المتابع للشأن العراقي بعد عام ٢٠٠٣ يجد ان منصب رئاسة مجلس الوزراء لم يخرج من دائرة حزب الدعوة الاسلامية الا في فترة حكم الدكتور اياد علاوي الانتقالية وهذ ما يثير تساؤل مهم: هل التداول السلمي للسلطة متحقق في تجربة العراق الديمقراطية ام هي مجرد عملية...

المتابع للشأن العراقي بعد عام ٢٠٠٣ يجد ان منصب رئاسة مجلس الوزراء لم يخرج من دائرة حزب الدعوة الاسلامية الا في فترة حكم الدكتور اياد علاوي الانتقالية... وهذ ما يثير تساؤل مهم:

هل التداول السلمي للسلطة متحقق في تجربة العراق الديمقراطية ام هي مجرد عملية تبادل سلمي للسلطة بين اعضاء من حزب سياسي واحد وإعادة توزيع للأدوار والمسميات للسلطات الثلاث بين الاحزاب الاخرى مع بقاء نفس السياسات وإعادة عملية تلميع وتدوير ذات الوجوه!!!؟.

وحتى تكون الصورة أوضح لا بد من تعريف التداول السلمي للسلطة الذي هو وفقا لشارل دباش عميد جامعة مرسيليا الفرنسية بانه: "مبدأ ديمقراطي لا يمكن ـ وفقه ـ لأي حزب سياسي ان يبقى في السلطة الى ما لا نهاية له، ويجب ان يعوض بتيار سياسي آخر"، ويذهب المفكر الفرنسي جان لوي دي كرمون لتوضيحه بالشكل التالي: "وضمن احترام النظام السياسي القائم يدخل التداول تغييرا في الادوار بين قوى سياسية في المعارضة ادخلها الاقتراع العام الى السلطة وقوى سياسية اخرى تخلت بشكل ظرفي عن السلطة لكي تدخل الى المعارضة".

ومن التعاريف الوظيفية اعلاه نجد التالي:

1. ان التداول السلمي للسلطة يتضمن وجود قوى حاكمة واخرى معارضة ضمن المنظومة السياسية حتى يتحقق التداول الحقيقي للسلطة... وهذا ما نفتقده في البرلمان العراقي بدوراته الماضية حيث الجميع يشارك في الحكم ولا يقبل اي فريق الذهاب الى المعارضة تحت اي ظرف.

2. ان التداول السلمي للسلطة يستلزم وجود إرادة سياسية حقة تتنازل للآخر عن السلطة وفقا لنتائج الانتخابات ووفقا لإرادة الأكثرية... وهذا ما لم نجده في التجربة العراقية حيث لم نرى مسؤولا فردا تنازل للآخر عن سلطة او مارس البرلمان حقوقه بطرح الثقة بالحكومة او عارضها بشكل واضح او تنازل حزبا سياسيا عن المشاركة في الحكومة وذهب طواعيا الى المعارضة البرلمانية.

3. ان التداول السلمي للسلطة يعني احترام الاخر والتعاون معه ونكران الذات في سبيل نجاح التجربة السياسية... وهذا ما لا نراه في السلطتين التشريعية والتنفيذية فالبعض يهاجم الكل والآخر يسقط الكل ولا ثوابت ولا احترام ولا صديق دائم ولا عدو دائم والكل يبحث عن السلطة وامتيازاتها ويجد في نفسه أحقية للسلطة والحكم اكثر من غيره.

وبعد ما تقدم، فان امس ما نحتاج اليه اليوم هو تداول حقيقي للسلطة لا تبادل لها، وان كان ذلك غير ممكن وفق نتائج الانتخابات التي لم تأتي بجديد بسبب غياب البديل السياسي اولا؛ ومهارة الاحزاب السياسية المخضرمة في إدارة الملف الانتخابي ثانيا؛ وسيطرتها على مفوضية الانتخابات ثالثا؛ وانخفاض نسبة مشاركة المواطنين الرافضين رابعا... جاءت نتائج الانتخابات بما لا يشتهي التداول السلمي للسلطة لان الاحزاب ذات الاحزاب وان اختلفت مسميات القوائم الانتخابية والقيادات نفس القيادات وان اختلف المرشحون.

واذا كانت مفاوضات تشكيل الحكومة واختيار الرئاسات الثلاث تجري هذه الايام على قدم وساق، فان املنا كل الأمل باختيار رئيس وزراء مستقل يشكل كابينته الوزارية بعيدا عن المحاصصة قريبا من التخصص حتى نضمن انتقالا حقيقيا للسلطة لا تبادلا شكليا لها.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق