زيرو تراكر لرصد الانبعاثات، وهو اتحاد مستقل للبيانات يضم جامعة أكسفورد، إن النتائج التي توصل إليها كشفت الفجوة بين الأهداف التي حددتها البلدان لتجنب المستويات الكارثية لتغير المناخ وخططها الحقيقية لمواصلة إنتاج الطاقة التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون.

وقالت ناتاشا لوتز المشاركة في البحث من جامعة أكسفورد "هذا الانتشار لطموح "صافي انبعاثات صفرية" دون الالتزام بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري يسلط الضوء على الحاجة إلى كيانات لتحديد كيفية تحقيق هذه الأهداف".

وتناقش الحكومات في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي ما إذا كانت ستوافق لأول مرة على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون المسبب الرئيسي لتغير المناخ.

وأظهرت البيانات التي حصلت عليها رويترز أن 69 دولة من تلك المنتجة للنفط في العالم وتشمل السعودية والولايات المتحدة وروسيا والصين والإمارات تعهدت بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.

لكن الباحثين قالوا إن ثلاثة منتجين صغار فقط، وهي الدنمرك وإسبانيا وفرنسا، وضعوا خططا لوقف التنقيب. كما أن الدنمرك وإسبانيا هما الدولتان الوحيدتان من بين منتجي الغاز اللتين تعتزمان الوقف التدريجي للإنتاج.

وتعد الإمارات من الدول التي تهدف إلى تحقيق هدف صافي انبعاثات صفرية لكنها لم تضع خططا للحد من الإنتاج.

وتعتزم شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) توسيع طاقتها الإنتاجية من النفط وزيادة إنتاجها من الغاز.

وقال جيم سكيا رئيس لجنة علوم المناخ التابعة للأمم المتحدة أمس الاثنين إن استخدام النفط في العالم لا بد أن ينخفض 60 بالمئة والغاز بنسبة 45 بالمئة بحلول عام 2050 إذا كان العالم يريد تجنب ارتفاع درجات الحرارة فوق 1.5 درجة مئوية.

المكاسب المناخية من كفاءة استخدام الطاقة

ولكن ماذا لو استطاع العالم خفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بسرعة دون الاضطرار إلى بناء الكثير من قدرات الطاقة المتجددة؟

هذا بالضبط ما يقول بعض الخبراء إنه ينبغي أن يحدث من خلال تحسين كفاءة الأجهزة وشبكات الكهرباء بجهود مثل منع التسرب من مقابس الكهرباء وإيقاف الأحمال الزائدة في الأجهزة التي تسحب طاقة من مقابس الحائط حتى عندما تكون مطفأة.

ومن خلال خفض كمية الطاقة اللازمة لأداء نفس المهام، يصبح بوسع العالم حرق كميات أقل من الوقود الأحفوري وانفاق مبالغ أقل على توسيع قدرات الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

وقالت لاريسا جروس من مركز إي3جي البحثي في مجال المناخ "لا نحتاج إلى تغيير الطريقة التي نولد بها الكهرباء فقط، وإنما إلى تغيير الطرق التي نستخدمها بها أيضا".

وأيدت 118 دولة على الأقل في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) في دبي تعهدا بتحسين معدلات كفاءة استخدام الطاقة بنسبة أربعة بالمئة كل عام حتى 2030. وهذا من شأنه أن يضاعف تحسن معدلات كفاءة استخدام الطاقة بنسبة اثنين بالمئة في 2022.

ووصفت وكالة الطاقة الدولية كفاءة الاستخدام بأنها "الوقود الأول" لتحول الطاقة وواحدة من أسرع الطرق وأكثرها فعالية من حيث التكلفة لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

وتعني كفاءة استخدام الطاقة في أبسط صورها استخدام الأجهزة أو التكنولوجيا أو الإلكترونيات المصممة على استهلاك طاقة أقل، مثل المضخات الحرارية أو المصابيح الإضاءة الذاتية.

