q
نعيش اليوم في عالم يقتات على الكذب والتضليل وهو ما يتجسد بالإعلام الجديد الذي بات أخطر قوة معلوماتية وفكرية، تسخر الدعاية والحرب النفسية لنشر وبث المعلومات والأفكار المغلوطة بطريقة قصدية، لصنع صورة نمطية وخلق واقع مزيف يمكن تنفيذه عبر أساليب التضليل الإعلامي...

نعيش اليوم في عالم يقتات على الكذب والتضليل وهو ما يتجسد بالإعلام الجديد الذي بات أخطر قوة معلوماتية وفكرية، تسخر الدعاية والحرب النفسية لنشر وبث المعلومات والأفكار المغلوطة بطريقة قصدية، لصنع صورة نمطية وخلق واقع مزيف يمكن تنفيذه عبر أساليب التضليل الإعلامي وهي كالاتي:

أولاً: الكذب، الخداع.

ثانيا: الاشاعة والتشويش.

ثالثا: إخفاء الحقائق والمعلومات.

رابعاً: اختلاق وقائع ممسرحة.

خامساً: اغراق وسائل الاعلام بأكثر الاخبار تناقضاً بحيث تفقد أي معنى عند استعمالها اثناء الصراعات والأزمات وفقا لما ورد في كتاب الدعاية السياسية بين الماضي والحاضر في للدكتور حازم محمد الحمداني.

مما تقدم يمكن اثارة مجموعة من التساؤلات المهمة ولعل اهمها هل هناك من يستدرج الاعلام نحو فخ الكذب؟؟ الاجابة، نعم هناك إعلام يعيش على (صناعة التضليل)، ومن المشاكل العصية أن حصانة الرأي العام لم تكن دائما من الصلابة بحيث تكون قادرة على فضح الإعلام المضلَّل، بمعنى هناك مشكلة التضليل دائما تقف في وجه الاعلام القائم على الحقائق.

علما أن العلاقة بين الحقيقة والاعلام متعاضدة ومتبادَلة في الوقت نفسه، فهي تسهم في صناعة اعلام ناجح، والاعلام يمكن أن يقوم بدور مهم في كشف الحقائق وتثبيتها، إذاً فإن دور الاعلام يمكن أن يكون كبيرا في تثبيت الحقائق، أو تغييرها، وله قدرة كبيرة على التلاعب بالعقول، ليس البسيطة العادية غير المتخصصة فحسب، وإنما يمكن للاعلام المضلل أن يتلاعب حتى بعقول النخبة، أو الاشخاص والجهات المعنية بتطوير المجتمع، والتي تعلن قيادتها للنشاط المجتمعي الحكومي والاهلي على حد سواء، خاصة عندما تسير هذه النخب مع الموجة التي يصنعها الاعلام عبر وسائل التزييف والفبركة.

لا يمكن للاعلام أن يمسك العصا من المنتصف فيما يتعلق برصد الحقائق وتثبيتها، بمعنى أما أن يصطف الاعلام الى جانب الدقة والانصاف أو يكون مغاليا مأجورا ومفبركا كما في الصحافة الصفراء مثلا، فأما أن يكون الخداع منهجا للاعلام، أو انه ذو منهج يقوم على الصدق، ولا يمكن أن تكون الوسطية هنا مقبولة او ناجحة، أي لا يمكن أن يكون الاعلام صادقا مرة وفي اخرى كاذبا ومخادعا، فهو يتبع منهج المخطط له والمنفّذ لأهدافه المرسومة مسبقا.

هناك خطر كبير يمكن أن يتسبب به الاعلام عندما يسعى لتزييف الحقائق، هنا سوف تتضح خطورة الاعلام في تعامله مع بسطاء الناس، ومحاولاته الحثيثة لتزييف الحقائق بما يتفق ومصالح القائمين عليه، خاصة اذا عرفنا قدرات الاعلام الكبيرة في خداع العقول التي تظن بأنها واعية ومحصنة من مخاطر الاعلام الصاخب والكاذب، وهذا يذكرنا بالمقولة ذائعة الصيت لجوزيف جوبلز وزير الدعاية النازي الذي قال فيها: (إكذب إكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك).

وهكذا يسعى الاعلام الكاذب لتزييف الحقائق لكي تصبح الاكاذيب صورة أو حالة واقعية مفروضة على العقول التي سرعان من تنطلي عليها عمليات الخداع والتضليل، لتمرير اهداف معينة لصالح كتلة او حزب او شخصية سياسية، او تزيين وجوه كالحة وأياد سارقة وآثمة، ومشاريع مشبوهة، وما الى ذلك من اهداف يسعى الاعلام المزيف الى ترويجها وتثبيتها كحقائق، هذا الامر على الصعيد المحلي وهناك اعلام يسعى لخدمة أهداف خارجية اقليمية ودولية.

إن بسطاء الناس ربما لا يعون مخاطر اللعبة الاعلامية وقدرتها على التزييف، لذلك قد ينخدع كثيرون بسرعة، بما يتم طرحه من اهداف ومشاريع واجندات مشبوهة مختلقة لا تمت للحقيقة بصلة، وقد نعطي العذر للناس البسطاء بسبب تدني مستوى الوعي لديهم، وضعف الاطلاع وفهم ما يجري في السياسية وسواها، ولكن ما هو عذر العقول المتخصصة الواعية عندما تنطلي عليها مثل هذه الاكاذيب وتؤثر عليها، وتغيّر من قناعاتها وسلوكها ايضا؟، إن الخطر كل الخطر يكمن في قدرة الاعلام المزيف على التأثير في العقول الواعية المتخصصة، فالمتوقع من العقول الذكية كشف التضليل والتزييف الاعلامي وفضحه وتنوير بسطاء الناس، فاذا سقطت في الفخ فهذا يعني أن الجميع تنطلي عليه اللعبة، هذا هو مكمن الخطر بالضبط.

ويرى خبراء الاعلام انه يمكن مواجهة التضليل الاعلامي المعادي عن طريق الاعلام ووسائل الدعاية المضادة والتي تتمثل بما يلي:

1 – وجود منهاج توعية شامل يستهدف تنمية الشعور بالمسؤولية لدى المواطنين مع توضيح دقيق لدور الخطير للمجموعة المعادية وايضاح وسائلهم واساليبهم التخريبية.

2 – تحقيق الوحدة الوطنية المتماسكة وقطع الطريق على محاولات زرع بذور الفرقة وأثبتت احداث العالم والعراق بعد 2003 ان الشعب المفكك يكون مرتعاً للاعداء.

3 – اتخاذ تدابير كفؤة لمواجهة الاشاعة من أهمها اطلاع الشعب بشكل صادق على ما يجري بعيداً عن أساليب الخادع والمرواغة التي سرعان ما يكتشفها الشعب.

4 – وضع سياسية إعلامية وطنية موحدة للشعب والتحذير من محاولة إشاعة عوامل الفرق والتناحر بين أبناء الوطن الواحدة.

5 – مد جسور الثقة بين الشعب والسلطة وتعميقها والتواصل الحقيقي مع المواطنين والاستماع الى شكواهم وآرائهم ومناقشتها معهم.

6 - اتخاذ تدابير عملية للاعتماد على علم النفس والاجتماع والسياسية والسوق العسكرية لمجابهة م يخطط له العدو حالياً ومستقبلاً.

وعليه فان مهمة رصد الاعلام المسيء جماعية، خاصة أننا في العراق نمر بظروف ملتبسة، هنا يتقدم دور اصحاب الوعي المتخصص والعقول الواعية، لكشف وفضح الاعلام المندس، ورفض التعامل معه من خلال اطلاق حملات توعية مضادة وفاعلة مدعومة بالوعي والحقائق، وتكون قادرة على أن تكشف حالات التضليل التي يقوم بها الاعلام القائم على الأكاذيب، ولابد أن نقوم بمهمة مضاعفة الوعي الشعبي العام ضد الانزلاق في منحدر الاعلام المخادع الذي لا يعمل لخدمة المجتمع، بل هو اعلام مأجور، مزيّف للحقائق، يتحرك وفقا لأهداف مرسومة مسبقا، مضادة للشعب والدولة، بعد استلام الأجور عن هذا الدور الخبيث مقدما!

اضف تعليق