فان للنائب البحث بشكل مستقل عن مصالح ناخبيه بعيدا عن قائمته، والعمل على نقل آمالهم وتطلعاتهم الى قيادات قائمته او الى قاعة البرلمان وترجمة حلولها الى قوانين وتشريعات ملزمة وواجبة التنفيذ من قبل الحكومة الاتحادية اما غير ذلك من تنقل بين القوائم وتغيير القناعات السياسية لأكثر...

المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات التشريعية الماضية وتحديد موعد رسمي للجلسة الاولى للبرلمان الجديد يوم الاثنين المقبل... فتح الباب على مصراعيه لدورة برلمانية جديدة نأمل منها خيرا أكثر من سابقاتها فيما لو التزمت الكتل السياسية التقسيم المنطقي؛ لا المحاصصي؛ بين معارض ومشارك في الحكومة.

فهل ستلتزم الكتل بهذا التقسيم؟ وهل سترضى بخسارة مكتسبات المشاركة في الحكم بالركون الى المعارضة البرلمانية؟ وهل نضجت فكرة المعارضة داخل قبة البرلمان ام ما زال الجميع يبحث عن ساق في الحكم وأخرى في المعارضة؟ وما موقف النواب الجدد من كل هذا: هل سيكررون توجهات من سبقهم الالتزام بتعليمات كتلهم السياسية والعمل من اجلها او التنقل احيانا بين الكتل البرلمانية كيفما يشاؤون دون ضابط قانوني او رقيب اخلاقي؟ وهل سيبقى حبل الود موصولا مع ناخبيهم ام انه انقطع بعد ظهور النتائج؟.

الانطباع الاول عن النائب ما زال يرتبط بالبراغماتية المفرطة من خلال عدم ثباتهم على توجه سياسي معين وتنقلهم بين القوائم قبل وبعد الانتخابات وتتبعهم الشديد لمن يربح حتى بعضهم فهم اللعبة وأصبح مخضرما في البرلمان للدورة الرابعة على التوالي... ولكن اما آن لهؤلاء النواب ان ينظروا لحال المواطن الذي انتخبهم؟ وأما آن لهم ان يغيروا من سلوكهم النيابي؟ وهل سيقدموا مصلحة الوطن على مصالحهم الشخصية ومصالح كتلهم السياسية؟

للأسف فان البدايات تدل على المضامين، وان النواب الجدد بدأوا بمغادرة قوائمهم الانتخابية رغم انهم لم يصبحوا نوابا بشكل رسمي وفق نص المادة (76) من الدستور التي اكدت ان النائب هو من يتخطى المراحل التالية:

1. الفوز في انتخابات عضوية مجلس النواب.

2. المصادقة من المحكمة الاتحادية العليا على توفر الشروط فيه.

3. ترديده القسم المنصوص عليه في المادة (50) من الدستور.

ورغم ان الفقرة الثالثة لن تتحقق الا يوم الاثنين المقبل، فان على النواب ترك قضية الكتلة الاكبر للقوائم الانتخابية والالتفات بدلا عنها الى القضايا الاهم التالية:

• التزام النائب بالتواصل مع ناخبيه بشكل مباشر او عبر الهاتف او الانترنت.

• زيارة النواب لمحافظاتهم بشكل دوري.

• بقاء النائب ضمن قائمته الانتخابية الا في حالة مخالفة تلك القائمة لبرنامجها السياسي.. ويعود ذلك الى ان اغلب النواب حصلوا على مقاعدهم النيابية بفضل اصوات القائمة التي ترشحوا عنها وبالتالي ليس من المنطق الخروج عنها دون سبب موجب.

• التزام النائب بالحضور الدائم في مواعيد الجلسات والبقاء في البرلمان وعدم التنازل عن مقعده تحت اي ظرف كان الا في حالة الموانع الصحية... لان دخول النائب لمجلس النواب يمثل ارادته اولا؛ وتصويت ناخبيه وقناعاتهم به ثانيا؛ لذلك فان التنازل عن معقده بإرادته لا يكتمل الا باستفتاء ناخبيه وذلك غير ممكن عمليا.

• لا يحق للنائب التصدي للمنصب التنفيذي لأنه انتخب للبرلمان وممثلا تشريعيا عن فئة كبيرة من السكان، لذلك فلا يجوز تسلمه للوظائف العامة حتى لو كانت الحكومة بنت البرلمان مثلما يسميها البعض، لأننا جربنا شكل تلك الحكومات وحان الوقت الان لحكومة التكنوقراط التخصصية وللتشكيلة الوزارية الكفوءة والمستقلة.

وبعد كل ما تقدم فان للنائب البحث بشكل مستقل عن مصالح ناخبيه بعيدا عن قائمته، والعمل على نقل آمالهم وتطلعاتهم الى قيادات قائمته او الى قاعة البرلمان وترجمة حلولها الى قوانين وتشريعات ملزمة وواجبة التنفيذ من قبل الحكومة الاتحادية... اما غير ذلك من تنقل بين القوائم وتغيير القناعات السياسية لأكثر من مرة وعدم الالتزام بالحضور الى جلسات البرلمان والانقطاع تماماً عن الناخبين والبحث عن المناصب والامتيازات والانصات الى الحزبية اكثر من الوطنية.. فانه سيضر بسمعة عموم النواب اولا؛ ومن كل التوجهات. ويعطل عمل البرلمان ثانيا؛ ويسيء الى النظام السياسي ثالثا؛ ويعيد تجربة الدورات البرلمانية السابقة التي اقترنت بالفشل رابعا؛ ويثير مشاعر الاستياء والغضب الشعبي خامسا؛ ضد النواب والبرلمان والاحزاب على حد سواء.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق