q
تشير الأبحاث العلمية إلى أن القراءة تساعدنا على الشعور بالترابط مع الآخرين - فحتى الشعور بالارتباط بالشخصيات التي في الكتاب تخلق شعورًا بالانتماء، وهو من مقوِّمات السعادة الهامة. بإمكان القراءة أن تُعزِّز المشاعر الإيجابية، خاصةً إذا ألهمك الكتاب التفكيرَ في حياتك بطريقة جديدة أو اتخاذ خطوة في سبيل تحقيق أهدافك...

يمكن لتغييرٍ بسيط في السلوك أن يغيِّر الطريقة التي ترى بها نفسك والعالم. والأهم أن تبنِّي مثل تلك السلوكيات من المُمكِن أن يَزيد من مقدار سعادتنا، ويحسِّن صحتنا الجسدية، ويمد في أعمارنا.

إليك تغييرًا صغيرًا يمكن أن تُدخِله على حياتك اليومية لتعزيز شعورك بالسعادة: اقرأ كتابًا محبَّبًا إليك! يتذكَّر العديد من الناس أوقاتًا من طفولتهم حين كانوا ينهمِكون تمامًا في قراءةِ كتابٍ يحبونه، مثل سلسلة هاري بوتر. وأتذكَّر اضطراري إلى إزالة لمبات الإضاءة لدى ابني الأكبر لأنه لم يكن يستطيع الإمساكَ عن القراءة حرفيًّا.

لكن نحن البالغين دائمًا ما نظن «أنه لا وقت لدينا للقراءة». (والغريب أننا نجد بطريقةٍ ما الوقت لمشاهدة التلفزيون، والبحث على الإنترنت، وتجديد منشوراتنا على الفيسبوك). والمؤسف أننا بذلك يَضيع علينا بعضٌ من فوائد القراءة الكثيرة.

تشير الأبحاث العلمية إلى أن القراءة تساعدنا على الشعور بالترابط مع الآخرين - فحتى الشعور بالارتباط بالشخصيات التي في الكتاب تخلق شعورًا بالانتماء، وهو من مقوِّمات السعادة الهامة. بإمكان القراءة أن تُعزِّز المشاعر الإيجابية، خاصةً إذا ألهمك الكتاب التفكيرَ في حياتك بطريقة جديدة أو اتخاذ خطوة في سبيل تحقيق أهدافك.

كذلك تستطيع القراءةُ، خاصةً الأدب، أن تُحسِّن من قدرتنا على التعاطف مع الآخرين وبذلك تحسِّن مهاراتنا الاجتماعية. حين نستغرِق في رواية من الروايات، نتخيَّل العالَم من خلال عيون الشخصيات، مما يُعزِّز قدرتنا على تبنِّي رؤية شخص آخر في الحياة الواقعية. وقد تزيد هذه المهارة بدورها من قدرتنا على التعاطُف مع الآخرين وتجاوز الخلافات. من الأمثلة على ذلك أن طلاب الصف الخامس الذين قرأوا سلسلةَ «هاري بوتر»، التي تتناول التحامُل بين السَّحرة وغيرِ السَّحرة، أصبحوا أكثرَ عطفًا وأقلَّ تكبُّرًا تُجاه الناس الذين ينتمون إلى الفئات الموصومة. وكما يقول كيث أوتلي، عالِم النفس في جامعة تورنتو: «قد يكون الأدب الروائي هو جهاز محاكاة الطيران الخاص بالعقل.»

علاوةً على ذلك، أشارت أدلةٌ حديثة إلى أن قراءة الكتب قد تُطيل أعمارنا. فقد قارنت إحدى الدراسات بين ثلاث مجموعات من الناس (كلهم في سن الخمسين وأكبر): مجموعة لا تقرأ الكتب مطلقًا، ومجموعة تقرأ الكتب مدة تَصِل إلى ثلاث ساعات ونصف أسبوعيًّا، ومجموعة تقرأ الكتب مدة تزيد عن ثلاث ساعات ونصف أسبوعيًّا. مقارنةً بمن لا يقرءون، كان الذين يقرءون ثلاث ساعات ونصف أسبوعيًّا أقل عرضة للموت بنسبة ١٧ في المائة خلال فترة المتابعة التي بلغت ١٢ عامًا، وكان الذين يقرءون لمدة زادت عن ثلاث ساعات ونصف أسبوعيًّا أقل عرضة للموت خلال هذه المدة بنسبة ٢٣ في المائة. في الواقع لقد عاش الذين يقرءون كتبًا أطول ممَّن لا يقرءون على الإطلاق بنحو عامين في المتوسط. فما السبب وراء هذه النتائج المدهِشة؟ الذين يداومون على قراءة الكتب، لا الصحف أو المجلات، يُظهرون مستوياتٍ أعلى من المهارات المعرفية؛ منها الذاكرة والتفكير النقدي، والتركيز. وهذه القُدرات بدورها تمنح فرصًا أفضل في البقاء على قيد الحياة.

من ثمَّ فإنها طريقة سهلة لتزيد من إحساسك بالسعادة أن تختار كتابًا تراه أنت مُمتعًا (وليس كتابًا «يُنصح بقراءته») وانوِ القراءةَ كلَّ يوم بضع دقائق قبل الخلود للنوم، أو أثناء استراحة الغداء، أو خلال تنقلاتك اليومية في المواصلات العامة. فهذا قد يُطيل عمرك أيضًا!

* مقتبس بتصرف من كتاب التحول الإيجابي: تحكم في طريقة تفكيرك وانعم بالسعادة والصحة والعمر المديد، للمؤلفة: كاثرين إيه ساندرسون، أستاذة علم النفس في أمهرست كوليدج بولاية ماساتشوستس الأمريكية

اضف تعليق