باتت حالة الفوضى التي تسيطر على العالم كبيرة، كما بات لكمية المعلومات المغلوطة ونظريات المؤامرة جمهور ضخم، فيما يتمثّل الخطر الأكبر بعدم وجود رقابة فعليّة على المنتجات التي تباع في هذا العالم السفلي، والتي إن لم تكن مضرة أساساً، فستكون غير ذات فائدة...

لا تنفكّ هذه الأيام تزداد غرابةً. يشير إلى ذلك بوضوح، ما كشفه باحثون مِن الجامعة الوطنية الأسترالية عن تجارة تتمّ في المستوى المُظلم من الإنترنت (Dark Web)، حيث تباع دماء من شفوا من فيروس «كورونا»، على أنها علاجٌ للمرض. لا تقتصر الغرابة على عنصر الدماء فحسب؛ إذ يمكن شراء كل أنواع المسروقات، من المعدات الطبية إلى الملابس الواقية، وغيرها الكثير من «علاجات» طاردة للفيروس، وبأسعار تتراوح بين 16 ألف دولار و25 ألفاً.

ينقسم الإنترنت إلى مستوياتٍ ثلاثة: أوّلها «السطح»، حيث توجد مواقع محركات البحث (مثل «غوغل» و«بِنغ» (Bing)) التي تعتبر بمثابة حارس بوابة الإنترنت؛ وثانيها «الإنترنت العميق» الذي يشكّل 90% من محتوى الشبكة، ولا يمكن الوصول إليها من خلال محرّكات البحث، بل عبر كلمة مرور لموقع محدّد، مثل البريد الالكتروني والمواقع الاجتماعية وتلك الحكومية ومراكز الأبحاث؛ أما المستوى الثالث، أي الإنترنت المُظلم أو مرتع القراصنة والمرتزقة وكل المتاجر السوداء، فهو بمثابة جزيرة مخفية عن أعين المستخدمين، تتمّ فيها المتاجرة بكل شيء، من الأسلحة والبشر، إلى القتَلة المأجورين. يُمكن تقريباً طلب كل ما هو غير قانونيّ، وأحياناً «غير إنسانيّ». الدخول إلى هذا المستوى من الإنترنت، يجري عن طريق متصفّح خاص (Internet browser) مثل «تور» (TOR)، يَستخدم تقنيات تشفير تسمح بإخفاء هوية المستخدم عن رادارات الدولة وأجهزة الاستخبارات، وتتمّ عمليات البيع والشراء فيه بعملة «بتكوين» الرقمية (Bitcoin) كونها لا يمكن تتبُّع مصدرها، بحيث يبقى البائع والشاري مجهولَي الهوية.

كذلك بات معلوماً أن دماء مَن أصيبوا بـ«كورونا» وشفوا، قد تحتوي على أجسام مضادة للفيروس، غير أن هذا الأسلوب من العلاج لا يمكن أن يتم إلا في المستشفيات ومراكز الأبحاث، كونه لا يزال جديداً، كما أنه ليس واضحاً، لغاية الآن، كم من الوقت تبقى تلك الأجسام المضادة في جسم الإنسان، أو إن كانت ستمنع الفيروس من إصابة الجسم مجدّداً. لكن الخوف من «كوفيد-19» يدفع العديد من مستخدمي الإنترنت إلى البحث عن أيّ علاج أو لقاح يقيهم شرّ الفيروس. لهذا السبب وغيره الكثير، وخصوصاً في ظلّ عدم توفُّر علاج للمرض، فضلاً عن النقص الكبير في المستلزمات الطبية اللازمة لمواجهته، قام بعض أصحاب المتاجر السوداء على «الإنترنت المظلم» بعرض هذه «الأغراض» للراغبين بشرائها. فكرة الأسواق السوداء تدغدغ مشاعر البعض، وتعطي الراغب في الدخول إليها قدرة على الخروج من حالة «الانتظار في الصف»، وتوهمه بأنه حصل على ما يريده... قبل الجميع.

بحسب تقرير الجامعة الوطنية الأسترالية، هناك حوالى 20 متجراً، ثلاثة منها تمثّل 90% من مجموع عمليات البيع. وتختلف أنواع اللقاحات والعلاجات، من الدماء والبلازما إلى لقاحات مسروقة من مراكز أبحاث، ولا تزال في طور التجارب على البشر، كما العديد من المعدات الطبية المسروقة من المستشفيات أو المصانع المنتجة لها. وتصل قيمة بعض هذه اللقاحات إلى ما بين 16 ألف دولار و25 ألفاً للقاح الواحد.

باتت حالة الفوضى التي تسيطر على العالم كبيرة، كما بات لكمية المعلومات المغلوطة ونظريات المؤامرة جمهور ضخم، فيما يتمثّل الخطر الأكبر بعدم وجود رقابة فعليّة على المنتجات التي تباع في هذا العالم السفلي، والتي إن لم تكن مضرة أساساً، فستكون غير ذات فائدة. علماً بأن الأسعار المعروضة هي بآلاف الدولارات، وقد تعرِّض البعض لخسارة أموالهم خلال عملية البحث عن أملٍ زائف.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق