q
تشهد درجات الحرارة في صيف 2023 ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنفس الفصل في السنوات الماضية، وبالرغم من أن سبب هذا الارتفاع يرجع بالأساس إلى تغير المناخ العالمي، والذي لا يقتصر على ارتفاع درجة الحرارة وإنما يتجاوزه حتى إلى انتشار ظواهر أخرى كالتصحر والجفاف أو الفيضانات المتواترة وغير المتوقعة أحيانا....

تشهد درجات الحرارة في صيف 2023 ارتفاعا ملحوظا مقارنة بنفس الفصل في السنوات الماضية، وبالرغم من أن سبب هذا الارتفاع يرجع بالأساس إلى تغير المناخ العالمي، والذي لا يقتصر على ارتفاع درجة الحرارة وإنما يتجاوزه حتى إلى انتشار ظواهر أخرى كالتصحر والجفاف أو الفيضانات المتواترة وغير المتوقعة أحيانا، إلا أن ذلك لا ينفي وجود اختلالات أخرى تسببت في انقلاب موازين الطقس.

لم يمض من فصل الصيف سوى بضعة أسابيع، لكن الجو حار للغاية، فما أسباب ذلك؟ تعاني تكساس وجزء من جنوب غرب الولايات المتحدة من موجة حر شديدة. في وقت من الأوقات، كان أكثر من 120 مليون أمريكي يتلقون شكلا من أشكال الاستشارات بخصوص درجة الحرارة، حسبما ذكرت خدمة الأرصاد الجوية الوطنية الأمريكية. هذا يعني أكثر من واحد من كل ثلاثة من إجمالي عدد السكان.

وفي المملكة المتحدة، كسرت درجات الحرارة في يونيو/حزيران كل الأرقام القياسية. وكانت درجات الحرارة في شهر يونيو/حزيران أعلى بمقدار 0.9 درجة مئوية من الرقم القياسي السابق، الذي سجل عام 1940، وهو فارق هائل، وهناك موجة من الطقس الحار بشكل غير مسبوق في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا.

لم يكن من المستغرب إذا أن يقول المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، إنه على مستوى العالم كان شهر يونيو/حزيران هو الأكثر سخونة على الإطلاق، ولم تنخفض درجات الحرارة. وكانت الأيام الثلاثة الأكثر سخونة على الإطلاق قد سجلت في الأسبوع الماضي، وفقا لخدمة المناخ والطقس في الاتحاد الأوروبي كوبرنيكوس، بلغ متوسط درجة الحرارة في العالم 16.89 درجة مئوية يوم الاثنين 3 يوليو/تموز وتجاوز 17 درجة مئوية لأول مرة في 4 يوليو/تموز، بمتوسط درجة حرارة عالمية بلغ 17.04 درجة مئوية.

وتشير الأرقام المؤقتة إلى أنه تم تجاوز المتوسط في 5 يوليو/تموز عندما وصلت درجات الحرارة إلى 17.05 درجة مئوية، هذه الارتفاعات تتماشى مع ما تنبأت به النماذج المناخية، كما يقول البروفيسور ريتشارد بيتس، عالم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية وجامعة إكستر، ويضيف: " لا ينبغي أن نتفاجأ على الإطلاق بارتفاع درجات الحرارة العالمية. هذا كله تذكير صارخ بما عرفناه منذ فترة طويلة، وسنرى المزيد من التطرف حتى نتوقف عن ضخ المزيد من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.عندما نفكر في مدى سخونة الجو، فإننا نميل إلى التفكير في درجة حرارة الهواء، لأن هذا ما نحسه في حياتنا اليومية، لكن معظم الحرارة المخزنة بالقرب من سطح الأرض ليست في الغلاف الجوي، ولكن في المحيطات. وقد رأينا بعض درجات حرارة المحيطات القياسية خلال ربيع وصيف هذا العام، على سبيل المثال، يشهد شمال المحيط الأطلسي حاليا أعلى درجات حرارة للمياه السطحية تم تسجيلها على الإطلاق، وظهرت موجة الحر البحرية هذه بشكل خاص حول سواحل المملكة المتحدة، حيث شهدت بعض المناطق درجات حرارة تصل إلى 5 درجات مئوية فوق ما تتوقعه عادة في هذا الوقت من العام.

وقد وصفت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (نوا) موجة الحر بأنها بلغت "الفئة الرابعة". ونادرا ما يتم استخدام هذه التسمية التي تشير إلى الحرارة "الشديدة" خارج المناطق الاستوائية ، وتقول دانييلا شميدت، أستاذة علوم الأرض بجامعة بريستول: "درجات الحرارة المتطرفة هذه في هذا الجزء من شمال المحيط الأطلسي لم يسمع بها من قبل".

في الوقت نفسه، يتطور "النينو" في المحيط الهادئ الاستوائي. والنينو هو نمط طقس متكرر يحدث عندما ترتفع المياه الدافئة إلى السطح قبالة سواحل أمريكا الجنوبية وتنتشر عبر المحيط، ومع تعرض كل من المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ لموجات حر، لم يكن من الغريب أن تكون درجات حرارة سطح البحر في أبريل/نيسان ومايو/أيار هي الأعلى على الإطلاق في بيانات مكتب الأرصاد الجوية التي يعود تسجيلها إلى عام 1850، وإذا كانت البحار أكثر دفئا من المعتاد، فيمكنك توقع ارتفاع درجات حرارة الهواء أيضا، كما يقول تيم لينتون، أستاذ تغير المناخ بجامعة إكستر.

ويوضح أن معظم الحرارة الزائدة المحاصرة بسبب تراكم الغازات الدفيئة قد أدت إلى ارتفاع درجة حرارة سطح المحيط. وتميل هذه الحرارة الزائدة إلى الاتجاه للأسفل نحو الأجزاء الأعمق من مياه المحيط، لكن الحركات في تيارات المحيطات-مثل النينو، يمكن أن تعيدها إلى السطح.

ويقول البروفيسور لينتون: "عندما يحدث ذلك، يتم إطلاق الكثير من هذه الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الهواء".ومن السهل توقع أن يكون هذا الطقس الحار جدا " استثنائيا"، لكن الحقيقة المحبطة هي أن تغير المناخ يعني أنه من الطبيعي أن يشهد العالم الآن درجات حرارة قياسية.

وتستمر انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الزيادة بشكل سنوي. وقد تباطأ معدل الارتفاع بشكل طفيف، لكن انبعاث ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالطاقة كان لا يزال مرتفعا بنسبة 1 في المئة تقريبا العام الماضي، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، وهي هيئة مراقبة عالمية للطاقة.

وكلما ارتفعت درجة الحرارة العالمية، زادت مخاطر موجات الحر، كما يقول فريدريك أوتو، عالم المناخ في معهد جرانثام لتغير المناخ في إمبريال كوليدج لندن. ويضيف: "إن موجات الحر هذه ليست أكثر تواترا فحسب، بل إنها أيضا أكثر سخونة وأطول مما كانت ستكون عليه بدون الاحترار العالمي".

ويتوقع الخبراء بالفعل أن يجعل النينو المتشكل عام 2023 العام الأكثر سخونة في العالم، ويخشون من أنه من المحتمل أن يدفع هذا التطور العالم مؤقتا إلى تجاوز درجة الاحترار المأمولة وهي 1.5 درجة مئوية. وهذه هو مجرد البداية. وما لم نجر تخفيضات هائلة في انبعاثات الغازات الدفيئة، ستستمر درجات الحرارة في الارتفاع.

وقال مكتب الأرصاد الجوية هذا الأسبوع إن درجات الحرارة القياسية في يونيو/حزيران من هذا العام زادت مرتين بسبب تغير المناخ الذي تسبب به الإنسان. وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة هذه بالفعل إلى تغييرات أساسية، ويكاد يكون من المؤكد أنها لا رجعة فيها في النظم البيئية في جميع أنحاء العالم. وساهمت درجات الحرارة القياسية في يونيو/حزيران في المملكة المتحدة في التسبب في نفوق غير مسبوق للأسماك في الأنهار والقنوات، على سبيل المثال.

ولا يمكننا معرفة تأثير موجة الحر البحرية الحالية على المملكة المتحدة ، كما يحذر البروفيسور شميدت من جامعة بريستول، لأننا لم نر هذه الموجة الشديدة من قبل. ويقول: "في مناطق أخرى، حول أستراليا، في البحر الأبيض المتوسط، تغيرت النظم البيئية بأكملها، واختفت غابات عشب البحر، وجاعت الطيور البحرية والحيتان".

من الواضح أننا نتجه بسرعة نحو مستقبل مناخي أكثر سخونة وفوضوية، لكن لدينا التقنيات والأدوات اللازمة لخفض انبعاثاتنا. السؤال الآن هو ما إذا كان بإمكاننا القيام بذلك بسرعة كافية لإبطاء الطاغوت المناخي والحفاظ على تأثيرات الاحتباس الحراري داخل حدود يمكن التحكم فيها.

أكثر الأشهر حرا في العالم على الإطلاق.. شهر يوليو 2023 يحطم المستوى القياسي

أصبح تموز/يوليو 2023 أكثر الأشهر حرا على الإطلاق محطما بذلك المستوى القياسي في العالم بفارق 0,33 درجة مئوية عن تموز/يوليو 2019، وفق ما أعلن مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي حول التغير المناخي الثلاثاء. فيما يتوقع خبراء أن يحطم العام 2023 مستويات قياسية أخرى.

سجل شهر تموز/ يوليو الماضي الذي شهد موجات حر وحرائق غابات عبر العالم، حرارة جو أكبر بـ0,72 درجة مقارنة بأشهر تموز/يوليو للسنوات الممتدة بين 1991 و2020، وفق ما أوضح مرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي. وبهذا يكون قد حطم هذا الشهر جميع المستويات القياسية في العالم على الإطلاق.

وكانت هذه النتيجة متوقعة، إذ قال العلماء إنه اعتبارا من 27 تموز/يوليو من "المرجح جدا" أن يكون تموز/يوليو 2023 أكثر الأشهر حرا على الاطلاق.

الأمر الذي دفع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس حينها إلى القول بأن البشرية انتقلت من مرحلة الاحترار المناخي لتدخل "مرحلة الغليان العالمي".

هذا، وتؤكد المحيطات أيضا هذا التوجه المقلق مع ارتفاع كبير في حرارة سطح المياه منذ نيسان/أبريل ومستويات غير مسبوقة في تموز/يوليو. فقد تم تسجيل مستوى قياسي في 30 تموز/يوليو بـ 20,96 درجة مئوية، فيما كانت حرارة سطح المياه للشهر برمته أعلى بـ0,51 درجة مئوية من المعدل المسجل بين العامين 1991 و2020.

ومن جهتها، شددت سامانثا بورغيس المديرة المساعدة لمرصد "كوبرنيكوس" الأوروبي حول التغير المناخي "لقد شهدنا للتو مستويات قياسية جديدة على صعيد الحرارة العالمية للجو ولسطح المحيطات أيضا في تموز/يوليو. هذه المستويات القياسية لها تداعيات كارثية على الأفراد والكوكب لتعرضهم لأحوال جوية قصوى أكثر تواترا ووطأة".

وقد بدأت مؤشرات الاحترار المناخي الناجمة عن النشاطات البشرية ولا سيما استخدام مصادر الطاقة الأحفورية من فحم وغاز ونفط، تظهر متزامنة عبر العالم.

وتبدو جليا في اليونان التي اجتاحت أجزاء منها حرائق كبيرة فضلا عن كندا التي شهدت أيضا فيضانات واسعة، وحر خانق في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب الولايات المتحدة وجزء من الصين التي انهمرت عليها بعيد ذلك أمطار طوفانية.

ومن جانبها، خلصت الشبكة العالمية "ورلد ويذرز أتريبيوشن" (WWA) إلى أن موجات الحر الأخيرة في أوروبا والولايات المتحدة "ستكون شبه مستحيلة" من دون تأثير النشاط البشري.

هذا، وأشار مرصد "كوبرنيكوس" إلى أن الأطواف الجليدية في أنتاركتيكا سجلت أصغر مساحة لشهر تموز/يوليو منذ بدء عمليات الرصد عبر الأقمار الاصطناعية وبلغت نسبة تراجعها 15% أقل عن معدل ذلك الشهر.

وأضافت المديرة المساعدة لمرصد "كوبرنيكوس" سامانثا بورغيس أن "2023 حتى الآن هي ثالث أكثر السنوات حرا بـ0,43 درجة مئوية فوق المعدل المسجل في الفترة الأخيرة" وبـ"متوسط حرارة عالمية في تموز/يوليو أعلى بـ1,5 درجة عن مستويات ما قبل الثورة الصناعية".

وإلى ذلك، يكتسي مستوى 1,5 درجة مئوية أهمية رمزية عالية لأنه الهدف الأكثر طموحا المحدد في اتفاق باريس للمناخ المبرم العام 2015 للحد من الاحترار المناخي. لكن العتبة المدرجة في هذا الاتفاق الدولي تشمل معدلات وسطية على سنوات عدة وليس على شهر واحد.

وتابعت بورغيس "مع أن كل ذلك مؤقت، لكنه يبرز الضرورة الملحة لاستكمال الجهود الطموحة لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم التي تعتبر السبب الرئيس لهذه المستويات".

هذا، وقد يحطم العام 2023 مستويات قياسية أخرى. وقال مرصد "كوبرنيكوس": "نتوقع أن تكون نهاية العام 2023 حارة نسبيا بسبب تطور ظاهرة ألـنينيو".كما تؤدي هذه الظاهرة المناخية الدورية فوق المحيط الهادئ إلى ارتفاع إضافي في الحرارة.

موجات الحر الشديد ستتواصل في أغسطس

من المتوقع أن تستمر موجات الحر الشديد في جزء كبير من العالم خلال شهر أغسطس/آب، حسب مستشار بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وتأتي هذه التوقعات في وقت شهدت الأسابيع القليلة الماضية تسجيل درجات حرارة قياسية فيما قال عالم مناخ في وكالة ناسا الأمريكية أن شهر تموز/يوليو قد يكون الأسخن على الإطلاق منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

''موجات الحر الشديد ستستمر" في جزء كبير من العالم خلال أغسطس/آب". هذا ما توقعه مستشار بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بعدما شهدت الأسابيع القليلة الماضية تسجيل درجات حرارة قياسية.

وقالت المنظمة هذا الأسبوع إنها تتوقع أن تتجاوز درجات الحرارة في أمريكا الشمالية وآسيا وشمال أفريقيا والبحر المتوسط الأربعين درجة مئوية لعدة أيام هذا الأسبوع مع تفاقم موجة حارة.

وقال جون نيرن كبير مستشاري المنظمة المعني بالحرارة الشديدة لرويترز "علينا أن نتوقع أو على الأقل أن نستعد لاستمرار موجات الحر الشديد خلال أغسطس/آب".

وتشهد مناطق جنوب أوروبا موجة حارة قياسية خلال ذروة موسم السياحة الصيفي، مما دفع السلطات للتحذير من تزايد احتمالات التعرض لمشاكل صحية وحتى الوفاة.

كما تسببت الحرارة العالية في اضطراب حياة ملايين الأمريكيين. وتشهد أيضا منطقة الشرق الأوسط درجات حرارة مرتفعة.

وأشار نيرن إلى أن تغير المناخ يعني زيادة تواتر حدوث موجات الحر وتكرارها عبر المواسم.

وتأمل بعض الدول، بما في ذلك الأعضاء بالاتحاد الأوروبي والبالغ عددهم 27 دولة، أن تتفق جميع البلدان في محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ في وقت لاحق من هذا العام على التخلص التدريجي من استهلاك الوقود الأحفوري الذي يسبب تغير المناخ.

وتقابل الفكرة بمعارضة من الدول التي لديها موارد من النفط والغاز. وقال نيرن "إذا ما تخلصنا من الوقود الأحفوري، فإننا سنحد من عامل كبير يسهم فيما نشهده حاليا". وأضاف "لا يمكننا تغيير الوضع بسرعة، لكن يمكننا بالتأكيد التحرك".

أوروبا تزداد سخونة ودرجات الحرارة في الصين والولايات المتحدة تصل إلى 50 مئوية

من المتوقع أن تشتد الموجة الحارة التي تجتاح أوروبا وأجزاء أخرى من العالم خلال اليومين المقبلين، مع بلوغ درجات الحرارة ذروتها يوم الأربعاء.

وتحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية - وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، من أن موجة الحر التي تؤثر على البحر الأبيض المتوسط ستشتد بحلول منتصف هذا الأسبوع (الأربعاء 19 يوليو/ تموز). ومن المرجح أن تستمر حتى الشهر المقبل في بعض أجزاء أوروبا.

كما تشهد بلاد شمال إفريقيا درجات حرارة عالية، وسجلت الصين "مؤقتا" أعلى درجة حرارة لها على الإطلاق يوم الأحد وهي 52.2 درجة مئوية في شينجيانغ، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية البريطاني.

وفي الوقت نفسه، يشهد عشرات الملايين من الناس في جنوب غرب الولايات المتحدة أيضا حرارة شديدة، حيث لاحظ الخبراء طول موجة الحر وكذلك شدتها.

كما تم تسجيل درجات حرارة عالية في مناطق شمال الكرة الأرضية، حيث حذر مسؤولون من مخاطر البقاء في الظروف الحارة.

وشهد جنوب إسبانيا أعلى درجة حرارة في أوروبا يوم الإثنين، حيث وصلت في أندوخار إلى 44.8 درجة مئوية.

أما صقلية فلم تبتعد عنه بكثير مع وصول الحرارة فيها إلى 43.5 درجة مئوية.

كما تجاوزت درجة الحرارة في دول مثل إيطاليا واليونان وتركيا الـ40 درجة مئوية.

وفي اليونان، تم إجلاء 1200 طفل من مخيمات العطلات بسبب اندلاع حرائق الغابات، بينما أصدرت السلطات الإيطالية تحذيرات حمراء لـ 16 مدينة.

وأطلق الصليب الأحمر التشيكي حملة جديدة للسلامة العامة بهدف مواجهة عدد كبير من حالات الغرق، حيث يبحث الأشخاص في التشيك عن الترويح عن أنفسهم من حرارة الصيف المرتفعة.

وغرق خمسة أشخاص خلال أيام الجمعة والسبت والأحد، والتي كانت أشد عطلة نهاية أسبوع حرارة خلال العام.

وصلت درجات الحرارة إلى 38.6 درجة مئوية شمال براغ وفي مدينة بلزن الغربية يوم السبت، بينما تم تسجيل درجات حرارة قياسية في نحو 100 محطة من إجمالي 160 محطة رصد جوي في البلاد في ذلك اليوم.

والرقم القياسي لأعلى درجة حرارة سجلت في البلاد هو 40.4 درجة مئوية، وقد تم تسجيله في 20 أغسطس/آب 2012.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، بدأت خدمة الإنقاذ المائي التابعة للصليب الأحمر في تركيب عدد من اللافتات الجديدة على البحيرات وأماكن السباحة الأكثر شهرة في البلاد، تحذر الأشخاص من السباحة بمفردهم، وضرورة ارتداء سترات النجاة دائما عند ركوب القوارب المائية، واتباع التعليمات.

للبشر؟

وفي كندا، قالت السلطات إنه عام "غير مسبوق" من نواح كثيرة.

وتجاوزت مساحة الأراضي التي احترقت حتى الآن هذا العام في كندا 24 مليون فدان، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق في البلاد.

وتوجب إجلاء أكثر من 155 ألف شخص نتيجة للحرائق، وهو أكبر عدد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم في العقود الأخيرة.

كما نُشر 3200 رجل إطفاء دولي في كندا للمساعدة في إخماد الحرائق.

وبحسب الصاحفة الأمريكية، فقد شهدت مدينة فينيكس في ولاية أريزونا أسبوعا حارا تاريخيا.

وسجلت المدينة رقما قياسيا الإثنين حيث بلغ عدد الأيام المتتالية من الحرارة المرتفعة، 18 يوما، والتي بلغا الحرارة فيها أكثر من 43 درجة مئوية.

تعد الولايات المتحدة والصين من بين الأماكن الأكثر تأثرا حاليا بالحرارة الشديدة.

زار مبعوث المناخ الأمريكي ووزير الخارجية السابق جون كيري بكين لتجديد المناقشات الرسمية، على الرغم من إجراء محادثات غير رسمية في قمة المناخ الأخيرة في مصر.

وفي تغريدة على تويتر بعد لقائه نظيره الصيني، قال كيري إن العالم بأسره "يعيش واقع الحرارة اليومية التي تحطم الأرقام القياسية".

وتقول بكين إن "تغير المناخ تحد مشترك تواجهه البشرية جمعاء".والولايات المتحدة والصين هما أكبر دولتين مصدرتين لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، لكن بكين أوقفت المحادثات بشأن كيفية خفض الانبعاثات العام الماضي بعد زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان.

رجل يقف أمام مروحة خلال موجة الحر المستمرة مع درجات حرارة تصل إلى 44 درجة ، في منطقة الكولوسيوم، في 17 يوليو/ تموز 2023 في روما، إيطاليا.

غالبا ما يُعبّر عن موجات الحر مثل التي يشهدها الكوكب حالياً "بالقاتل الصامت" لأنها تؤدي إلى وفاة الآلاف من الناس.

ولا يزال العالم غير مستعد بشكل كاف، على الرغم من أن العلماء يقولون إن تغير المناخ يجلب المزيد من موجات الحر الشديدة، كما توضح جولي أريغي، المديرة المؤقتة لمركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وتقول: "إذا لم نكن مستعدين لحرارة اليوم، فنحن لسنا مستعدين لحرارة الغد".

وتقول إن بعض الأماكن أحرزت تقدما، ففي إسبانيا وأستراليا، أنشأ الصليب الأحمر أنظمة خط هاتفي ساخن للتحقق من أحوال كبار السن المعرضين لخطر أكبر بسبب الحرارة الشديدة.

وستضم المدينة المثالية التي ينبغي أن تتكيف مع موجات الحر القوية، مباني مصممة خصيصا للبقاء باردة، مع أنظمة للتظليل أو التبريد.

وسيكون لديها أيضا الكثير من الأشجار للمساعدة في خفض درجات الحرارة، وأماكن يمكن للناس اللجوء إليها من موجات الحر. وتوضح أريغي أن المستشفيات والخدمات الصحية ستحتاج إلى أن تكون قادرة على التعامل مع المزيد من حالات الطوارئ التي ستحدث حتما، كما تقول المديرة المؤقتة لمركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

مستقبل موجات الحر الشديد في العالم العربي يدفع حقا للقلق

يمر العالم العربي حاليا بموجة حر شديدة رفعت درجات الحرارة في بعض البلدان أعلى من حاجز 40 درجة مئوية، ضمن موجة كبرى ضربت مناطق متفرقة من العالم، مثل الصين وشمالي الهند وإيران وجنوبي أوروبا وجنوبي الولايات المتحدة وغربها.

