مشروع سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا العمل به قرب الحدود الإثيوبية السودانية في 11 أبريل/نيسان 2011، واثار قلق ومخاف مصر، التي تخشى من أن يؤدي تنفيذه إلى تقليل كميات المياه المتدفقة إليها من مرتفعات الحبشة عبر السودان، فيما تقول أديس أبابا، التي تتضامن معها الخرطوم...

مشروع سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا العمل به قرب الحدود الإثيوبية السودانية في 11 أبريل/نيسان 2011، واثار قلق ومخاف مصر، التي تخشى من أن يؤدي تنفيذه إلى تقليل كميات المياه المتدفقة إليها من مرتفعات الحبشة عبر السودان، فيما تقول أديس أبابا، التي تتضامن معها الخرطوم، إن السد الذي تبلغ استثماراته 4.8 مليارات دولار لن يكون له تأثير قوي على مصر، مايزال محط اهتمام اعلامي واسع ففي الوقت الذي تسعى فيه مصر، الحصول على ضمانات حقيقية كما ان المشروع وبحسب بعض المراقبين، يمر بتحديات ومشكلات كبيرة اسهمت بتأخر انجازه في الوقت المحدد، حيث قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إن هناك مشكلات تعرقل بناء سد النهضة وتهدد بعدم إتمام بنائه في الموعد المحدد.

وأوضح أبي أحمد خلال أول مؤتمر صحفي له منذ توليه السلطة في أبريل/نيسان الماضي أن "هناك مشكلات تتعلق بالتصميم حيث لم نتمكن حتى الآن من تثبيت توربين ، استكمال المشروع وفق الجدول الزمني". وأضاف أن شركة المعادن والهندسة "ميتيك"، وهي شركة تابعة للجيش الإثيوبي، تتسبب في تأخير بناء مشروع سد النهضة، والذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار، فلقد سلمنا مشروعا مائيا معقدا إلى أناس (شركة المعادن والهندسة) لم يروا أي سد في حياتهم، وإذا واصلنا السير بهذا المعدل، فإن المشروع لن يرى النور". وأشار إلى أن شركة "ساليني" الإيطالية تطلب مستحقاتها المالية، بسبب تأخر شركة "ميتيك" في الانتهاء من المشروع في الوقت المحدد.

مشكلات وازمات

في هذا الشأن أزاحت إثيوبيا شركة المعادن والهندسة (ميتيك) التي تديرها الدولة من مشروع سد النهضة البالغة تكلفته أربعة مليارات دولار على نهر النيل بسبب عدة تأخيرات في استكمال المشروع. ويمثل سد النهضة الركيزة الأساسية في مساعي إثيوبيا الرامية إلى التحول لأكبر بلد مصدر للكهرباء في أفريقيا. وقال رئيس الوزراء أبي أحمد إن الحكومة ألغت العقد مع ميتيك، التي يديرها الجيش الإثيوبي، وستعطيه إلى شركة أخرى.

وشركة ساليني إمبريجيلو الإيطالية هي المقاول الرئيسي في مشروع بناء السد. وكانت ميتيك متعاقدة على القطاعات المعدنية الخاصة بالمكونات الكهروميكانيكية والهيدروليكية في المشروع. وتروج الحكومة للسد البالغة طاقته ستة آلاف ميجاوات، والذي اكتمل بنسبة 60 بالمئة، على أنه رمز لإصلاحاتها الاقتصادية. وقال أبي خلال مؤتمر صحفي في أديس أبابا ”إنه مشروع كان من المفترض أن يكتمل في خمس سنوات، لكن بعد مرور سبع أو ثماني سنوات لم يدخل توربين واحد حيز التشغيل.

”حتى إن ساليني طلبت تعويضا بسبب التأخيرات. قررنا أن نلغي عقدا مع ميتيك ونعرض الأمر على شركات ذات خبرة، وإلا فإنه سيستغرق وقتا أطول“. وقاد أبي سلسلة من الإصلاحات منذ توليه السلطة في أبريل نيسان، حيث أفرج عن معتقلين سياسيين وخفف سيطرة الدولة على الاقتصاد وحسن كثيرا من العلاقات مع إريتريا المجاورة. وكانت الحكومة قالت من قبل إن السد سيكتمل خلال عامين، لكن أبي قال في الآونة الأخيرة إن المشروع قد يواجه تأخيرا طويلا.

الى جانب ذلك قالت الشرطة الإثيوبية إن مدير مشروع سد النهضة، عُثر عليه مقتولا بالرصاص في سيارته. وقال رئيس مفوضية الشرطة الاتحادية زين جمال للصحفيين ”تحققنا من أن المهندس سيمجنيو بيكيلي قتل بالرصاص“. وأضاف ”أصيب برصاصة خلف أذنه اليمنى“ وأنه تم العثور على مسدس من طراز كولت داخل السيارة. وقال زين إن الشرطة جمعت أدلة جنائية وتتحدث مع الشهود. وقال ”تجري الشرطة الآن تحقيقا“.

اتفاق تسوية

من جانب اخر تعهد زعيما مصر وإثيوبيا بتسوية خلافاتهما بشأن سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على نهر النيل والذي تخشى القاهرة أن يهدد إمداداتها من المياه. والمحادثات متعثرة منذ شهور بشأن السد الذي سيولد الطاقة الكهرومائية وتبلغ كلفته أربعة مليارات دولار. لكن في مؤتمر صحفي، لمح رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أنهما أحرزا تقدما. وقال السيسي ”وقد قطعنا شوطاً مهماً على صعيد بناء الثقة وتعزيز التعاون الثنائي“.

أما أحمد فعبر بلغته الأمهرية عن التزام إثيوبيا بضمان حصة مصر من مياه النيل. وقال أحمد مخاطبا المصريين ”سنعتني بالنيل وسنحافظ على نصيبكم وسنعمل على زيادة هذه الحصة وسأعمل أنا والرئيس السيسي على ذلك“. وتحتل حماية حصة مصر من النيل، مصدرها الرئيسي لمياه الشرب، صدارة جدول أعمال السيسي بينما يبدأ فترته الرئاسية الثانية. بحسب رويترز.

واتفق الجانبان على اتخاذ إجراءات لتنفيذ اتفاق، يشمل السودان أيضا، بشأن إقامة صندوق للاستثمار في البنية الأساسية في الدول الثلاث. ومع اقتراب المؤتمر الصحفي من نهايته، طلب السيسي من أحمد أن يقسم بالله أمام الشعب المصري ألا يضر بحصة مصر من مياه النيل. وكرر أحمد وراء السيسي بالعربية قائلا ”والله والله لن نقوم بأي ضرر للمياه في مصر“.

لجنة علمية

اتفقت كل من مصر والسودان واثيوبيا على تشكيل لجنة علمية لدارسة تاثير السد الكبير الذي تشيده اثيوبيا على النيل الازرق ووضعت بذلك حدا لمأزق مستمر منذ اشهر في مباحثاتهم كما اعلن الخميس الوزير الاثيوبي. ويأتي الاعلان بعد اجتماع لوزراء الخارجية والري ومسؤولين في استخبارات هذه الدول في اديس ابابا. وقال وزير الطاقة والري والكهرباء سيلاشي بيكيلي ان الاجتماع اختتم ب"ايجابية". وصرح للصحافيين في اديس ابابا "نجحنا في ايجاد عدة مقاربات يكون فيها الجميع رابحا". وكانت جولات سابقة من المحادثات باءت بالفشل.

وتخشى مصر من ان يؤدي تشييد سد النهضة الذي بدأت اعماله في 2012 بكلفة اربعة مليارات دولار (3,2 مليار يورو) الى الحد من منسوب النهر الذي تعتمد عليه بنسبة 90% لتأمين حاجاتها من المياه. واعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التوصل الى "انفراج" في محادثات مع السودان واثيوبيا في شأن السد المثير للجدل. وقال السيسي في مؤتمر نقله التلفزيون الرسمي ان "الوفد الذي وصل كان قد عقد طوال ليل امس لقاءات ومباحثات بشأن هذا الموضوع، واستطيع القول إنه حصل تقدم في التفاوض مع أشقائنا في السودان وفي اثيوبيا". واضاف "يجب ان تعرفوا ان الموضوع سيأخذ جهدا ووقتا منا ومنهم لكي نصل إلى صيغة تفاهم تحقق المصلحة للجميع. نحن نحافظ على حصتنا، كما تكون لهم (ايضا) فرصة للإستفادة من السد للتنمية التي يريدونها، وقد حصل انفراج".

وفي الثالث من ايار/مايو اكد رئيس الوزراء الاثيوبي في الخرطوم بعد لقاء مع الرئيس السوداني عمر البشير ان بلاده لا تنوي بتاتا الحاق الضرر بالسودان او بمصر. واعربت القاهرة عن القلق لسرعة امتلاء خزان السد. وستضم اللجنة العلمية خبراء مستقلين من جامعات الدول الثلاث وستركز على تشغيل السد ووتيرة ملء الخزان. ويتوقع ان تنهي اعمالها خلال ثلاثة اشهر. بحسب فرانس برس.

وقال سيلاشي ان شركة فرنسية مكلفة دراسة الاثار المحتملة للسد على البيئة سترد على اسئلة الدول الثلاث في 18 و19 حزيران/يونيو. واضاف ان ممثلي الدول الثلاث سيلتقون كل ستة اشهر للبحث في القضايا الاقليمية كالتجارة والبنى التحتية والسد. واضاف ان الهدف هو "اجراء تقارب اكبر بين هذه الدول بفضل الجهود التنموية".

حصة مصر

قال رئيس الوزراء الاثيوبي آبي احمد في الخرطوم ان سدا مثيرا للجدل تبنيه بلاده على نهر النيل "لن يلحق ضررا" بحصة مصر التي تعبر عن قلقها حيال مضاعفات هذا المشروع. وقال احمد للصحافيين في بيان صحافي مشترك مع الرئيس السوداني عمر "لا نرغب في الحاق الضرر بمصر". واضاف "من وجهة نظرنا، فان المشروع مفيد للدول الثلاث (...) الامر الاكثر اهمية هو تقليل اضراره وهذا ما نعمل عليه بكل مسؤولية". وتعتمد مصر تماما على مياه النيل للشرب والري وتقول ان "لها حقوقا تاريخية" في النهر بموجب اتفاقيتي 1929 و 1959 التي تعطيها 87% من مياه النيل وحق الموافقة على مشاريع الري في دول المنبع.

ويتخوف اكبر بلد عربي من ان يؤدي نقص حصتها من المياه الى التاثير على الزراعة. من جهته، جدد البشير دعم الخرطوم بناء السد قائلا "نحن ندعم السد تماما منذ ان كان فكرة". واضاف "نحن متاكدون من ان حصة مصر من مياه النيل مضمونة ومحفوظة". ويلتقي النيل الازرق والابيض في الخرطوم ليشكلا نهر النيل الذي يجري عبر مصر حتى مصبه في البحر الابيض المتوسط . بحسب فرانس برس.

وبدأت اثيوبيا بناء السد الذي تبلغ كلفته اربعة مليارات دولار عام 2012، لكن المشروع الضخم اثار توترا وخصوصا مع مصر التي تتخوف من ان يؤدي ذلك إلى انخفاض تدفق مياه النيل الذي يوفر نحو 90 بالمئة من احتياجاتها من المياه. ويهدف سد النهضة الكبير لتوفير 6 آلاف ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، اي ما يوازي ست منشآت تعمل بالطاقة النووية. وكانت الخطة الاساسية تقضي بانتهاء أعمال السد في 2017، لكن وسائل اعلام اثيوبية تقول إن 60 بالمئة فقط من أعمال البناء أنجزت.

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
احبائي
الأستاذ عبد الأمير رويح
المياة منذ خلق الله الأرض وهي عماد المسيرة الحياتية
ومع تطور الحياة ونمو الدول بدات بعض المشاكل حول المجاري المائية
وكل مجموعة من الدول يمر وسطها نهر او انهار عقدت فيما بينها اتفاقية
وهذا ماجرى بشان نهر النيل الذي يمر وسط مجموعة كبيرة من الدول الأفريقية
وهذه الإتفاقيات الموقعة منذ عقود بين دول حوض النيل تحفظ حقوق الدولة المصرية
والذين يعرفون القوانين المنظمة لتلك الامور على علم بان النهر لدولة المصب كما تنص القوانين الدولية
احبائي
دعوة محبة
ادعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه ...واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الالفية الثالثة2019-02-01