إنسانيات - علم نفس

المريض في عقل الطبيب

لماذا يغلب الجشع والفوقية على سلوك الاطباء؟

تحولت مهنة الطب من صفة الملائكية الى صفة تختلف عن ما يشاع بإنسانيتها، فبعد ان كانت تحمي ارواح الناس وتصونها تحولت الى باب للكسب المبالغ فيه للوصول الى الرفاهية والترف، فهل درس هؤلاء الطب ليرتقوا به ويخدموا المرضى أم ليمطوا به ظهور البشر؟...

وحدها الصدفة من قادتني الى كتابة هذا المقال عن سلوك بعض الاطباء ومن هم في دائرتهم بعد ان ذهبت برفقة صديق لي لاحدى المناطق المكتظة بالعيادات الطبية ليحجز موعداً لوالده، بعد الاستعلام من اكثر من صاحب صيدلية وصلنا الى مملكة صاحب الجلال الطبيب (ك. م).

قابلنا شخص عند مدخل عيادته فرحنا حينها لأننا سنحصل على دور او (سرة)_ كما يقال بالعراقي_ الفرحة لم تدوم الا ثوان فقد تفاجئنا بطريقة تعامل فجة للشخص الذي عرف نفسه بالسكرتير فقد رفض اعطاءنا تسلسل لعدم تيقنه من قدوم الطبيب، كما رفض اعطاء رقم هاتف العيادة او حتى رقمه الشخصي ليتسنى لنا التحقق من وصول الطبيب وبالتالي التوجه الى عيادته سيما والمريض يبعد قرابة الـ(20) كيلو متراً عن العيادة ناهيك عن الاسلوب البعيد عن اللطف، الذي تكلم به السكرتير او بواب صاحب السعادة.

حينها تفضل علينا احد المرضى المنتظرين على باب الطبيب املاً في مجيئه غير المؤكد بإعطائنا رقم هاتفه لعله يخبرنا بوصول الطبيب، عدنا انا وصديقي نتساءل عن سلوك عامل عند طبيب فما هو تعامل الطبيب نفسه؟ لماذا تحولت مهنة الانسانية الى مهنة جزارة؟، كيف ينظر الاطباء الى مراجعيهم؟، اين شرف المهنة الذي اقسموا على حماية والالتزام به؟ من اوصل ما يفترض انهم من ارقى طبقات المجتمع الى هذا المستوى من الجشع والمادية؟

جميعنا يتفق انها من اصعب المهن وطريق الوصول اليها ليس معبداً ولا يسيراً بالمرة ففي طريقها مصاعب جمة من جهد دراسي فوق الطبعي وعناء وسهر اضافة الى التكاليف المادية التي ينفقها الاهل على ابناءهم كالدورات التعليمية والاجهزة والتقنيات وغيرها من المستلزمات التي توصله الى معدل دراسي في نهاية المطاف يهيئه للدخول في احدى كليات الطب، لكن هذا لم يحصل لو لم يكن التوفيق الالهي حاضراً ، اليس من اوصلك الى هذه المكانة العلمية يريد منك حمده عبر مدارة عياله الفقراء؟، ومن سيقيكم جزاء ما تصنعون يوم لا ينفع مالكم وماتجنون؟

سلوكياتهم غير الانسانية هي: الكثير من الاطباء اوصلهم غياب الضمير الى الاتفاق مع اصحاب الصيدليات على كتابة ماركات الادوية الموجودة في صيدلياتهم وان كانت ذات نوعيات اقل جودة من نظيراتها في صيدليات اخرى مقابل نسبة للطبيب في سعر الدواء، ليس هذا فقط بل يصل بهم الامر الى كتابة انواع من العلاجات لا توجد حاجه فعليه لها لان مدة نفاذ هذه العلاجات اوشكت على الانتهاء!!!.

اليس من الخيانة لشرف المهنة وللإنسانية ان يأمر الطبيب مريضه بعمل فحوصات لدى مختبرات غالية التكلفة بحجة انه لا يثق بغيرها بينما هو متعاقد معهم على (عمولة) مقابل ارسال المرضى اليهم؟؟؟.

الكثير من الاطباء يتعاملون بفوقية مع المرضى عند مراجعتهم لهم في المستشفيات او المراكز الحكومية بينما يختلف التعامل بنسبة 100% في حالة مراجعتهم في عياداتهم الخاصة، ناهيك بعض المظاهر نراها في اغلب العيادات الخاصة من انعدام النظافة وعدم وجود اماكن للاستراحة تناسب الانسان وصولاً الى غياب ابسط حقوق المرضى من كبار السن في توفر كرسي متحرك يسهل عملية وصوله الى الطبيب.

وعند نجاح أي طبيب في عمله ونيله شهرة او اقبال من المرضى يقوم برفع الاجور يوما بعد يوم متسلطاً على حياة الناس وصحتهم ومستغلاً لحاجتهم اليه مما يؤشر غياب الانسانية لدى الاغلب.

من البديهي ان الحرمان في مرحلة عمرية يولد السعي الى التعويض ولعل الجشع الذي يتصف به اغلب الاطباء في العراق والوطن العربي ربما هو نتيجة واقعية لحرمان عاشوه مع انها ليست قاعدة فالكثير من الاطباء هم ابناء اطباء او ابناء اسر ميسورة الحال وبذا نجزم ان سلوك الجشع قد يكون ذو اصول وراثية ايضاً وهذان سببان للجشع عند الاطباء.

تعظيم المجتمع العربي للطبيب وتأهيله هو ثالث الاسباب التي اوصلت الاطباء الى هذا المستوى من الغطرسة والتكبر لان العربي لا يحتمل النعمة ولايوجد للبساطة معنى في قاموسه على عكس الكثير المجتمعات التي ترى ان مثل هذه المهن هي مهن خدمية وليست تشريفية او تسلطية.

المعالجات تمكن في اخذ الدور الرقابي من السلطات الصحية عبر معاقبة من يسيء استخدام الاطباء ونظرائهم اصحاب المهن الطبية وضبط سلوكياتهم غير المنضبطة ومعاقبتهم وان كانوا من اعلى التخصصات العلمية لان الذي يأمن العقاب يسئ الادب.

وللمجتمع دور في الحد من الظواهر السلبية للأطباء عبر تجاهلهم وعدم اعطاءهم اكثر من قيمتهم ما من شأنه ان يوقف عندهم التكبر والفوقية فالطاعة العمياء والاحترام المبالغ افقدهم وقارهم وبساطتهم وانسانيتهم.

في الخلاصة نقول: تحولت مهنة الطب من صفة الملائكية الى صفة تختلف عن ما يشاع بانسانيتها، فبعد ان كانت تحمي ارواح الناس وتصونها تحولت الى باب للكسب المبالغ فيه للوصول الى الرفاهية والترف، فهل درس هؤلاء الطب ليرتقوا به ويخدموا المرضى أم ليمطوا به ظهور البشر؟

اضف تعليق


التعليقات

حيدر صبيح
العراق
احسنت النشر2021-04-10