ويتفق الباحثون في هذا النطاق على أن درجة الحرارة العالمية تزداد باطراد منذ العقود الأخيرة من القرن العشرين، مما تسبب في ارتفاع معدلات الموجات الحارة وشدة وطول كل منها، بحيث باتت بعض الموجات الحارة تمتد لأسابيع أو ربما أشهر.

ويتوقع تقرير بحثي من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) أن الاحتباس الحراري سيستمر في رفع درجات الحرارة حتى نهاية القرن، حتى لو تم التدخل الدولي للحد من نفث الغازات الدفيئة، وهو ما يعني زيادة أكبر في تردد الموجات الحارة.

وبالنسبة لعالمنا العربي، فإنه ليس بمعزل عن هذا الأثر، إذ تتوقع دراسة صدرت عام 2020 في دورية "بلوس وان" (PLOS ONE) أن ترتفع درجة الحرارة العظمى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال القرن الحادي والعشرين بين 4 و7 درجات مئوية حسب المنطقة.

وحسب الدراسة، فإنه من المتوقع أيضا أن نشهد كثيرا من أيام الموجات الحارة، حيث ستتعرض 80% من العواصم في المنطقة العربية إلى ظروف موجات الحر في أكثر من 50% من أيام السنة.

وتتأكد تلك النتائج بدراسة أخرى، نشرت في دورية "كلايمت آند أتموسفيرك ساينس" (Climate and Atmospheric Science) التابعة لمؤسسة نيتشر، أشارت إلى أن مظاهر الاحتباس الحراري في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستصبح واضحة بشكل خاص مع تقدم القرن الحادي والعشرين، وبالوصول إلى نهاية القرن ستكون في أقصاها.

وأشارت التوقعات المناخية -وفقا للدراسة- إلى أنه حتى في ظل اتباع القادة السياسيين حول العالم لمسارات منخفضة لانبعاثات غازات الدفيئة، فإن المنطقة ستشهد احترارا كبيرا وسريعا نسبيا بشكل ستكون له آثار سلبية مباشرة على صحة الإنسان والزراعة والعلاقة بين المياه والطاقة، وعديد من القطاعات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.

وبشكل خاص، فإن منطقة الجزيرة العربية ستكون الأكثر تأثرًا بالموجات الحارة مستقبلا حسب دراسة نيتشر، وكان فريق بحثي من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا قد أشار عام 2019 إلى أن درجات الحرارة والرطوبة المرتفعة مستقبلا في المملكة العربية السعودية تحديدا قد تتسبب في إعاقة موسم الحج بحلول منتصف إلى نهاية القرن في الفترات من 2047 إلى 2052 ومن 2079 إلى 2086، حين يأتي الحج في الصيف مرة أخرى.

وحسب هذه الدراسة، فإن التعرض المباشر للشمس مع درجات حرارة أكبر من 30 مئوية، مع ارتفاع نسب الرطوبة لعدد من الساعات المتتالية قد يكون معيار خطورة شديدة، حيث يفشل الجسم في تبريد نفسه ذاتيًا مما قد يلحق الضرر بالدماغ والقلب والكلى والعضلات ويمكن أن يؤدي إلى الموت، خاصة في الحالات والفئات العمرية الهشّة.

ويتفق الباحثون في هذا النطاق على أن العالم بحاجة لبناء إجماع سياسي سريع حول القرارات التي تحد من نفث الغازات الدفيئة، فقد ساء الوضع بالفعل ولا يمكن عكسه للخلف وحتى نهاية القرن، لكن على الأقل يمكن منع الأمر من التطور إلى مستوى لا تحمد عقباه.

مِن صُنع الإنسان؟.. دور البشر في التسبب بموجات الحر الشديد

درجات حرارة قياسية وظواهر جوية متطرفة شهدتها مناطق مختلفة حول العالم خلال شهر يوليو/ تموز الحالي. فما الذي سرع من تغير المناخ؟ وهل للإنسان يد في ذلك؟ دراسة حديثة ألقت الضوء على الموضوع.