وعلى نطاق أوسع، يمكن تصميم المباني على أن يكون لديها عزل أفضل لتقليل الحاجة إلى أجهزة تكييف الهواء أو التدفئة. ويمكن أن تحسن المصانع أو المدن الأسلاك لوقف تسرب الطاقة.

ومع سعي المزيد من القطاعات مثل النقل للحصول على الطاقة من الشبكة الكهربائية بدلا من حرق الوقود الأحفوري، سيرتفع الطلب على الشبكة بشكل حاد.

وقالت صوفي إرجنز رئيسة إدارة تسريع الحلول المناخية في شركة دانفوس الدنمركية متعددة الجنسيات، التي تصنع منتجات التدفئة والتبريد "نحتاج إلى جعل كفاءة استخدام الطاقة جذابة مثل توربينات الرياح".

وقد تساعد اللوائح الحكومية أيضا بطرق تشمل على سبيل المثال اشتراط حد أدنى من معايير أداء الطاقة في الأجهزة أو المركبات أو التصنيع.

ما مقدار الطاقة والأموال الذي يمكن توفيره؟

قد يوفر رفع متوسط المعدل العالمي لكفاءة استخدام الطاقة إلى مثليه نصف إجمالي تخفيضات الانبعاثات الضرورية بحلول عام 2030، وفقا لخارطة الطريق إلى صافي انبعاثات صفرية التي وضعتها وكالة الطاقة الدولية.

ويعني ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي وبريطانيا خفض إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 40 مليون طن سنويا بحلول عام 2030. ويترجم ذلك إلى توفير فوري في التكاليف السنوية يبلغ حوالي 10.5 مليار يورو (11.43 مليار دولار)، وفقا لتقديرات دانفوس في تقرير صدر في نوفمبر تشرين الثاني 2023.

وتستطيع القطاعات في جميع أنحاء العالم توفير 437 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030 مع تحسين كفاءة استخدام الطاقة، وفقا لتقرير مجمع عن القطاع أصدرته حركة كفاءة الطاقة في أكتوبر تشرين الأول 2023.

ما الذي يقدم أكبر توفير في الطاقة؟

قد يحقق التحول إلى السيارات الكهربائية أو المضخات الحرارية توفير كبير في الطاقة إذا تم توصيلها بشبكات تعتمد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة.

كما تهدر السيارات الكهربائية كمية أقل من احتياطي الطاقة لديها مقارنة بالمركبات التي تعمل محركاتها بالبنزين.

وتقول وكالة الطاقة الدولية إن كفاءة المضخات الحرارية قد تكون أكثر بخمس مرات من الغلايات التي تعمل بالغاز.

وينطبق في البلدان النامية، ومن بينها الهند وأجزاء من أفريقيا، نفس منطق التحول إلى مواقد الطهي الكهربائية بدلا من حرق روث الأبقار أو الحطب للطهي.

وقال نيك آير الباحث في مجال الطاقة بجامعة أكسفورد "الطهي بالأجهزة الكهربائية أكثر كفاءة جدا من الطهي باستخدام الوقود الحيوي".

وحشدت الدول من عام 2020 حوالي تريليون دولار لمشروعات كفاءة استخدام الطاقة في قطاعات من المباني ووسائل النقل العام إلى دعم السيارات الكهربائية.

وجاء في تقرير كفاءة الطاقة الذي تصدره وكالة الطاقة الدولية سنويا أنه نتيجة لذلك، تحسنت كفاءة الطاقة في العالم هذا العام بنحو 1.3 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، وهي وتيرة أبطأ من التحسن البالغ اثنين بالمئة المسجل في عام 2022 بسبب ارتفاع الطلب على الطاقة إلى حد كبير.

وتتفوق كفاءة استخدام الطاقة في الولايات المتحدة على متوسط المعدل العالمي لتحسين الكفاءة هذا العام بنسبة أربعة بالمئة مع تخصيص 86 مليار دولار لتحقيق هذا الهدف بموجب قانون خفض التضخم.

وشهد الاتحاد الأوروبي كفاءة أكبر في استخدام الطاقة بنسبة خمسة بالمئة هذا العام بعد تحسن بنسبة ثمانية بالمئة العام الماضي لأسباب من بينها قدوم فصول الشتاء أكثر اعتدالا.

