قمة المناخ التي تعقد في باريس بحضور 150 رئيس دولة وحكومة في العالم؛ تطرح ملامح إيجابية كبيرة في إمكانية توحد العالم اليوم في مواجهة تغييرات المناخ الكبيرة وارتفاع معدل درجات حرارة الارض درجتان مئويتان قد تمثل تحدياً كبيراً للمخلوقات والاخلال بالتوازن الايكولوجي على سطح الكوكب مما يتسبب كثيراً في تعذر الوصول الى بيئة مستدامة توفر للأجيال القدرة على العيش بها بسهولة.

يحذر الاختصاصي في الجغرافيا السياسية للمناخ في جامعة العلوم السياسية في باريس فرانسوا جيمين، على غرار العديد من الخبراء، من أن الاختلال المناخي سيسهم في تفاقم الأزمات والنزاعات. ولمواجهته يشدد الاختصاصي على "وجوب التفكير في آليات تعاون بين الدول".

العراق لا يختلف كثيراً عن بقية دول العالم، عليه أن يدرك حجم التحديات التي تواجه البيئة العراقية ويفهم الرهانات المستقبلية عليها، البيئة جزءاً مهماً من حياتنا فعليها نعيش ومن هوائها نتنفس ومن تربتها نقتات ونستخرج مواردنا، البيئة كل شيء بالنسبة للعالم تفرد الكابينات الحكومية في العالم أجندات واسعة قابلة للتحقيق دائماً في سبيل استدامتها. ولكننا للعكس في كل شيء، "شخطة قلم" كما يقال ألغيت وزارة البيئة لدينا واركنت ملاكاتها واعمالها الى وزارة أخرى لديها مايكفيها من تحديات مواجهة لاتقل خطورة عن ما يواجه البيئة.

علينا أن نساهم في تعاون كبير مع دول العالم في الحد من خطورة تأثيرات الانبعاثات الكاربونية وما تخلفه من أمطار حامضية خطيرة تؤثر على التربة بشكل كبير وتقلل من خصوبتها، نحن لا نفكر في البيئة المستدامة لأجيالنا همنا أن نحلب منها ما نحتاجه لنتركها متهالكة يزحف علها التصحر وترتفع نسب ملوحتها مما يجعل استصلاحها ضرباً من المستحيل.

القمة العالمية، أكثر الفرص المتاحة فعالية في الاستفادة من التجارب الكبيرة التي طرزت الارض، طاقات نظيفة عن طريق حركة الرياح والطاقة الشمسية، زراعة متوازنة وطرق ري معتدلة تساهم في توفير المياه، وانظمة تساهم في الحد من مخاطر الكربون الناتج عن عمليات الاحتراق العشوائية للغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط التلوث الاجم عنها ومعالجات سريعة لملايين الاطنان من النفايات التي تلقى في الانهار والتي تتسبب دائماً في تأثير مباشر على الثروة السمكية.

الرئيس معصوم كان قد أشار في كلمته التي القاها في المؤتمر عن التهديدات والانتهاكات البيئية التي يتعرض لها العراق وهو يمثل حاجز الصد الاول والمباشر امام الارهاب حيث قال: "نقاوم بعزيمة هذا الخطر الإرهابي الذي لم يتورع في ارتكاب أبشع الجرائم ضد البيئة بتفجير السدود والجسور وحرق آبار النفط بموازاة جرائمه ضد كل العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وباقي مكوناتهم فضلا عن تدمير دور العبادة لمختلف الأديان والطوائف. لكن مواجهة ارهاب داعش مهمة المجتمع الدولي كله. فمن الضروري تجفيف منابعه المالية والاقتصادية وحماية الأطفال والمراهقين والشباب من أن يقعوا في شراك الارهاب".

كما اشار الى دعم العراق الكامل للجهود الاممية الرامية للحد من ظاهرة تغيير المناخ مشيراً الى معاناة البيئة العراقية من تأثيرات الهدم قائلاً : "لقد عانت البيئة العراقية الكثير من المشاكل والتهديم على مر الاجيال نتيجة الحروب المتكررة والاهمال وسوء الادارة خلال العقود الاربعة الماضية ما زاد من هشاشتها لمواجهة الآثار التي تركها التغيير المناخي على كافة القطاعات الحيوية حيث زادت موجات الحر والجفاف مما اثر بشكل مباشر على تزايد هبوب العواصف الغبارية وزيادة المساحات القاحلة والمعرضة للتصحر على حساب الاراضي المزروعة كما انخفضت نسب المياه الواردة إليه من دول الجوار، مما اضر باقتصادنا الوطني وقلص من فرص العمل وزاد من مستويات الفقر واثر بشكل ملحوظ على صحة المواطن العراقي، وتسبب باختلال ديموغرافي خطير".

الرئيس معصوم شخصية يقابلها العالم بالإحترام والتقدير ونأمل من سيادته مع الوفد المرافق له أن يتمكن من إنتزاع حق من حقوق العراقيين من الدول المتشاطئة معه يتمثل بالإطلاقات المائية من تركيا وإيران، الموضوع يجب أن يطرح على هامش القمة وامام انظار الامم المتحدة عسى ان يكون لحضور تركيا وايران لوضع الدولتين أمام الامر الواقع وامام العالم أجمع لنحصل على حق فرطنا به لفترات طويلة وتماهلنا به فأهملنا تربتنا والمسطحات المائية الكبيرة، الاهوار، التي قاربت على الجفاف.

الاهوار بالنسبة للعراق جزءاً مهماً علينا استدامة العمل بها والعراق بلد زراعي لامتلاكه أكثر من خمسون مليون دونم من الممكن زراعتها، المستغل منها للزراعة بلغ 14 مليون دونم أي بنسبة 28% منها، حسب البيانات الاحصائية لوزارة الزراعة لعام 2014 ونشرتها على موقعها الالكتروني، بينما تمتلك مصر 9.3 مليون فدان أي 39 مليون دونم حسب إحصائية وزارة الزراعة المصرية، والزراعة المصرية تواكب التطور ووصلت منتجاتها أسواق العراق بفعل ستراتيجية زراعية اعتمدتها مصر في تطوير قدراتها الزراعية، بينما عجزنا نحن عن إستغلال اراضينا لتوجيه تنميتنا الاقتصادية المستدامة في طريقها الصحية وبالتالي الحفاظ على أمن الاجيال الغذائي.

أراضينا الزراعية مهددة بآفات عدة أهمها ارتفاع نسب الملوحة بسبب انخفاض معدلات المياه الواصلة وزحف التصحر عليها ليقضم كل عام نسب كثيرة منها بفعل إرتفاع درجات الحرارة والحروب والأزمات الاقتصادية المتلاحقة علينا ان نقاتل من أجل حقوقنا في المياه ومنذ اليوم يجب أن يكون لدينا رؤية نعمل على تحقيقها بقوة القانون ونضع من خلالها النفط جانباً نستهدف من خلالها أمن بيئتنا المستدام والحفاظ على كنوز الارض للأجيال القادمة.

حول مشاركة العراق في قمة باريس للمناخ؟

وزيرة الصحة العراقية السيدة عديلة حمود كانت قد أكدت خلال ورشة لمناقشة ورقة المساهمة الوطنية المعدة لمؤتمر باريس، نهاية تشرين الثاني/اكتوبر الجاري، أن "مشاركة العراق ستسهم في معالجة المشاريع البيئية التي تقدمها الجهات المعنية في تغير المناخ سواء تلك المتأثرة بها او الجهات الباعثة للغازات الدفيئة للوصول الى نتيجة بلورة المشاريع التي تحظى بموافقات الجهة المعنية بصندوق (المناخ الاخضر) لتمويلها ودعم العراق بما يتناسب وحجم الضرر الذي لحق به جراء تغير المناخ”. كما أوضحت أن “مؤتمر باريس للمناخ سيمكن العراق ايضا من الاستفادة من الدعم الدولي في بناء قاعدة صناعية وبيئية وفق المعايير البيئية العالمية والاهتمام باستخدام الطاقة البديلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما سيمكن العراق من الاستفادة من امكانيات صندوق المناخ الاخضر”.

في عام 2009 كانت مجلس الرئاسة، في حينه، قد صادقت على قانون إنضمام العراق لاتفاقية الامم المتحدة الاطارية لتغير المناخ وبروتوكول Q2 الملحق بها، وللأسباب الموجبة التي أوضحها القانون في مشاركة المجتمع الدولي في تثبيت غازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستوى يحول دون تدخل خطير من جانب الإنسان في النظام المناخي.

