q
هذه الزيارة وفي كل عام هي تصديق شعبي (استفتاء) على تنصيب امير القلوب وسيد الشهداء اماماً للناس وثورته منهجاً للإصلاح واستشهاده مسيراً للحياة وديمومتها، وهذه العفوية الشعبية التي خرجت من كل بقاع الأرض والتي تزداد في كل سنة حتى وصل عدد الزائرين الى البقعة المطهرة في كربلاء المقدسة...

ان زيارة الأربعين مهما قيل عنها ومهما وجهت لها السهام من اعدائها، الا انها اثبتت للجميع اصالتها وصدق ممارستها، وتعاظمت على مدى القرون، على الرغم من كل الإمكانيات التي وظفت لمنعها او طمس معالمها، وهي إمكانات دول عظمى مثل الدولة الاموية والعباسية ومن بعدها الدول التي هيمنت على المشهد الإسلامي ولغاية هذا اليوم.

والملفت للنظر ان ديمومة زيارة الأربعين كانت ومازالت بإمكانات بشرية بسيطة، ومشاعر إنسانية عفوية، ومع ذلك قاومت الهجمات والارتدادات الناصبية تجاهها، وكل من درس أسباب بقاء ونمو هذه الزيارة يعلم وبوضوح تام ان السبب الأساس، هو الايمان المطلق بعدالة ثورة الامام الحسين ومنهجها الإصلاحي، الذي كان سبباً لبقاء جذوة الفكر الاسلامي الملتزم بمنهج النبوة متقدة.

لكن ما دعا الى الكتابة ليس لمسايرة الذكرى او الطقوس التي واكبتها، وانما وجدت بعض الناصبين العداء لها قد اعياهم البحث عن وسيلة لوقف مدها وسرعة انتشارها حتى وصل كافة اصقاع العالم، فعمدوا الى توظيف بعض المصطلحات السياسية الحديثة وبعناوينها الأجنبية، واسقطوها على عقدهم تجاه الزيارة، بتقليل شأن تقدميتها وثوريتها تجاه الإصلاح والالتزام بالنهج النبوي الشريف.

فأشار البعض الى مفردات اللبرالية والتحرر، وحاول ان يلصق بهذه الزيارة صفات مثل الرجعية والتحكم بالجموع رغم ارادتها وغيرها، وكذلك البعض يحاول ان يوضع مقارنة لحالات مماثلة لبعض رجال الإسلام من السلف الصالح، لكن فات على هؤلاء ان مصطلحاتهم السياسية هي التي سترد عليهم القول، حيث ان من اهم الوسائل التقدمية في تثبيت أسس الديمقراطية هو الاستفتاء الشعبي الذي هو الطريقة الديمقراطية المباشرة لمشاركة الناس في الحياة السياسية، وكذلك في اعتماد نظم الحكم وتنصيب الزعماء والقادة.

وكلما كان الاستفتاء عفوياً كان اكثر صدقاً وتعبيراً عن مشاعر الناس، ويطلق عليه المختصون (التصديق الشعبي) على تنصيب شخصاً ما في منصب معين، لذلك فان هذه الزيارة وفي كل عام هي تصديق شعبي (استفتاء) على تنصيب امير القلوب وسيد الشهداء اماماً للناس وثورته منهجاً للإصلاح واستشهاده مسيراً للحياة وديمومتها، وهذه العفوية الشعبية التي خرجت من كل بقاع الأرض والتي تزداد في كل سنة حتى وصل عدد الزائرين الى البقعة المطهرة في كربلاء المقدسة هذا العام الى اكثر من عشرين مليون زائر، وتدعمه عشرات الملايين من الجماهير العاشقة لثورة ونهج الامام الحسين، في كل انحاء المعمورة،.

والمتابع لوسائل الإعلام سوف يجد في كل قارة من قارات الأرض معلماً ومشهداً احتفائياً بذكرى زيارة الأربعين، وهذا أعطاها بعداً عالميا، فحق لنا القول بانه استفتاء عالمي على ان الامام الحسين هو نهج حياة للجميع وليس لفئة او مجموعة، وبإمكان من يكيل العداء ان يريح نفسه ويعيد النظر في اساليبه التي اعيته مثلما اعيت اسلافه، وان يقف مع صوت الأغلبية الملبية لنداء الحسين (لبيك يا حسين) ويكون من الساعين الى نيل شفاعة المصطفى بحب اهل بيته الاطهار.

* قاضِ متقاعد

اضف تعليق