في ظل اتساع دائرة الحروب والصراعات المسلحة، وتفاقم المشكلات والازمات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، ازدادت الانتهاكات والجرائم الخطيرة ضد الانسانية التي اثارت قلق ومخاوف المجتمع الدولي، خصوصا تلك الجرائم التي تصنف على انها جرائم ابادة جماعية اصبحت ترتكب اليوم بشكل واسع بسبب انتشار الجماعات والتنظيمات الارهابية المسلحة، والإبادة الجماعية وكما تنقل بعض المصادر، اسم يطلق على سياسة القتل الجماعي المنظمة، التي تقوم بها بعض حكومات والجماعات المسلحة ضد افراد وطوائف وشعوب على أساس قومي أو عرقي أو ديني أو سياسي، وصنفت كـجريمة دولية في اتفاقية وافقت الأمم المتحدة عليها بالإجماع سنة 1948م ووضعت موضع التنفيذ 1951م بعد أن صادقت عليها عشرون دولة. في هذه الاتفاقية، بِمُوجِب المادة الثانية، تعني الإبادة الجماعية أيا من الأفعال التالية، المرتكبة على قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو اثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: قتل أعضاء من الجماعة، إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، إخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا، فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة، نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى، وقد تكرر ارتكاب جرائم إبادة الجنس البشري بصورة بشعة، كما حدث في البوسنة والهرسك وفلسطين ولبنان والعراق وغيرها.

وكان للمحاكم الدولية دور مهم في فضح بعض الحقائق التاريخية من خلال محكمة بعض المسؤولين والقادة المتهمين بارتكاب جرائم الحرب في العديد من الدول، ويرى بعض المراقبين ان المحاكم الدولية هي مجرد محاكم صورية هدفها تضليل الرأي العام، خصوصا وانها محكمة منحازة تتجاهل الكثير من القضايا والجرائم الكبيرة، التي ارتكبت من قبل القوى العظمى وحلفائها.

العراق

فيما يخص بعض هذه الجرائم فقد اعلنت الامم المتحدة العثور على 16 مقبرة جماعية في منطقة سنجار شمال العراق منذ استعادتها من سيطرة تنظيم داعش، كما تحدثت عن ارتكاب التنظيم المتطرف "انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان". وقالت مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان ان مدنيين تعرضوا لعمليات خطف وحرق وقطع رؤوس في المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم، وقالت سيسيل بويلي المتحدثة باسم المفوضية في تقرير "تلقينا تقارير بالعثور في سنجار على نحو 16 مقبرة جماعية تضم جثث افراد قتلهم تنظيم داعش".

ولم يتضح عدد الجثث التي تضمها تلك المقابر، او مكانها بالضبط في سنجار، بحسب ما صرحت المتحدثة للصحافيين في جنيف. وسيطر التنظيم المتطرف على سنجار في اب/اغسطس 2014 وقام بحملة وحشية من المجازر واسترقاق النساء واغتصابهن، واستهدف الايزيديين الذين يشكلون غالبية سكان المنطقة. وشكل هجوم التنظيم على الايزيديين في صيف 2014 احد الاسباب المعلنة لبدء حملة الضربات الجوية الاميركية ضده في العراق، والتي توسعت لاحقا لتشمل مواقعه في سوريا ضمن ائتلاف يضم دولا غربية وعربية. بحسب فرانس برس.

واعتبرت الامم المتحدة ان الهجوم على الايزيديين بمثابة "ابادة جماعية". وتمكنت قوات من كردستان العراق بدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من استعادة السيطرة على سنجار في عملية واسعة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر. وحذرت بويلي من ان العديد من المسلمين السنة في مناطق عراقية استعيدت من يد التنظيم يعانون تزايد انتهاكات حقوق الانسان.

من جانب اخر اعلن قائمقام قضاء سنجار العثور على مقبرة جماعية في اطراف مدينة سنجار في شمال العراق تضم رفات اكثر من مائة ايزيدي قتلهم تنظيم داعش بعد استيلائه على البلدة، واوضح محما خليل "عثرنا على مقبرة جماعية في قرية (قني القديمة) الواقعة على بعد 10 كلم غرب مركز قضاء سنجار وتضم رفات نساء وأطفال ورجال وتضم حسب التقديرات رفات 123 شخصا". واكد ان عناصر التنظيم "فخخوا اطراف المقبرة بعبوات ناسفة عددها 172 عبوة تم أبطالها".

وعن شكل المقبرة قال خليل "للاسف بعض العظام ظاهرة للعيان حيث لم يتم دفنهم بشكل جيد والمقبرة تقع في طريق جرف مائي وبعد سقوط الامطار جرفت المياه مجموعة عظام مما أضطرنا لتغيير مجرى الماء للمحافظة على المقبرة لحين فتحها بشكل رسمي من قبل الجهات المسؤولة".

بجنوب السودان

الى جانب ذلك قال خبراء تابعون للأمم المتحدة إن جنودا في جنوب السودان اغتصبوا أطفالا وأحرقوا أناسا أحياء في منازلهم وتعقبوا آخرين لأيام في المستنقعات في حرب تزداد وحشية كانت الحكومة تأمل في الانتصار فيها بدعم من ميزانية عسكرية طارئة قيمتها 850 مليون دولار. وحصلت لجنة من الخبراء الذين يراقبون عقوبات الأمم المتحدة على جنوب السودان على نسخة من الميزانية الطارئة للفترة من يناير كانون الثاني حتى يوليو تموز من العام 2014 لكنهم حذروا في تقرير نشر من أن هذا لا يعني أن جنوب السودان قد نال كل ما كان يريده.

وانزلق جنوب السودان إلى الحرب الأهلية في ديسمبر كانون الأول من العام 2013 عندما أشعلت أزمة سياسية قتالا بين قوات موالية للرئيس سلفا كير ومتمردين متحالفين مع نائبه السابق ريك مشار. وأحيا الصراع خلافات عرقية بين قبيلة الدنكا التي ينتمي إليها كير وقبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار. ومن المتوقع أن يوقع كير اتفاق سلام لإنهاء الصراع.

وخلص خبراء الأمم المتحدة إلى أن هجوما للقوات الحكومية في ولاية الوحدة المنتجة للنفط في الفترة بين ابريل نيسان ويوليو تموز من العام الحالي كان "يهدف إلى جعل الحياة المجتمعية غير ممكنة والحيلولة دون العودة إلى الأوضاع الطبيعية في أعقاب العنف". وقال الخبراء في التقرير المؤقت الذي قدم لأعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "شدة ووحشية العنف الذي استهدف المدنيين لم تحدث من قبل.. فيما كان حتى الآن- بلا شك- صراعا عنيفا بشكل لا يصدق حيث تستهدف جميع أطراف الصراع المدنيين."

وأضاف الخبراء أنه بموجب ما تسمى "سياسة الأرض المحروقة" محت قوات متحالفة مع الحكومة قرى بأكملها من الوجود وفي بعض الأحيان حدث ذلك بينما كان السكان داخل منازلهم واغتصبوا نساء وخطفوا أطفالا. وقال ستيفن أوبراين وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية لمجلس الأمن إن نطاق ومستوى الوحشية في الهجمات على المدنيين "يشير إلى كراهية عميقة تتجاوز الخلافات السياسية". بحسب رويترز.

وفي إشارة إلى أمثلة من أعمال العنف التي وقعت في الآونة الأخيرة في ولاية الوحدة قال أوبراين "قالت شاهدة من مقاطعة روبكونا إنها شاهدت قوات حكومية تغتصب بشكل جماعي أما مرضعة بعدما ألقوا برضيعها جانبا." ويناقش مجلس الأمن مسودة قرار صاغته الولايات المتحدة من شأنه أن يفرض حظرا للسلاح على جنوب السودان بدءا من السادس من سبتمبر ايلول إذا لم يوقع كير اتفاق السلام أو إذا لم ينفذه الطرفان. وقال بيتر إيليتشيف نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة إنه إذا وقع كير الاتفاق فلن تكون هناك ضرورة لمواصلة المفاوضات بشان القرار لكنه أضاف أنه إذا لم ينفذ الاتفاق فقد يعيد المجلس بحث مشروع القرار. وقال "دعونا نرى إلى ما سوف تتطور الأمور .. ربما كان الغرض الأساسي (لمشروع القرار) ممارسة الضغوط."

إريتريا

من جانب اخر خلص تحقيق أجرته لجنة تابعة لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لمدة عام ونشرت نتائجه في تقرير الى أن حكومة إريتريا ربما ارتكبت جرائم ضد الإنسانية. ويتحدث التقرير عن عمليات إعدام بدون محاكمة الى جانب انتشار التعذيب والعبودية الجنسية والعمل بالسخرة على نطاق واسع. وقال تقرير لجنة التحقيق في حقوق الانسان في اريتريا والتابعة للمفوضية الذي وقع في 484 صفحة "خلصت اللجنة إلى أن انتهاكات ممنهجة وجسيمة ارتكبت ومازالت ترتكب على نطاق واسع في اريتريا تحت سلطة الحكومة."

وأشارت اللجنة الى أن اريتريا دأبت على ارتكاب ممارسات تشبه الرق كما ينتشر التعذيب على نطاق واسع بحيث قالت اللجنة انها لا يمكنها إلا أن تستنتج أن سياسة الحكومة هي التشجيع على استخدامه. وأضاف التقرير "تخلص اللجنة إلى أن الحكومة مسؤولة عن التعذيب الواسع النطاق الذي تعرض له الاريتريون في جميع أنحاء البلاد." وتابع أن اللجنة طلبت من إريتريا معلومات خلال التحقيق لكنها لم "تتلق أي رد". بحسب رويترز.

وذكر التقرير أن إريتريا تستعبد الناس من خلال نظام يسمى "الخدمة الوطنية" ويشتمل على "الاعتقال التعسفي والتعذيب والتعذيب الجنسي والعمل بالسخرة وعدم منح إجازات." ومن المفترض أن تستغرق الخدمة الوطنية 18 شهرا لكن اللجنة تحدثت الى شاهد فر بعد 17 عاما. وقالت اللجنة إن شهودا أفادوا بأن أشخاصا أعدموا لمحاولة تفادي ضمهم إلى الخدمة حتى 2013.

جثث في الشوارع

على صعيد متصل وفي صباح كل يوم تقريبا منذ اعادة انتخاب الرئيس البوروندي بيار نكورونزيزا يعثر على جثث اشخاص تعرضوا لاعمال عنف في احياء العاصمة بوجمبورا التي كانت رأس حربة الحركة الاحتجاجية على ولاية ثالثة للرئيس. وقالت كارينا تيرتساكيان من منظمة هيومن رايتس ووتش "كل يوم تقريبا نكتشف جثثا في الشارع في بوجمبورا، تحمل احيانا آثار عنف كبير". واوضحت ان الجثث التي يعثر عليها تكون في وضعية متشابهة بذراعين مربوطتين وراء الظهر فوق مستوى المرفق.

وعشر في اسبوع واحد على 15 جثة. وما زال مرتكبو هذه الجرائم مجهولين لكن معارضي الولاية الثالثة للرئيس يتهمون السلطات بالتخلص من بعض المحرضين وترهيب آخرين بهذه الطريقة. واضافت المسؤولة نفسها ان المنظمة الاميركية المدافعة عن حقوق الانسان "لا تعرف من هو مسؤول عن هذه الافعال" لكنها تذكر بان "من واجب السلطات البوروندية اجراء تحقيقات ومعاقبة المسؤولين". واشارت الى انها لم تبذل جهودا كبيرة للعثور عن المذنبين. وتابعت "من حين لآخر يعلن الناطق باسم الشرطة انهم فتحوا تحقيقا بدون اعلان النتائج" بعد ذلك.

وذكرت مصادر امنية وشهود عيان ان الضحايا يقتلون في اماكن العثور عليهم ليلا بينما السكان في بيوتهم او تلقى جثثهم "في مجار او على حافة الطريق" من آليات. وقال احد قادة الحركة الاحتجاجية ضد الولاية الثالثة للرئيس البوروندي طالبا عدم كشف هويته "نضع على الفور صور الضحايا على شبكات التواصل الاجتماعي لابلاغ الرأي العام والتعرف على الضحايا وتحذير الناس ليتجنبوا هذه المناطق".

وكل يوم يتم التعرف على ضحايا عثر على جثثهم في اماكن بعيدة عن منازلهم. وقالت هذه المصادر ان "الامر يتعلق في اغلب الاحيان بناشطين من المعارضة او اشخاص شاركوا في التظاهرات ضد الولاية الرئاسية الثالثة". ويتهم سكان الاحياء المعنية التي يؤيد معظم سكانها المعارضة، السلطات البوروندية بهذه الجرائم وخصوصا المكتب الوطني للاستخبارات الذي يسمى "التوثيق" وسمعته سيئة بسبب وسائله الوحشية.

واكد ناشط في مجال حقوق الانسان طلب عدم كشف هويته ان "هذه الجثث تقلى في هذه الاحياء عمدا اذ ان التوثيق يريد بث الرعب في قلوب كل الذين يعارضون السلطة". وتنفي السلطات البوروندية هذه الاتهامات وتتحدث في المقابل عن "خطة ماكيافيلية" وضعتها المعارضة "لتصفية" الذين التحقوا بالسلطة، على حد قول ويلي نياميتوي المكلف الاتصال في الرئاسة.

وقال ان عمليات القتل هذه تهدف الى "معاقبة الذين (المعارضون) يوصفون بالخونة واخافة الآخرين حتى لا يحذوا حذوهم" وكذلك تشويه صورة الحكومة. ورد ليونار نيانغوما زعيم المجلس الوطني لاحترام اتفاق اروشا واعادة دولة القانون في بوروندي التحالف الواسع المعارض لولاية رئاسية ثالثة منتقدا "وقاحة السلطة البوروندية التي توقفك وتعذبك وتقتلك ثم تقول انك انتحرت". واضاف ان "معظم الجثث تم التعرف عليها لناشطين في المعارضة او المجتمع المدني الذي قاد الاحتجاج على الولاية الثالثة"، متهما "رابطة الشباب" التابعة للحزب الرئاسي (ميليشيا ايمبونيراكوري) وعناصر من "التوثيق" بالوقوف وراء عمليات القتل. بحسب فرانس برس.

وتشهد بوروندي اعمال عنف منذ الاعلان في نهاية نيسان/ابريل عن ترشح الرئيس نكورونزيزا لولاية ثالثة في خطوة اعتبرتها المعارضة والمجتمع المدني وجزء من معسكره مخالفة للدستور ولاتفاقات اروشا التي انهت الحرب الاهلية (1993-2006). ويصعب معرفة ما يحدث اليوم في بوروندي بدقة وتبيان المسؤولين عن اي مما يحصل في هذا البلد في ظل الافلات من العقاب السائد بينما يختبئ الصحافيون المستقلون والمدافعون عن حقوق الانسان او فروا من البلاد. وقالت المسؤولة في هيومن رايتس ووتش "انها كارثة لان كل ما بني في مجال حقوق الانسان منذ انتهاء الحرب الاهلية يدمر حاليا".

فظائع الخمير الحمر

من جهة اخرى يروي شهود في المحاكمة التي تشرف عليها الأمم المتحدة المخصصة للنظر بجرائم نظام الخمير الحمر في كمبوديا، شهاداتهم حول عمليات إبادة الفييتناميين وأقلية تشام المسلمة، وقيام المسؤولين في سجون النظام بأكل لحوم المعتقلين بعد إعدامهم، إضافة إلى جرائم الأخرى. وروى رجل كمبودي بتأثر شديد أمام المحكمة شهادته عن وقائع إعدام سيدة وأكل كبدها في معتقل للخمير الحمر في كمبوديا زمن بول بوت.

وهذه المحاكمة التي تشرف عليها الأمم المتحدة، مخصصة لجرائم إبادة الفييتناميين وأقلية تشام المسلمة، والزيجات القسرية والاغتصابات والجرائم الأخرى التي ارتكبها نظام الخمير الحمر في معسكرات الاعتقال والأشغال الشاقة بين 1975 و1979. وكان هذا الرجل معتقلا في معسكر، حيث شهد على وقائع إعدام سيدة رواها بتفاصيلها أمام القضاة. وقال "طلبوا منها أن تخلع ملابسها، ثم شقوا جسمها، كانت الدماء تسيل في كل مكان، انتزعوا كبدها وطهوه وأكلوه".

وروى أيضا أن 17 فردا من عائلته قضوا في تلك الحقبة، بمن فيهم والده المسلم الذي قضى جوعا بعدما رفض أكل لحم الخنزير. وتحدث شهود آخرون في المحاكمة عن أكل لحوم المعتقلين بعد إعدامهم. ويقدم المؤرخون تفسيرات عدة لهذه الظاهرة، منها جو العنف الشديد الذي كان سائدا، والتعبير عن قهر الخصم بأكل لحمه، وأحيانا الجوع في صفوف الخمير الحمر.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي، روى ناجون من تلك المعسكرات الرهيبة حوادث إذلال للمعتقلين المسلمين منها حرق القرآن، وحوادث إغراق جماعي. وإضافة إلى الأقلية المسلمة التي قتل منها ما بين مئة ألف ونصف مليون شخص من أصل 700 ألف، تعرض الفييتناميون أيضا للقتل الجماعي، وقضى منهم عشرون ألفا في ظل نظام بول بوت الرهيب الذي بلغ مجموع ضحاياه مليوني شخص.

وكانت محكمة تشرف عليها الأمم المتحدة قد حكمت في شهر آب/أغسطس 2014 على أكبر مسؤولين سابقين في نظام الخمير الحمر، لا يزالان على قيد الحياة، بالسجن المؤبد، بعدما أدانتهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في كمبوديا. والمدانان هما المنظر الإيديولوجي للنظام نوون شيا (88 عاما) ورئيس دولة "كمبوتشيا الديمقراطية" خيو سامفان (83 عاما)، والحكم الصادر بحقهما هو الأول من نوعه الذي يصدر ضد قادة في نظام مسؤول عن مقتل قرابة مليوني إنسان في كمبوديا بين العامين 1975 و1979. بحسب فرانس برس.

وقال القاضي نيل نون إنه "بالنظر إلى خطورة الجرائم التي أدينا بها (...) سيبقى نوون شيا وخيو سامفان في السجن إلى أن يصبح هذا الحكم نهائيا"، في إشارة إلى إمكانية استئنافه من قبل المدانين. وهو ثاني حكم تصدره المحكمة التي تعرضت للانتقاد بسبب بطئها في هذه القضية، ذلك أنها لم تصدر سوى حكما واحدا قبل الآن على مدير سجن نظام الخمير الحمر المعروف بـ"إس-21" والملقب بالرفيق دوتش، بالسجن مدى الحياة.

إبادة الأرمن

في السياق ذاته قدم أكثر من 40 عضوا في مجلس النواب الأمريكي اقتراح قرار يدعو الرئيس باراك أوباما للاعتراف بالمجازر التي تعرض لها الأرمن في ظل السلطنة العثمانية بوصفها "إبادة جماعية"، في خطوة تسبق الذكرى المئوية لهذه المجازر ويرجح أن تثير غضب أنقرة. والنص الذي تقدم به نواب من المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، يدعو أوباما إلى المساعدة في تحسين العلاقات بين تركيا وأرمينيا على أساس "اعتراف كامل بالوقائع والتداعيات المستمرة للإبادة الأرمنية".

وكان أوباما وعد خلال حملته الانتخابية للسباق الرئاسي في 2008 بأن يعترف بالإبادة ولكنه حين أصبح رئيسا لم يف بوعده ولم يأت على لسانه يوما هذا اللفظ، ولا سيما في البيانات التي تصدر سنويا في ذكرى المجازر الأرمنية التي تحييها يريفان وأرمن الشتات في 24 نيسان/ابريل. وفي 2014 وصف أوباما المجازر التي تعرض لها الأرمن بـ "واحدة من أسوأ فظائع القرن العشرين" داعيا إلى "اعتراف كامل وصادق ونزيه بالوقائع".

ويعترف الكونغرس الأمريكي بالإبادة الأرمنية منذ وقت طويل وذلك بموجب قرارين أصدرهما مجلس النواب في 1975 و1984. وفي العام 1981 وصف الرئيس الأمريكي في حينه رونالد ريغن المجازر الأرمنية بـ"الإبادة". وفي عام 1915 اعتقال مئات الأرمن قبل ذبحهم لاحقا في إسطنبول، وشكل بداية المجازر. وترفض تركيا حتى الآن الاعتراف بأن هذه المجازر التي راح ضحيتها 1,5 مليون قتيل بحسب الأرمن كانت عملية تصفية ممنهجة نفذتها السلطنة العثمانية، مؤكدة أن عدد الأرمن الذي قضوا في تلك الفترة يقارب نصف مليون وأنهم قضوا نتيجة للجوع أو في معارك وقفوا فيها مع روسيا عدوة السلطنة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.

إلا أن رجب طيب أردوغان حين كان رئيسا لوزراء تركيا قدم في 23/04/2014 تعازي تركيا "إلى أحفاد الأرمن الذين قتلوا في 1915" في المجازر التي تعرض لها الأرمن في عهد السلطنة العثمانية. وفي بيان تحدث رئيس الوزراء التركي لأول مرة بهذه الصراحة عن هذه المأساة التي وقعت بين عامي 1915 و1917 في السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية، واعترفت دول عدة بأنها إبادة ولكن لم تعترف تركيا بذلك. بحسب فرانس برس.

وأفاد أردوغان في البيان "أنه واجب إنساني أن نفهم ونشاطر إرادة الأرمن في أحياء ذكرى معاناتهم في تلك الفترة". وقال النائب الديمقراطي آدم شيف، وهو أحد الموقعين على الاقتراح وسبق له وأن تقدم بنص مماثل في 2007، إنه "في هذه المناسبة المهمة، وما دام هناك ناجون بيننا، فان الكونغرس والرئيس أمامهما فرصة وعليهما واجب إرسال رسالة قوية: لن ننسى أبدا القتلى وسنسمي هذه الجريمة ضد الإنسانية باسمها، إبادة".

اضف تعليق