دونت سجلات درجات الحرارة أرقاماً قياسية بشكل استثنائي في عدة مناطق حول العالم خلال الشهر الحالي. فقد تم تسجيل أكثر من 50 درجة مئوية في وادي الموت بولاية كاليفورنيا الأمريكية وشمال غرب الصين. كما شهدت منطقة كاتالونيا الإسبانية أكثر الأيام حرارة خلال يوليو/ تموز.

وفي تونس اقتربت الحرارة يوم الاثنين (24 يوليو/ تموز 2023) من 50 درجة حتى في شمال البلاد، بزيادة تتراوح بين ستّ وعشر درجات عن المعدل الموسمي، ما تسبب في انقطاع الكهرباء ويدفع عائلات للنوم على الشواطئ. كماوضعت السلطات في حالة تأهب في الجزائر المجاورة أيضا، حيث قد تصل الحرارة إلى 48 درجة.

وفق دراسة نشرتها الشبكة العالمية "World Weather Attributio، نقلاً عن موقع "فوكوس: الألماني، في الولايات المتحدة وحدها، تأثر 100 مليون شخص بموجات الحر الشديدة وسجلت الآلاف من الأمراض المرتبطة بالحرارة هناك. ولقي العشرات حتفهم نتيجة للحرارة في جميع أنحاء الولايات المتحدة. في المكسيك، أدت درجات الحرارة القصوى في يوليو/ تموز إلى مقتل أكثر من 200 شخص.وتسببت الظواهر الجوية المتطرفة خلال شهر يوليو /تموز في أضرار بأنحاء الكوكب مع بلوغ درجات الحرارة مستويات قياسية في الصين والولايات المتحدة وجنوب أوروبا وانتشار حرائق الغابات ونقص المياه وارتفاع حالات دخول المستشفيات بسبب الحر الشديد. وفي مطلع هذا الأسبوع، جرى إجلاء مئات السائحين من جزيرة رودس اليونانية هربا من حرائق الغابات التي سببتها موجة حارة قياسية.

خلص تقييم العلماء الذي نشر يوم الثلاثاء (24 يوليو/ تموز 2023) إلى أن تغير المناخ بسبب نشاط الإنسان لعب دورا "مؤثرا دون شك" في موجات الحر الشديد التي اجتاحت أمريكا الشمالية وأوروبا والصين هذا الشهر.وتشير دراسة أعدها فريق إسناد الطقس في العالم، وهو فريق عالمي من العلماء الذين يبحثون في علاقة تغير المناخ بالظواهر الجوية المتطرفة، إلى أنه لولا تغير المناخ بفعل نشاط البشر لكانت تلك الظواهر هذا الشهر "نادرة للغاية". وقال عز الدين بينتو من المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية، الذي شارك في إجراء الدراسة، خلال إفادة للصحفيين "كان من المستحيل عمليا ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا وأمريكا الشمالية دون تأثيرات التغير المناخي". وأضاف "في الصين أصبح الأمر أقرب للحدوث 50 مرة مقارنة بالسابق". وبحسب تقدير فريق إسناد الطقس في العالم، فإن ارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري رفعت درجة حرارة موجة الحر الأوروبية 2.5 درجة مئوية عما كانت عليه، كما أدى لارتفاع موجة الحر في أمريكا الشمالية درجتين مئويتين وفي الصين درجة مئوية واحدة.

من جانبها أوضحت خبيرة المناخ، فريدريكه أوتو، من إمبريال كوليدج للعلوم والتكنولوجيا والطب في لندن أن نتيجة الدراسة ليست مفاجئة: "لم يتوقف العالم عن حرق الوقود الأحفوري وأصبحت عواقب تغير المناخ، منها موجات الحر أكثر حدة". لكنها شددت أيضا على أنه لم يفت الأوان على خلق "مستقبل آمن وصحي". ولكن لكي يحدث هذا ، يجب وقف استخدام الوقود الأحفوري على وجه السرعة.

اضف تعليق