بعد مرور ما يقارب سبعة أعوام من المطالبة الداخلية والخارجية برحيل الرئيس السوري بشار الأسد من موقع الرئاسة في سوريا، التي تجاوزت المطالبات إلى الركون للعنف بمختلف أشكاله، تتصاعد الدعوات الآن عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية ليس فقط ببقاء الأسد على رأس السلطة، وإنما إعادة...

بعد مرور ما يقارب سبعة أعوام من المطالبة الداخلية والخارجية برحيل الرئيس السوري بشار الأسد من موقع الرئاسة في سوريا، التي تجاوزت المطالبات إلى الركون للعنف بمختلف أشكاله، تتصاعد الدعوات الآن عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية ليس فقط ببقاء الأسد على رأس السلطة، وإنما إعادة تأهيل موقع الرئاسة في المحافل الخارجية، ومن ضمنها إرجاع سفير الدولة السورية إلى منظمة الجامعة العربية كاعتراف عربي مباشر بسلطة بشار الأسد وممارسة سوريا لدورها الطبيعي مثلما كانت قبل الأحداث السياسية والأمنية التي عصفت بها منذ الأشهر الأولى لاندلاع الاحتجاجات الشعبية في أغلب الدول العربية، وفي ظل ذلك، يأتي التساؤل عن مدى واقعية فكرة إعادة تأهيل نظام الرئيس السوري إلى المحافل الدولية، وإعادة العلاقات السورية مع الدول العربية؟.

يبدو أن تحقيق ذلك قاب قوسين أو أدنى لما يلاحظ لمتابع للشؤون الإقليمية من تقارب وزيارات عربية مكثفة خلال الأيام الماضية مع النظام السوري كسلطة رسمية تحكم سوريا، ومن تلك الفعاليات العربية تجاه النظام في سوريا أعادت دولة الإمارات افتتاح سفارتها في سوريا، وزيارة أمير الكويت صباح جابر الصباح إلى سوريا، وقبله زيارة الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي يقف إلى جانب مصر بقيادة السيسي الرافض بقطع العلاقة مع سوريا وكيفية التعامل مع الأحداث في سوريا، وهذا يعني أن الطرف العربي الأكثر معارضة (دول الخليج) لبقاء بشار الأسد غيّر من إستراتيجيته تجاه النظام السوري الحالي، وهو الطرف الذي كانت تقوده السعودية وتتباه بشكل رسمي وقدمت دعم مالي وسياسي غير مسبوق في التاريخ السعودي لكل حركة وحزب ومنظمة أو جماعة ضغط داخلية وخارجية من الممكن أن تساعد في إسقاط النظام السوري بقيادة بشار الأسد، لأسباب تتعلق بسياسية المحاور في المنطقة الإقليمية وباعتبار سوريا أحد أبرز أماكن النفوذ السياسي والأمني لإيران.

وتأتي هذه الإستراتيجية العربية الجديدة تجاه قبول النظام السوري لأسباب مختلفة منها:

أولا: ما يخص النظام السوري نفسه أي أن صموده السياسي والأمني طوال السنوات الثمانية المنصرمة على محافظات عديدة في سوريا ومن ثم استعادة الأخرى من سيطرة الجماعات المسلحة على مختلف تصنيفاتها كالمناطق التي سيطرت عليها تنظيمات داعش، وجبهة النصرة، والجيش الحر.

ثانيا: تشتت المعارضة والصراع فيما بينها وفشلها في توحيد خطابها وأهدافها وتعاملها بصورة واقعية في كيفية التعامل مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

أما الأسباب الأخرى فهي جيوسياسية وخارجية ويمكن مناقشتها من جوانب عديدة:

الجانب الأول: أدركت الدول العربية أنها كلما ابتعدت عن الأنظمة العربية التقليدية، كلما سهل ذلك لنفوذ أكبر لإيران في المنطقة العربية، أي أن تراجع تواجد هذه الدول يساهم بتقدم إيران في سوريا ودول عربية أخرى مثل اليمن.

والجانب الثاني: يتمثل بالخطة المشتركة التي تقودها إسرائيل مع الدول الخليجية المشار إليها التي بدأت هي الأخرى مثلما أشرنا حتى لو كان هناك تغيير سياسي فسيصب في مصلحة جهات سورية تعتبرها السعودية، والإمارات، والبحرين عدوها اللدود كالإخوان المسلمين، من خلال نفوذ تركيا وقطر، وبالتالي أن التعامل بواقعية مع النظام السوري، وإعادة العلاقات معه مرة ثانية سيساهم في تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران.

لذا عملت دول الخليج ودول عربية أخرى كمصر والسودان اجتماعات سرية وبتوجيه وتخطيط من قبل إسرائيل والولايات المتحدة طوال الأيام الماضية لوضع المبادرة الدبلوماسية مع سوريا بقيادة بشار الأسد على جدول الأعمال، والهدف من الخطة الخليجية ــ الإسرائيلية، تقليص النفوذ التركي والإيراني في سوريا، والتساؤل هنا: إذا كانت إيران تصنف كدول خصم بالنسبة لإسرائيل ودول الخليج فلماذا شملت هذه الخطة تركيا أيضا؟.

يبدو أن إسرائيل رغم التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية مع تركيا بدأت تتخوف من الصعود التركي الاقتصادي والسياسي بقيادة رجب طيب أردوغان على المستوى العربي، فليس خفيا الخلافات التركية مع دول الخليج في مجالات مختلفة ومنها: علاقة تركيا مع قطر والإخوان المسلمين، فضلا عن تحالفها الإستراتيجي مع إيران، كما أدى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي على يد المخابرات السعودية في السفارة السعودية في تركيا من تعميق الخلافات بين دول الخليج وتركيا.

عموما، سيتمكن الأسد من إبعاد المعارضة السورية وإعادة سلطته بشكل مباشر على أغلب الأراضي السورية وقد يخطو في كتابة دستور يضم مشاركة أكبر للأطراف السورية المعارضة في الحياة السياسية، وبمقابل ذلك تسعى إسرائيل ودول الخليج بالحصول على ضمانات من النظام السوري على الأقل في إقامة علاقة متوازنة مع إيران لا تكون على حساب دول الخليج وأمن إسرائيل، على اعتبار أن سوريا بقيادة الأسد لديها علاقة إستراتيجية وفوق الطبيعية مع إيران. وفي الجانب الآخر ستضمن الدول المذكورة من تحجيم دور الإخوان ومن خلفها تركيا وقطر في سوريا.

* مركز المستقبل للدراسات الستراتيجية /2001 – 2019Ⓒ
http://mcsr.net

اضف تعليق


التعليقات

الكاتب الأديب جمال بركات
مصر
أحبائي
نتمنى على الله أن تعود كل الدول العربية الى بعضها البعض
نحلم أن تكون الأمة العربية هي أفضل أمة على سطح الأرض
يارب استجب لنا وعظم من كل نعم نافعة واحمنا من كل رفض
أحبائي
دعوة محبة
أدعو سيادتكم الى حسن الحديث وآدابه....واحترام بعضنا البعض
ونشر ثقافة الحب والخير والجمال والتسامح والعطاء بيننا في الأرض
جمال بركات....مركز ثقافة الألقية الثالثة2019-01-15