كلّنا ندرك حجم الخطر الأخلاقي الذي يحيق بالمجتمع، وكلّنا ندعو إلى مواجهته بالطرق القانونية وبصرامةٍ توقف هذا الانحدار الأخلاقي المتسارع، لكن اصدار قانون مكافحة البغاء والشذوذ يدفعنا إلى التساؤل عن سبب صدوره وتوقيت هذا الصدور؟ تساؤلنا عن سبب صدوره لا يتعارض مع ادراكنا للحاجة إلى مواجهة هذا الخطر...

وفق نظرية العدوى الاجتماعية فان سلوكيات وممارسات جماعة معينة، قد تجد طريقها إلى الانتشار السريع داخل المجتمع دون وعي من المتلقين بمن وماذا وراء هذا الانتشار الذي يحدث في حالة عدم وجود قيود على هذه الجماعة. يتذرع البعض بأن البغاء والشذوذ حالات موجودة في كل المجتمعات وفي كل الأزمان، وبالتالي لا خوف على المجتمع منها.

كلّنا ندرك حجم الخطر الأخلاقي الذي يحيق بالمجتمع، وكلّنا ندعو إلى مواجهته بالطرق القانونية وبصرامةٍ توقف هذا الانحدار الأخلاقي المتسارع، لكن اصدار قانون مكافحة البغاء والشذوذ يدفعنا إلى التساؤل عن سبب صدوره وتوقيت هذا الصدور؟

تساؤلنا عن سبب صدوره لا يتعارض مع ادراكنا للحاجة إلى مواجهة هذا الخطر، بل هو نابع من كون هذه المحاربة موجودة في القانون العراقي أساساً، وما كنا نحتاجه هو تطبيق القانون ساري المفعول أو ربما اجراء بعض التعديلات المطلوبة.

ففي قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 تنص المادة 393 منه على عقوبات بالسجن تصل إلى المؤبد على الممارسات المنحرفة والشذوذ.

لدينا أيضا قانون مكافحة البغاء رقم 54 لسنة 1958 الذي الغي بقانون جديد صدر عن مجلس قيادة الثورة المنحل عام 1988 برقم 8، ثم صدر قانون رقم 234 لسنة 2001 رافعا العقوبة من السجن إلى الإعدام.

كان يكفي تطبيق القانون السابق دون الحاجة إلى قانون جديد.

لا أدري إذا كان توقيت اصدار القانون الجديد وراءه رسالة موجهة إلى الأطراف الخارجية الداعمة لموجة الانحراف المتفشية، والتي زادت حدتها منذ 2003، أو لمجرد مواجهة هذه الآفة التي تهدد مجتمعنا.

لكن انزعاج العامل الخارجي من القانون الجديد تحقق بالفعل، وهو ما يرى البعض أن لا ضرورة له في هذه المرحلة، وكان يفترض الاستعاضة عنه بتطبيق القانون الموجود والذي هو أشد من القانون الجديد في عقوباته، إذ خفّض العقوبة السابقة من الإعدام إلى السجن لمدة أقصاها 7 سنوات.

ومع ذلك نرى الأصوات الخارجية المستنكرة تعالت، وصدرت تصريحات من دبلوماسيين ومسؤولين غربيين رفيعي المستوى، تحذر من تأثير هذا القانون على الاقتصاد العراقي والاستثمارات الخارجية فيه، فيما أصدر تجمع لشركات عالمية كبيرة بياناً يعرب عن القلق من هكذا قوانين.

كل هذه المواقف أكدت أن عملية تفشي الانحراف الأخلاقي في المجتمع وراءها جهد مقصود يستهدف المجتمع بقيمه وأخلاقه.

لا تقولوا إنها نظرية المؤامرة، فالأصداء الغربية حيال قانون مكافحة البغاء تثبت بما لا يدع مجالا للشك والتأويل أنّ في الأمر مؤامرة فعلية على المجتمع يجري تنفيذها منذ سنوات طويلة وعبر برامج زيارات خارجية وتمويل منظمات مجتمع مدني، تغلّف نشاطاتها بعناوين متنوعة.

لذا فهم أن هذا القانون سيحبط كل هذه الجهود.

هؤلاء يريدون للانحرافات الأخلاقية أن تحظى بالقبول تحت عنوان حقوق الانسان. هذه مرحلة أولى تليها مراحل أخرى يفرض فيها الاحترام والتبجيل للشذوذ والانحراف.

كما يحدث في أميركا والغرب، اذ يخصص شهر حزيران من كل عام لتكريم المثليين تحت شعار «شهر الافتخار»، وتتبارى المؤسسات الصحية والخدمية في تقديم خدماتها المجانية لهم، كسباً لرضا الجهات التي تدير تيار الشذوذ عالمياً.

وفق نظرية العدوى الاجتماعية فان سلوكيات وممارسات جماعة معينة، قد تجد طريقها إلى الانتشار السريع داخل المجتمع دون وعي من المتلقين بمن وماذا وراء هذا الانتشار الذي يحدث في حالة عدم وجود قيود على هذه الجماعة.

يتذرع البعض بأن البغاء والشذوذ حالات موجودة في كل المجتمعات وفي كل الأزمان، وبالتالي لا خوف على المجتمع منها.

يغفل هؤلاء ان بقاء هذه الانحرافات محدودة دون انتشار إنما يعود إلى تجريمها والنظر اليها على أنها شذوذ وانحراف وخروج عن الدين والأخلاق والفطرة، لذلك يعمد ممارسوها إلى السرّية والتخفي مما يحد من انتشارها.

أما لو اعطي أصحابها حرية ممارستها واعتبروها حقا إنسانيا وممارسة فطرية عادية فإنها سرعان ما تتفشى خصوصا إذا كانت وراءها جهات تدفع باتجاه نشرها، وترصد لذلك أموالا طائلة.

هذا ما يحدث في اميركا والدول الغربية، ففي جامعة واحدة في اميركا (جامعة براون) أظهر استطلاع رأي أن نسبة المثليين في الجامعة ارتفعت من 13 بالمئة عام 2010 إلى 38 بالمئة عام 2023، أي أن اعدادهم تضاعفت بالتزامن مع موجة الدفاع عنهم تحت يافطة حقوق الإنسان.

من هنا يمكن فهم أسباب الغضب الغربي من قانون مكافحة البغاء والشذوذ، الذي صدر مؤخراً عن المؤسسة التشريعية العراقية.

السؤال الآن هو: هل سيأخذ القانون طريقه إلى التنفيذ بالفعل أم سيجري تمييعه، كحال كثير من القوانين، ومنها قانون تجريم البعث، خصوصا إذا ما مارس سفراء الدول المؤثرة في الواقع العراقي ضغوطهم على الحكومة؟


اضف تعليق