وشهدت ألمانيا والسويد وهولندا ارتفاعا في مبيعات المضخات الحرارية بنسبة 75 بالمئة في النصف الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

كما سلطت وكالة الطاقة الدولية الضوء على الفرص المتاحة في البلدان النامية التي تتوسع مدنها وتستطيع التخطيط بشكل أفضل للمباني الجديدة الموفرة للطاقة مع نمو اقتصاداتها.

لماذا لا يعد التقاط الكربون حلا سهلا؟

تعتبر تقنيات التقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لإبعادها عن الغلاف الجوي عنصرا أساسيا في استراتيجيات المناخ للعديد من حكومات العالم في سعيها لتنفيذ الالتزامات الدولية بإزالة الكربون بحلول منتصف القرن.

لكن هذه التقنيات باهظة الثمن ولم تثبت جدواها على نطاق واسع، وقد يكون من الصعب الترويج لها بين عامة الناس.

وبينما تجتمع الدول في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ (كوب28) في دولة الإمارات العربية المتحدة في نهاية نوفمبر تشرين الثاني، فإن مسألة الدور المستقبلي لالتقاط الكربون في عالم صديق للبيئة سوف تكون محل تركيز. وفيما يلي بعض التفاصيل حول حال القطاع الآن، والعقبات التي تعترض طريق انتشاره على نطاق واسع.

أشكال التقاط الكربون

يتمثل الشكل الأكثر شيوعا لتقنية التقاط الكربون التقاط الغاز من مصدر ثابت مثل مداخن المصانع. ومن هناك، يمكن نقل الكربون مباشرة إلى مخزن دائم تحت الأرض أو يمكن استخدامه في غرض صناعي آخر، وهي أشكال يطلق عليها على التوالي التقاط الكربون وتخزينه والتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه.

ويوجد في الوقت الراهن 42 مشروعا تجاريا عاملا في مجال التقاط وتخزين الكربون والتقاطه واستخدامه وتخزينه في جميع أنحاء العالم، بقدرة تخزين 49 مليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويا وفقا للمعهد العالمي لالتقاط وتخزين الكربون المعني برصد نشاط القطاع. ويمثل هذا حوالي 0.13 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية المرتبطة بالطاقة والصناعات والتي تبلغ حوالي 37 مليار طن متري على مستوى العالم.

ويستخدم نحو 30 من هذه المشروعات، التي تمثل 78 بالمئة من إجمالي الكربون الذي تلتقطه المجموعة، الكربون في الاستخراج المعزز للنفط، إذ يتم حقن الكربون في آبار النفط لتحرير النفط المحتجز. وتقول شركات التنقيب إن الاستخلاص المعزز للنفط يمكن أن يجعل الخام أكثر مراعاة للمناخ، لكن علماء البيئة يقولون إن هذه الممارسة تأتي بنتائج عكسية.

أما المشروعات الاثني عشر الأخرى، التي تقوم بتخزين الكربون بشكل دائم في تكوينات تحت الأرض دون استخدامها لتعزيز إنتاج النفط، فهي موجودة في الولايات المتحدة والنرويج وأيسلندا والصين وكندا وقطر وأستراليا، وفقا للمعهد العالمي لالتقاط وتخزين الكربون.

وشكل آخر من أشكال التقاط الكربون هو التقاط الانبعاثات مباشرة من الهواء.

وقالت وكالة الطاقة الدولية إنه يجري التخطيط لإنشاء حوالي 130 منشأة من مرافق الالتقاط المباشر من الهواء في جميع أنحاء العالم، وهناك 27 منشأة فحسب تعمل حاليا وتلتقط عشرة آلاف طن متري فقط من ثاني أكسيد الكربون سنويا.

وأعلنت الولايات المتحدة في أغسطس آب تخصيص منح قيمتها 1.2 مليار دولار لمركزين للالتقاط المباشر للكربون من الهواء في تكساس ولويزيانا تعهدا بالتقاط مليوني متر مكعب من الكربون سنويا، على الرغم من أن القرار النهائي للاستثمار في المشروعين لم يتخذ بعد.

التكلفة هي إحدى العقبات التي تحول دون توسيع استخدام تقنيات التقاط الكربون.

ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، تتراوح تكلفة التقاط وتخزين الكربون من 15 إلى 120 دولارا لكل طن متري إذ تتفاوت التكلفة حسب مصدر الانبعاثات، وفيما يتعلق بمشاريع الالتقاط المباشر من الهواء تتراوح التكلفة بين 600 دولار و1000 دولار للطن المتري ما يجعلها مكلفة أكثر والسبب وراء ذلك هو كمية الطاقة اللازمة لالتقاط الكربون من الغلاف الجوي.

وتم إيقاف بعض من مشاريع التقاط وتخزين الكربون مؤقتا في بلدان مثل النرويج وكندا لأسباب مالية.

وقدمت بعض الدول من بينها الولايات المتحدة إعانات حكومية لتنفيذ مشاريع التقاط الكربون، كما يقدم قانون الحد من التضخم الذي صدر عام 2022 إعفاء ضريبيا قدره 50 دولارا لكل طن متري من الكربون يتم التقاطه باستخدام تقنيات التقاط واستخدام وتخزين الكربون و85 دولارا لكل طن متري يتم التقاطه باستخدام تقنيات التقاط وتخزين الكربون و180 دولارا لكل طن متري يتم التقاطه من خلال مشاريع الالتقاط المباشر.

وقال بنجامين لونجستريث، المدير العالمي لالتقاط الكربون في منظمة (كلين إير تاسك فورس)، إنه على الرغم من أن هذه حوافز مجدية فلا تزال الشركات بحاجة إلى تحمل بعض التكاليف الإضافية للمضي في مشروعات التقاط وتخزين الكربون ومشاريع الالتقاط المباشر من الهواء.

ووفقا لتقرير قدمه أصحاب المشروعات إلى وزارة الطاقة الأمريكية، فشلت بعض مشاريع التقاط وتخزين الكربون في إثبات مدى جاهزية التقنية، فعلى سبيل المثال، واجه مشروع بقيمة مليار دولار لاستغلال انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من مصنع للفحم في تكساس مشاكل ميكانيكية مزمنة ولم يحقق أهدافه قبل إغلاقه في عام 2020،

وتم استئناف مشروع بيترا نوفا في سبتمبر أيلول.

ووفقا للمعهد العالمي لالتقاط وتخزين الكربون، تتحكم العوامل الجيولوجية في الأماكن التي يمكن التخزين فيها وهذا الأمر قد يكون أكثر وضوحا إذا تم استخدام تقنيات التقاط الكربون على النطاق المطلوب للتصدي لتغير المناخ. وأفضل مواقع لتخزين الكربون تقع في أجزاء من أمريكا الشمالية وشرق أفريقيا وبحر الشمال.

وهذا يعني أن نقل الكربون المحتجز إلى مواقع التخزين قد يتطلب شبكات خطوط أنابيب كبيرة أو حتى أساطيل شحن ما يشكل عقبات جديدة من المحتمل مواجهتها.

وعلى سبيل المثال، في أكتوبر تشرين الأول، كان هناك مشروع خط أنابيب لالتقاط وتخزين الكربون بقيمة ثلاثة مليارات دولار اقترحته شركة (نافيجيتور سي.أو.2 فينتشرز) في وسط غرب الولايات المتحدة يهدف إلى نقل الكربون من مصانع الإيثانول في وسط البلاد إلى مواقع تخزين جيدة، لكن تم إلغاؤه بسبب مخاوف السكان حيال احتمال حدوث تسربات للكربون.

وقال سايمون ستيوارت، المتخصص في السياسات الصناعية في الاتحاد الوطني للحياة البرية، إن الشركات التي تستثمر في إزالة الكربون يجب أن تأخذ على محمل الجد مخاوف السكان بشأن مشاريع البنية التحتية الجديدة.

وأضاف "لن تكون جميع التقنيات ممكنة في جميع المواقع".

* المصدر: وكالات+رويترز

اضف تعليق