تصاعد الجدل في فرنسا مع موجة احتجاجات على الانترنت في الأسابيع الأخيرة، وذلك على خلفية إجازة الملك السعودي سلمان وحاشيته الضخمة التي تضم ألف شخص في فيلا على أحد الشواطئ السياحية الفرنسية، اغلق على اثرها الشاطئ أمام المصطافين وسكان المنطقة لدواعي الخصوصية ولاعتبارات أمنية، وقد تجسد الجدل في اطلاق عريضة نشرت على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ضد إغلاق الشاطئ العام المقابل للفيلا، جمعت أكثر من 120 ألف توقيع لا يوافق على ذلك ويعارض "خصخصة" الشاطئ، وانتقد بعض المراقبين ان الامتيازات الممنوحة للوفد الملكي، وهذه الامتيازات تخترق القانون الفرنسي وحرية شعبه، وقال بعضهم أين سنذهب إذا كان الأغنياء والأقوياء لا يحترمون القانون بذريعة أنهم ينفقون المال.

فيما يأمل جيران العاهل السعودي الذي يمضي عطلة الصيف في الريفييرا الفرنسية الاستفادة من حاشيته الكبيرة العدد على الرغم من إغلاق الشاطئ أمام الجمهور والأشغال المثيرة للجدل حول ممتلكاته. ويرى مراقبون آخرون ان الاقتصاد المحلي في فرنسا سينعم كثيرا بزيارة الملك ودائرته المقربة التي تستمر ثلاثة أسابيع في فيلا العائلة الحاكمة المطلة على البحر في بلدة "فالوريس" التي احتفلت النجمة الأمريكية الراحلة "ريتا هيوارث" فيها بزواجها من الأمير الباكستاني علي خان عام 1949.

لكن إغلاق الشاطئ العام لدواعي الخصوصية ولاعتبارات أمنية أثار عاصفة محلية، وحصلت عريضة احتجاج على "خصخصة" شاطئ "ميراندول" المواجه للفيلا السعودية على أكثر من 100 ألف توقيع خلال أسبوع.

في ذات الصدد قامت شرطة أنسي الفرنسية بعد شكاوى لسكان المدينة بتوزيع منشورات على السائحات الخليجيات، غالبيتهن من السعودية، يرتدين النقاب، للفت انتباههن للقانون الذي يمنع إخفاء الوجه في الأماكن العمومية.

ويزور هذه المدينة الفرنسية الكثير من السائحات من دول الخليج، وأثار شكل لباسهن وكثرة تواجدهن في المناطق السياحية بالمدينة، خاصة ببحيرة أنسي، انتباه السكان، بل أن الصحافة تحدثت عن صدمة العديد منهم لإخفاء هؤلاء لأجسادهن كليا بما في ذلك الوجه، ويشار إلى أن القانون الفرنسي حول النقاب الذي يخفي الوجه يفرض عقوبة على المخالفات قدرها 150 يورو.

ومن الجدير بالذكر انه لم يمض العاهل الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي حكم من 2005 حتى وفاته مطلع العام الحالي، أي عطلة في هذه الفيلا الفخمة، لكن الملك الجديد يحيي تقليدا بدأه الملك فهد الذي كان يقيم هنا بانتظام.

وعليه تضفي المعطيات آنفة الذكر ان عطلة الملك السعودية وحاشيته في فرنسا كشف ملامح الفساد والبذخ في النظام السعودي، وربما المال لا يساوي شيئاً حتى تنفقه.. هذه الفلسفة هي التي تقف وراء العطلة الملكية بالبذخ المبالغ والفساد العلني، ولا شيء يساوي الإنفاق سوى تمتع الملك وحاشيته على حساب شعبه المقهور اقتصاديا وحقوقيا.

جدل واسع عقب عطلة الملك السعودي

في سياق متصل وقع سكان من بلدة فالوريس الواقعة على ساحل "الريفييرا" جنوب شرق فرنسا عريضة على الإنترنت للترحيب بالعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي يمضي عطلته الصيفية في مدينتهم، معتبرين تواجده مفيدا لاقتصاد بلادهم وفرصة لتحقيق إيرادات، وتأتي هذه العريضة ردا على عريضة أخرى احتج فيها أكثر من مئة ألف شخص على قدومه وعلى تخصيص الشاطئ المقابل له.

وقال طوني، وهو صاحب شقة في مبنى سكني مجاور إن "إغلاق الشاطئ يزعجني قليلا ليس أكثر من ذلك. أنا على استعداد للتضحية براحتي الشخصية لأن الملك من الزبائن الجيدين لفرنسا"، وفي المبنى السكني "يشكو كثيرون من الوضع"، بحسب طوني، ومع ذلك، فإن الشقيقتين كلثوم وجو تقللان من شأن ذلك قائلتين "ما هو حجم المضايقات الصغيرة مقارنة مع الإيرادات المكتسبة؟ وجود الملك لا يزعجنا على الإطلاق"، وأضافتا "طوال ثلاثة أسابيع، كان هناك كم هائل من شاحنات مخازن الأجهزة المنزلية والمهندسين المعماريين ومصممي المساحات الخضراء والزهور، أو حتى الخادمات. عليك أن تشاهد طوابير الانتظار أمام محلات هيرميس أو شانيل في كان".

إقامة الملك سلمان في الفيلا أعلى الشاطئ

وفي مكان غير بعيد، تحرس سيارة شرطة مدخل الشاطئ العام "لا ميراندول"، الذي يمكن رؤيته من نوافذ القصر السعودي، وأصدرت سلطات المحافظة قرارا "يمنع الدخول وحركة المرور في المجال العام البحري والاستحمام أمام مقر إقامة ملك المملكة العربية السعودية".

وفي عرض البحر، على بعد عشرات الأمتار من الشاطئ، يتولى زورقان للدرك ضمان عدم تسلل أي قارب إلى الشريط الساحلي الممتد على مسافة 300 متر يحظر فيه أي تحرك خلال إقامة الملك. بحسب فرانس برس.

وقرب القصر، ينتظر سائقو سيارات ألمانية فاخرة مع زجاج داكن زوار الملك الواصلين من مدينة كان، ويؤكد هؤلاء حجز 400 من هذه السيارات الفخمة لمدة شهر لتأمين تحركات مجموعة من أفراد العائلة المالكة، وأصدقاء الملك، ومسؤولين عسكريين وغيرهم، وقال أيمن الذي يرتدي ربطة عنق "إنهم يطلبون منا نقلهم إلى المطعم، أو زيارة سان تروبيه وموناكو ونيس، أو الفيلات في المنطقة، لأنهم يبحثون عن عقارات لشرائها"، ويقول أحد زملائه "يجب تفهم هذه التدابير الأمنية، فالسعودية بلد في حالة حرب مع داعش (...) إذا استقبلناهم بشكل سيء سيذهبون إلى حيث تفرش لهم السجادة الحمراء".

السائحات الخليجيات وقانون منع النقاب

على صعيد ذي صلة أبدت السلطات المحلية في مدينة أنسي الواقعة جنوب شرق فرنسا، بمنطقة "لاهوط سافوا"، صرامة واضحة في تطبيق القانون المرتبط بالنقاب. فدعت السائحات، وغالبيتهن من السعودية، إلى احترام هذا القانون بعد أن وزعت منشورا باللغتين الفرنسية والإنجليزية بهذا الخصوص، وأفادت مجلة "لكسبريس"، التي نقلت الخبر عن صحيفة "لوطون" السويسرية، أن هؤلاء السائحات يتنقلن من البلد المجاور سويسرا نحو فرنسا فيتخطين الحدود للقيام بجولات في مدينة أنسي المجاورة، إلا أنهن يغفلن أن القانون الفرنسي، حول النقاب تحديدا، يختلف عن نظيره السويسري، وبررت الشرطة المحلية في مدينة أنسي خطوتها بشكاوى عديدة من السكان "صدموا من رؤية نساء منقبات". ونفت أن تكون حاولت مطاردة هؤلاء، مؤكدة أن تحركها يأتي في إطار التذكير بالقوانين المعمول بها في فرنسا بهذا الشأن، "وليس له علاقة لا بجنسية النساء ولا بدياناتهن"، وفق ما صرح به مسؤول في الشرطة بالمدينة.

ولم يبد سائح سعودي كان مصحوبا بوالدته وزوجته المنقبة، استجوبته صحيفة "لوطون"، أي تفهم للقانون، وأقر أنه كان يتجول في أنسي مع زوجته المنقبة، رغم أنه كان يعلم أن ذلك يعارض القانون الفرنسي.

اضف تعليق