ميناء الفاو واحد من أكبر عشر موانئ في العالم، هذا الميناء الذي لم يرى النور ولن يرى النور اذا تبقى الحال كما هو عليه، تسعة أعوام مرت على وضع الحكومة العراقية حجر الأساس لميناء الفاو الكبير في شبه جزيرة الفاو المطلة على الخليج، وما زال المشروع يسير ببطء شديد لأسباب...

ميناء الفاو واحد من اكبر عشر موانىء في العالم، هذا الميناء الذي لم يرى النور ولن يرى النور اذا تبقى الحال كما هو عليه، تسعة أعوام مرت على وضع الحكومة العراقية حجر الأساس لميناء الفاو الكبير في شبه جزيرة الفاو المطلة على الخليج، وما زال المشروع يسير ببطء شديد لأسباب يعزوها متخصصون في الشأن الاقتصادي إلى تحديات تتعلق بالتمويل، مع تأكيدهم أن الميناء يمكن أن يحقق قفزة على مستوى النقل البحري بين الشرق والغرب في حال إنجازه وربطه بخطوط سكك الحديد التي تستخدم في شحن البضائع الآسيوية إلى أوروبا مروراً بتركيا.

ثروة إقتصادية يبددها الإهمال

على الرغم من وجود أربعة موانئ تعمل بطاقات مختلفة في محافظة البصرة، إلا أن الحاجة الفعلية لنمو الإقتصاد العراقي وزيادة الحركة التجارية تتطلب السعي الجاد في إنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير الذي سيحقق أربعة أضعاف ما يجنيه العراق ماليا من الموانئ الأخرى مجتمعة.

ذكر على مواقع حقيقية تقف وراء تعطيل المشروع، إذ ذكر رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني أن "أبرز المعوقات التي تواجه مشروع ميناء الفاو الكبير هي عدم تمويله بالكامل من قبل الحكومة الإتحادية، أو منحه إلى جهة إستثمارية وفق السياقات الصحيحة"، موضحا ان "حكومة المركز تكفلت فقط بتمويل مشروع كاسر الأمواج على أن تتحول بقية أجزاء الميناء إلى الإستثمار".

وأضاف البزوني أن "الحكومة المحلية تبنت مقترحا ينص على أن تكون هي الجهة المتعاقدة مع الشركات الإستثمارية بتشغيل مشترك وفق الآلية التي طرحت علم 2016 حسب القرار المرقم 69، وتكون إيرادات الميناء لمحافظة البصرة بالشراكة مع الجهة المستثمرة بدلا أن يبقى المشروع مهملا من قبل الحكومة الإتحادية".

وأشار رئيس اللجنة الإقتصادية والإستثمار في مجلس محافظة البصرة عقيل الخالدي، إلى أن "المشروع كان مخططا له في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، وأعيد طرحه مرة أخرى في سبعينيات القرن الماضي، وبدأت الخطوة الأولى للعمل منذ الثمانينيات إذ تم إنشاء الطريق السريع بإتجاه بغداد والذي كان من المقرر ان يصل إلى تركيا"، وقال ايضاً: "إلا أن المشروع أجهض بسبب إندلاع الحرب العراقية الإيرانية حتى أعيد طرحه من جديد بعد العام 2003 من قبل شركات إستثمارية كبيرة".

دول مجاورة لا تريد إتمام المشروع

اوضح الخالدي أن "هناك دولاً مجاورة لا تريد إتمام هذا المشروع ودفعت الكثير من الأموال لجهات (لم يسمها) من أجل إجهاضه، كونها مستفيدة من موانئها الخاصة بها كالكويت والإمارات والسعودية"، بدوره أوضح مدير مشروع ميناء الفاو الكبير المهندس أسعد راشد أن "فكرة المشروع جاءت وفق مقترح إيطالي يتضمن خطة للنقل الشامل في العراق، من بينها إنشاء ميناء على البحر المفتوح، وقدمت الحكومة الإيطالية منحة لوضع دراسة الجدوى الخاصة بالمشروع".

وأضاف أن "الحكومة العراقية تعاقدت في عام 2010 مع إتحاد الشركات الإستشارية للمقاولين الإيطاليين لإعداد تصاميم المشروع بكلفة 46 مليون يورو، لكن وزارة المالية تأخرت في صرف مستحقات الشركة المصممة لمدة عام ونصف العام"، كما بين أن "العمل في الميناء بدأ على شكل مراحل، إذ شهدت نهاية العام 2012 توقيع عقد إنشاء كاسر الأمواج الشرقي مع شركة يونانية بكلفة 204 مليون يورو وبطول 8 كيلو متر وبلغت نسبة انجازه حاليا 99 % ، أما في العام 2013 فتم الإعلان عن مناقصة مشروع كاسر الأمواج الغربي وتعاقدنا مع شركة داوو الكورية لتنفيذه بكلفة 511 مليون يورو وبطول 16 كيلو مترا، وهو الآن بنسبة إنجاز تصل إلى 32 %"، وتابع: "كما كان من المؤمل توقيع أهم فقرة في العقد وهي البنى التحتية عام 2014، إلا أن الظروف الأمنية والمالية آنذاك حالت دون تنفيذ المشروع الذي يتضمن حفر في أعماق البحر والقناة الملاحية بالإضافة إلى إنشاء طرق وعمليات دفن وإنشاء أرصفة بطول 2 كيلو متر ولو تحقق هذا العقد لبانت معالم الميناء".

وأشار مدير المشروع إلى أن "عشر شركات أعلنت إنسحابها بعد أن أبدت رغبتها في العمل في المشروع عند إعلانه لمرتين، بسبب عدم توفر البنى التحتية كالطرق والكهرباء وغيرها من الأمور الاساسية، فيما طلبت شركات أخرى تقديم ضمانات حكومية او أن تقدم تلك الشركات قروضا تستحصل منها على فوائد مالية"، ولفت إلى أنه "كان من المؤمل تغطية حاجة العراق من الميناء إلى عام 2038، لكن وزارة النقل وسعت حجم المشروع ليغطي الحاجة الفعلية على مدى مئة عام، إذ تغيرت مساحة الميناء إلى 54 كم2 بعد أن كانت المساحة المقررة في التصميم 12 كم2، أي بزيادة أكثر من 4 أضعاف، على أن يحتوي الميناء 80 رصيفا لمختلف البضائع ويتضمن محطات للكهرباء ومعالجة المياه الثقيلة وتصفية الماء وساحات وأبنية عديدة ومحطة للسكك الحديد".

وأستدرك: "كما أن هناك تصميما لربط الميناء بطرق تؤدي إلى خور الزبير وأم قصر ومن ثم إلى سفوان وصولا بالخط السريع لتأمين إنسيابية في حركة الشاحنات، بالإضافة إلى تصميم آخر لشركة ألمانية بخصوص مشروع ربط سكك حديد من البصرة إلى قضاء الفاو"، والمح راشد الى أن "ما مخطط له هو إنشاء مدينة متكاملة خلف الميناء تليق بساحل العراق على الخليج وتضم بحيرات وساحل على البحر، وبهذا فإن الميناء يحتاج إلى حوالي 12 ألف موظف، كما هناك فرصا أخرى في النقل البري والسككي".

طموح كبير وتمويل قليل

وتفيد التصاميم الأساسية للمشروع التي وضعتها شركة استشارية إيطالية، بأن طاقة الميناء الاستيعابية القصوى 99 مليون طن في السنة، ويتكون من عشرات الأرصفة والساحات ومستودعات التخزين مع إمكان إنشاء مصفاة لإنتاج المنتجات النفطية ومصنع للبتروكيماويات ومطار للشحن الجوي ويقول مدير مشروع ميناء الفاو الكبير أسعد عبد الرحيم إن "شركة يونانية أنجزت كاسر (حاجز) الأمواج الشرقي، وأوشكت شركة كورية على إنجاز كاسر الأمواج الغربي، وحالياً نعتزم التعاقد مع شركة أجنبية أخرى لحفر حوض الميناء"، مبيناً أن "الحكومة العراقية خصّصت لهذا المشروع ضمن الموازنة العامة للعام الحالي 400 مليار دينار عراقي، ما يساوي 10في المئة من التخصيصات المالية المطلوبة لإنجازه".

ولفت عبد الرحيم إلى أن "من الأفضل إنجاز المشروع بتمويل حكومي، لكن الحكومة غير قادرة على توفير التمويل اللازم، وفي ضوء ذلك لا سبيل لإكمال المشروع إلا باللجوء إلى القطاع الخاص بصيغة الاستثمار"، مضيفاً أن "أربعة ائتلافات تجارية تقودها شركات صينية وسويسرية ويونانية أبدت رغبة جادة في الاستثمار في المشروع، ومن المتوقع الدخول في مفاوضات متقدمة معها تمهيداً لمنح أحد الائتلافات امتياز بناء الميناء وتشغيله مدة 50 عاماً".

عدم ترحيب وارتياح إقليمي

وفق أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة د. نبيل المرسومي، فإن "مبلغ 400 مليار دينار الذي خصصته الحكومة خلال العام الحالي لمشروع ميناء الفاو الكبير يعد قليلاً جداً، لكنه أكثر مما خصّص للمشروع خلال الأعوام الخمسة الماضية"، موضحاً أن "خطوات تمويل المشروع إذا استمرت بهذا المستوى من الضعف والتعثر، فالميناء سوف يستغرق إنجازه أكثر من 20 عاماً، في حين أن العراق في حاجة إليه بأسرع وقت"،

وأشار المرسومي الذي أصدر قبل أشهر عن دار نشر أردنية كتاباً بعنوان (الأهمية الاقتصادية والدولية لميناء الفاو الكبير)، إلى أن "من الضروري للعراق، أن يكون ضمن المسار الحديث لطريق الحرير باعتباره أهم طريق مستقبلي للتجارة العالمية، ولن يتحقق ذلك إلا بإنجاز ميناء الفاو الكبير، وربطه بخط لسكك الحديد يمتد إلى تركيا"، معتبراً أن "الأهمية الإستراتيجية للميناء تثير قلقاً إقليمياً، إذ يجعل العراق بوابة للتجارة الدولية، ولهذا السبب، فالموقف الإقليمي غير مرحبٍ بإكمال بنائه، خصوصاً أن دولة الكويت تسعى إلى إجراء ربط سككي مع العراق ليكون ميناء مبارك الكبير الذي يشيّد في جزيرة بوبيان بديلاً في الأهمية عن ميناء الفاو الكبير" وأكد المرسومي أن "الميناء يكتسب أهمية قصوى في تطوير الاقتصاد العراقي، ومن المتوقع أن يوفر ما لا يقل عن 70 ألف فرصة عمل"، مبيناً "أنه يعزّز من مكانة مدينة البصرة كعاصمة اقتصادية للعراق لأنه ينشط الحياة الاقتصادية فيها".

3 مليارات دولار لإنجاز مشروع ميناء الفاو الكبير

في اعلان لوزارة النقل، "أن نسبة الانجاز في مشروع ميناء الفاو الكبير وصلت إلى نحو 20 بالمئة، مشيرا إلى أن عملية إكماله بالشكل النهائي تحتاج ثلاثة مليارات دولار".

وقال مدير المشروع التابع للوزارة اسعد راشد في تصريح له إن "الشركة الكورية التي تعاقدت معها الوزارة في وقت سابق مستمرة في انجاز مرحلة البنى التحتية لمشروع ميناء الفاو الكبير"، موضحا ان "نسب الانجاز في المشروع تتراوح حاليا ما بين 15 الى 20 بالمئة"، واوضح، أن "انجاز المشروع من المؤمل انهاؤه في العام 2022، في حال توفرت الثلاثة مليارات دولار في الوقت الحالي"، منوها بأن "المشروع سوف يوفر مئات الآلاف من فرص العمل، كما سيفعل الحركة التجارية في البلاد" واشار راشد الى انه "سيكون قادرا على استقبال اكبر السفن وسيحوي مئة رصيف بطاقة استيعابية تصل الى 99 مليون طن سنويا مما ينعش البلاد اقتصاديا وخاصة محافظة البصرة".

..................................................
المصادر
- اندبندنت عربية
- Dwarozh
- الغد برس
- بغداد بوست

اضف تعليق