تلكم المحافل الدولية التي أنقطع العراق عنها لفترات طويلة تمثل بالنسبة له اليوم أحد أهم ابواب العالم التي يجب ان نطرقها بصوت يتناغم والتردد الذي من الممكن سماعة من أذن العالم أجمع وهو يعتبر بحق المجال المهم الذي يمكننا من طرح مشاكل العراق على العالم ونحن نخوض حرباً تشتد قساوتها يوماً بعد يوم حيث أثرت الازمة الاقتصادية وما لحقته الحرب على الارهاب من تدمير كبير في البنية التحتية للكثير من المدن التي مر عليها الارهاب، نحن نخوض حرباً بالسلاح حيناً وبالمياه حيناً آخر وحرباً أخرى تستهدف مشاريع العراق الاقتصادية والزراعية وتهدد أمنه الغذائي حتى.

لدينا جبهات عدة نخوض عليها حروب شرسة من أجل الحفاظ على هوية العراق الزراعية والصناعية بل من أجل الحفاظ على بنية الدولة من الانهيار، علينا أن نضع تلك الصورة القاتمة من وضع 37 مليون مواطن عراقي يعاني اكثرهم من مشاكل جمة تحت قسوة الارهاب العالمي وتحت رحمة الدول المتشاطئة مع العراق، عسى أن نتمكن من خلال تلك القمة العالمية من انارة جزء من تلك العتمة في مشاركة دولية كبيرة وعون أممي واضح للتخلص من بعض تهديدات النظام الأيكولوجي في العراق فوحدها الأهوار العراقية من أكبر المسطحات المائية بمساحة 20 ألف كم2 تتهدد اليوم بالزوال عن طريق خفض الحصص المائية المتفق عليها مع الجيران وتسببت في نفوق الآلاف من رؤوس المواشي وتهجير مئات الالاف من العوائل التي كانت تعتمد على الاهوار في السكن ومصادر الغذاء.

ليس مخجلاً أن نطرح مشاكل دولتنا فلم تعد بيئة العراق بمعزل عن الكرة الارضية بل هي جزء منه وما ينوبها من تأثيرات ينوب العالم ايضاً وهنا "قمة الارض" والعراق جزءاً منها يحاول دائماً أن يرسم صورة مغايرة عن ما كانت قبل عام 2003 لم يسعفه الحظ في ذلك لأنه لم يمتلك الريشة التي يلون بها تلك المساحة المتنوعة من الثروات.

سوف توفر باريس في قمتها هذا العام مجوعة كبيرة من الحلول الفاعلة أطلقت عليها "الحلول الطموحة" في مجالات عدة تساعد في تحسين البيئة من خلال تقليص النفايات والهدر، إدارة البصمة الكربونية، استحداث الانشطة الاقتصادية وفرص العمل، تحسين وسائل النقل والتدريب والتوعية مع توفير التعبئة الدولية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص لجمع مبلغ 100 مليار دولار سنوياً إعتباراً من عام 2020 لغرض دعم خططها الطموحة في المجال.

بيئتنا تساهم بشكل كبير في تلوث الارض جمعاء، ففي مقال كتبه وزير النفط العراقي السيد عادل عبد المهدي أوضح فيه "أن العراق ومن خلال احراق 600 مليون قدم3 من الغاز الطبيعي يومياً يكون في نظر العالم رابع اسوء معتد على البيئة ومع ما يرمى يومياً في دجلة من ربع مليون طن من مياه الصرف الصحي، ليبلغ التلوث البكتريولوجي (دون الكيمياوي والأخرى) للمياه كمعدل وطني 16%، ويصل احياناً 30% في بعض المناطق الجنوبية، وهو يتجاوز الـ5% كحد مسموح به وطنياً ودولياً”".

بذلك نكون أشد بلدان العالم بحاجة الى العون الدولي لإستثمار الغاز وفي توفير القدرة على تحديد البصمة الكربونية لبيئتنا، نحن بحاجة الى دعم دولي كبيرة في مجال تدوير النفايات والاستفادة منها لتوفير الطاقة النظيفة أو مواردها الصناعية الاخرى في تحويلها الى سماد طبيعي يحي الارض التي زحف عليها التصحر بعد الخلل الكبير في إدارة موارد المياه، بحاجة الى قدرات العالم في إستغلال الخلايا الشمسية في توفير الطاقة الكهربائية والعراق يمتلك مساحات شاسعة من الاراض المكشوفة وبشمس يعجز الاخرون عن وصف شدتها.

دعوة لممثلي العراق الى قمة الارض أن يكونوا بمستوى القمة وأكثر وان يكون للعراق صوت وان تكون له الفرصة في الحصول على دعم دولي كبير في مجال البيئة وفي مجال دعم مشاريعه المستدامة وفي توفير الفرصة الاكبر له وهو في مواجهة أعتى موجات الارهاب أن يعيد بناء مدنه المدمرة. حفظ الله العراق.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق