q
يؤمن حزب بهاراتيا جاناتا ورجاله من منظمة التطوع القومية RSS بشيطنة المسلمين لإثارة جنون العظمة لدى القومية الهندوسية، خاصة قبل قتالها في الانتخابات في الساحة الانتخابية. إن مودي المحاصر والضعيف سياسيا في مواجهة تحالف انتخابي قوي في الهند قد يعود إلى أسلوبه الافتراضي المتمثل في التمثيل الإيمائي المسرحي...
ترجمة: م. فاطمة رضا عطية- مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية
مقالة نُشرت في موقع The Express Tribune
بقلم د. راشد والي جانجوا/ مدير معهد اسلام اباد للبحوث السياسية

قد يحطم ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند الحالي الرقم القياسي الذي سجله نهرو في إعادة انتخابه للمرة الثالثة على التوالي، وبذلك يدق المسمار الأخير في نعش فكرة نهرو عن القومية الهندية العلمانية. إن القومية الدينية التي تتبناها منظمة التطوع القومية في الهند (راشتريا سوايا مسيفاك سانغ) او ما تعرف بـ RSS في طريقها إلى محو بصمات القومية الهندية العلمانية وروحها التعددية. إن الطبيعة التوفيقية والترحيبية للعقيدة الهندوسية، والتي كانت تهدد ذات يوم خصوصية المذاهب الدينية المنافسة، تفسح المجال أمام قومية عضلية كارهة للبشر وكارهة للأجانب. إذ إنها تتغذى على الانفصال بدلا من التكامل، وفي بلد يتواجد فيه ما يقرب من ربع البشرية 22 لغة رسمية و122 لغة رئيسية، فإن التجانس الثقافي لعقيدة هندوتفا يعد مفارقة تاريخية غير مرحب بها.

إن الهند في عهد ناريندرا مودي اليوم عبارة عن مشروب سام -من سحرة الشركات التي ترزم السجاد- يتم طبخه على الجمر المشتعل المتمثل في السياسات المسببة للانقسام والممارسات الاجتماعية التمييزية المنتشرة على نطاق واسع ومنهجية إلى الحد الذي يجعلها تجتذب لقب الجرائم ضد الإنسانية. لا عجب إذن أن تعلن منظمة مراقبة الإبادة الجماعية، وهي منظمة دولية ذات مصداقية لمراقبة حقوق الإنسان، أن منطقة جاموا وكشمير المحتلة بطريقة غير شرعية من قبل الهند او ما يرمز لها بـ( IIOJK)، الخاضعة للاحتلال الهندي منذ عام 1947، والتي تم ضمها منذ عام 2019، منطقة تدخل المرحلة التاسعة والثانية الأخيرة من الإبادة الجماعية. وقد تم الطعن في المحكمة العليا الهندية، لكن المحللين المستقلين يتوقعون نهاية مؤسفة للدعوى. وسوف يكون ثمن إعادة انتخاب مودي باهظاً سواء بالنسبة للقوميين الهندوس أو للأقليات.

يشعر الناس في الهند بالاستياء من اتساع فجوة التفاوت في الدخل ولامبالاة رأسمالية المحسوبية التي ترد الجميل لرعاتها السياسيين، خصوصا عندما يأتي وقت الانتخابات. ثمة شيئان يسيران لصالح ناريندرا مودي: أولاً/ الانقسامات في صفوف المعارضة، وثانياً/ غياب منافس سياسي يتمتع بالكاريزما والثبات ليشكل تحدياً حقيقياً لشعبية مودي. تكمن موهبة مودي في إقامة حواجز حماية ضد أي عدو سياسي باستخدام قوة منظمة التطوع القومية في الهند RSS وأموال الرأسماليين المقربين. إن الحقيقة المؤثرة للمشهد السياسي الهندي هي الطبيعة المجزأة للناخبين في معظم الولايات المتأرجحة من حيث يستطيع الحزب السياسي المهيمن تشكيل ائتلاف يمكن بدوره الفوز به من خلال الإغراءات السياسية والنقدية.

يستخدم جواد نقفي مصطلحا مثيرا للذكريات (أكل لحوم البشر سياسيا)، لتصوير الظاهرة المذكورة أعلاه. وتشير الولاءات السياسية المتغيرة لشاراد باوار في ولاية ماهاراشترا وتحالف ابن أخيه أجيت باوار مع حزب بهاراتيا جاناتا إلى هذه النزعة الانتهازية القابلة للاستغلال.

فاز مودي في عامي 2014 و2019 لأن ائتلافاته المنافسة لم تتمكن من تشكيل جبهة موحدة، وفي عام 2019 حصل حزب بهاراتيا جاناتا على 37% من الأصوات الشعبية، بينما حصلت الأحزاب السياسية الأخرى على 63%. ووفقا للمحلل الهندي نيراج شودري فإن تحالف المعارضة المكون من 26 حزبا بما في ذلك حزب المؤتمر يمكن أن يهزم حزب بهاراتيا جاناتا إذا قدموا جبهة موحدة في المنافسات السياسية "واحدة لواحدة".

إن تحالف المعارضة المعروف باسم الهند (التحالف الوطني التنموي الهندي الشامل) يقف ضد مودي باستخدام شعار إنقاذ الديمقراطية الهندية من فاشية مودي. إن الجمع بين الأحزاب الإقليمية مثل حزب ساماجوادي ومؤتمر ترينامول يبشر بالخير لتحالف الهند ويقرع جرس الإنذار لحزب بهاراتيا جاناتا الذي يبدو مضطربا بعد هزيمته في كارناتكا وهيماشيل براديش. يخشى مودي من أنه قد يكون متخلفا بالفعل عن 70-80 مقعدا من إجمالي 303 مقاعد لوك سابها التي فاز بها في عام 2019. إن احتمال خسارة الأغلبية الواضحة هو لعنة بالنسبة لمودي لأنه يمقت أي ضوابط وتوازنات على سلطته السياسية.

أعطت رحلة بهارات جودو ياترا التي يبلغ طولها 3500 كيلومتر، والتي بدأها راهول غاندي، دفعة لحرب التحالفات مع وجود مودي في موقف لا يحُسد عليه بسبب انسحاب الحلفاء التقليديين مثل شيف سينا، وأكالي دال، وجاناتا دال (المتحدين) من التحالف الوطني الديمقراطي الذي يقوده حزب بهاراتيا جاناتا، كثف مودي محادثاته مع الأحزاب الإقليمية الأصغر، خاصة في بيهار حيث نيتيش كومار من حزب جنتا دال يونايتد JD(U) ارتبط بعربته السياسية مع تحالف المعارضة الهندي. شعر مودي أيضا بالقلق من أن ائتلافه المكون من 37 عضوا من الأحزاب الصغيرة قد فاز بـ30 مقعدا فقط في لوك سابها المؤلف من 542 مقعدا في عام 2019. وشعر مودي أيضا بالضغط بسبب الاحتيال التنظيمي لشركات غوتام أمباني، والذي وفقا لتقرير التحقيق الذي أجراه أظهر المستثمر Hindenburg Research ومقره نيويورك مخالفات في الشركات أدت إلى فضيحة آلت إلى محو 110 مليار دولار من ثروة مجموعة أداني Adani Group.

كان أداني الممول الرئيسي لمودي والمستفيد من نفوذه السياسي في ولايته جوجارات. اذ يواجه مودي انتقادات في الداخل والخارج بسبب تحيزه لرأسمالية المحسوبية. ووفقا لروبرتسون من رينسانس كابيتال، فإن تدفق الاستثمار الأجنبي الذي كان كثيفا وسريعا قد تضاءل في الأشهر الثلاثة الماضية بسبب الفضيحة. والآن، ماذا سيفعل رجل مثل مودي في مواجهة هذه الصعوبات الكبيرة؟ من المتوقع بفضل طموحه المتغطرس وصورته التي رعاها بجد كبطل هندوتفا، أن يظهر رجولته مع اقتراب موعد الانتخابات في عام 2024. وظل رد الفعل الافتراضي لمودي في الماضي هو تأجيج نيران الطائفية لكسب تعاطف أقصى اليمين من الناخبين الهندوس. لقد فعل ذلك بنجاح في عام 2002 في ولاية غوجارات وازدهر بسبب أعمال الشغب هذه لتلميع أوراق اعتماده باعتباره مناصرا هندوسيا متشددا.

وفقا لزعيم الكونجرس شانكرسينه فاجيلا، فإن حادث قطار جودهرا الذي أُحرق فيه 50 هندوسيا حتى الموت كان بمثابة عملية علم زائف قام بها مودي لتعبئة ناخبي هندوتفا اليمينيين المتطرفين المسعورين لتحقيق مكاسبه الانتخابية الأنانية. وبالمثل في عام 2014 في مظفرناغار، تم تأجيج الكراهية الطائفية للفوز بأصوات الهندوس. تعد هجمات بالاكوت عبر الحدود عام 2019 بمثابة تذكير حديث إلى حد ما بإثارة المشاعر القومية قبل الانتخابات. وقد ألمح بالفعل الحاكم السابق لجامو وكشمير ساتيابال مالك ومحامي المحكمة العليا براشانت بوشان إلى إمكانية تنفيذ عملية علم زائف في رام ماندير الذي يجري بناؤه فوق مسجد بابري في أيوديا من خلال تزوير هجوم من قبل متطرفين مسلمين. وسوف يتم استخدام نيران الطائفية التي أججها مثل هذا الفعل لإثارة المشاعر القومية الهندوسية لدعم الحظوظ الانتخابية المتدنية لمودي المحاصر في ولاية أوتار براديش.

يؤمن حزب بهاراتيا جاناتا ورجاله من منظمة التطوع القومية RSS بشيطنة المسلمين لإثارة جنون العظمة لدى القومية الهندوسية، خاصة قبل قتالها في الانتخابات في الساحة الانتخابية. إن مودي المحاصر والضعيف سياسيا في مواجهة تحالف انتخابي قوي في الهند قد يعود إلى أسلوبه الافتراضي المتمثل في التمثيل الإيمائي المسرحي للصراع الطائفي أو الهجوم عبر الحدود. في هذه الحالة يجب على العالم أن يبقى يقظا لأمثال مودي وايحاءاته المسمومة.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية/ 2001 – 2023 Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق