q
حاول الناس عبر القرون فهم أصل الحرية الانسانية. هناك من اعتقد ان الحرية الانسانية تنبع كحق اُعطي من الله. آخرون اعتقدوا ان الحرية تنبثق من قرارات يصنعها الناس كجماعة. وهناك ايضا من اعتقد ان الحرية تأتي من ثنائية مركبة من الدين والجماعة. يقول الأكويني من...

حاول الناس عبر القرون فهم أصل الحرية الانسانية. هناك من اعتقد ان الحرية الانسانية تنبع كحق اُعطي من الله. آخرون اعتقدوا ان الحرية تنبثق من قرارات يصنعها الناس كجماعة. وهناك ايضا من اعتقد ان الحرية تأتي من ثنائية مركبة من الدين والجماعة.

يقول الأكويني "من الواضح ان القانون الطبيعي لايعني أي شيء آخر عدى مشاركة المخلوقات الرشيدة في القانون الأبدي". الاكويني يركز على المخلوقات الانسانية الرشيدة بسبب مقدرتها على ممارسة الرغبة الحرة"... الانسان اكثر حرية من الحيوانات بموجب رغبته الحرة التي اُعطيت له قياسا بكل الحيوانات الاخرى". وبينما هناك قانون صنعه الانسان، نجد هناك ما يصفه الاكويني بالقانون الأبدي، او قانون الله. ولذلك، فان الحرية الانسانية تتسع فقط بمقدار ما يسمح الله للرغبة الحرة بالتمدد. باستعمال هذا الفهم، يستطيع المرء القول ان الاكويني يعتقد ان القوانين لا تقيّد ولا توسّع حرية الانسان لأن حرية الانسان كما نُظر اليها وفق القانون، هي بالضبط ما يحدده القانون الالهي.

الفقرة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان تقول ان كل فرد له حقوق معينة، حقوق في الحياة، الحرية، الحماية. ان عقيدة الاكويني تقرر ان القانون الابدي هو قانون الله، وان كل الحرية الانسانية تأتي من الله. ولذلك فان، الحياة، الحرية والأمن كلها هبة من الله وهو منْ يستردها.

يؤيد الاكويني الفقرة الثالثة من إعلان حقوق الانسان من منظور ديني، اذا كانت هذه الحقوق رُسمت بواسطة الخالق فان الخالق هو فقط من يستردها. ولذلك، فان الانسان حر بحماية الحقوق الممنوحة له من الله، لكي لا يتدخل اي انسان في القانون الابدي.

هوبز يعلن "وبسبب ظروف الانسان، التي هي ظروف حرب الجميع ضد الجميع، والتي بها كل شخص محكوم بعقله الخاص، وانه لاشيء يمكنه الاستفادة منه في حماية نفسه من الأعداء، يتبع ذلك، ان لكل فرد الحق بأي شيء، حتى بشخص آخر". ولذلك، طبقا لهوبز، القانون سيقيّد حرية الانسان. هوبز يقول "... طالما يستمر هذا الحق الطبيعي لكل شخص بكل شيء، فلا آمان هناك لأي شخص للعيش، وحيث تسمح الطبيعة للناس بالحياة". وكما في الفقرة 3 من إعلان حقوق الانسان، هوبز لم يؤيد الحق العالمي بان كل الناس لهم الحق في الحياة والحرية وحماية انفسهم. الطبيعة ذاتها لا تسمح بهذا لأن الطبيعة لا تتبع قانون الانسان. ولذلك، فان هوبز ليس فقط لا يتفق مع الفقرة الثالثة وانما هو لا يؤيدها. حسب وجهة نظره، الطبيعة لا يمكن ان تكون مقيدة بقوانين يصنعها الانسان.

الاكويني وهوبز لهما رؤيتان مختلفتان. الاكويني يشير الى قانون الله بينما هوبز يشير للطبيعة. قد يجادل البعض ان القانون الديني والطبيعة هما ذات الشيء، لكن الاكويني يعتقد ان الله فقط يستطيع منح القانون وحماية الحرية الانسانية. الطبيعة من جهة اخرى، ليس لها خطة الهية لأنها لا تدرك.

ان السعادة هي ذاتية، ما يجلب السعادة لشخص ما قد يجلب الحزن لشخص آخر. الواجب هو شيء يفهمه كل الناس حتى عندما لايشتركون بنفس المستوى من الالتزام بالواجب. السؤال هو هل يمكن للسعادة ان تؤدي الى الواجب ام ان الواجب يؤدي الى السعادة؟ هل الواجب والسعادة مترابطان بطريقة ما؟

كانط يقول "الواجب هو تسمية او تعيين لأي فعل يتقيّد به اي فرد بالتزام". الالتزام يحفز المشاعر، سواء كانت مشاعر سعادة او حزن او قناعة او اللافرق. كانط يستمر بالقول "لأن سعادة المرء هي وبلا شك غاية لكل الناس (بمقتضى حوافزهم الطبيعية)، لكن هذه الغاية لايمكن دون تناقض اعتبارها واجبا". كانط يعتقد ان السعادة ذاتها لا يمكن اعتبارها كواجب او التزام.

اعلان الاستقلال الامريكي يقول ان كل الناس لهم الحق في الحياة والحرية ومتابعة السعادة. ما هي الحقوق؟ هل هي واجب ام التزام؟ الحق، في سياق ما نوقش في اعلان الاستقلال يقترح ان كل الناس لهم الحق ليقرروا متابعة الحياة والحرية والسعادة، لكنهم غير ملزمين لمتابعة ذلك الحق. لا احد ينكر سعي الافراد في قراراتهم لمتابعة تلك الحقوق، ولكن في النهاية لا احد ملزم بمتابعتها ان لم يرغب بذلك. كانط يؤيد اعلان الاستقلال.

اما جون ستيوارت مل يقول "ان العقوبة الداخلية للواجب (1) مهما كان مستوى الواجب هي نفس الشعور في الذهن من حيث الألم او الشعور بالمخالفة للواجب، وهي الاكثر اهمية في تشكيل شعور الفرد. هو يستمر في القول "فيما يتعلق بالحافز الديني، اذا كان الناس يعتقدون، في خيرية الله، ويرون ان ما هو جوهري هو الذي يؤدي الى السعادة العامة، لذا يجب بالضرورة ان يعتقدوا ايضا ان السعادة تنال موافقة الله.

لو كل شخص يحوز على حق الحياة، والحرية ومتابعة السعادة طبقا لتفسير مل، يجب على المرء ان يسأل ان كانت تلك الحقوق أقرت من جانب الله. كذلك يجب على المرء ان يسأل ان كانت تلك الحقوق واجبات، واذا كانت كذلك، هل هي تثير قلقا داخليا لدى الفرد يفشل فيه للوفاء بالواجب المذكور. اعلان الاستقلال يقول ان هذه الحقوق اعطيت لكل الناس من جانب خالقهم. لذلك، فان مل سيؤيد بيان اعلان الاستقلال.

الواجب يمكن ان يؤدي الى السعادة اعتمادا على الكيفية التي يختبر بها المرء واجباته ومسؤولياته. الواجب يمكن النظر اليه كعبء او كخير اعتمادا على الرؤية في كل حالة. كانط ومل كلاهما يعتقدان ان الواجب عالمي. لكن المشاعر التي يحفزها الواجب ليست كذلك.

ان الحق بامتلاك الملكية لايعتبره الكثيرون حقا. من السهل الحصول على الملكية ومن السهل التخلص منها في هذا العصر الحديث. الرغبات تلعب دورا في الحصول على الملكية، الاعلانات في كل يوم تلعب دورا في تلك الرغبات. هذه الرغبات تشحذ الاقتصاد وهي كانت كذلك منذ ألف عام.

يرى لوك ان "العمل في البداية اعطى الحق في الملكية"، المرء يجب ان يعمل ليحوز على الملكية، وان هناك ملكية في العالم اكثر مما تستطيع البشرية حيازته. باستخدام قول لوك يمكن للمرء ان يرى هناك معادلة، الرغبة زائد العمل تساوي الملكية. اذا كان المرء يرغب بالملكية هو يجب ان يؤدي العمل للحصول عليها.

هيوم يقول "بالنسبة لكل الحيوانات التي يعيش معها الناس في هذا العالم، لا احد فيها، مارست الطبيعة وحشية تجاهه اكثر مما نحو الانسان، في الرغبات والحاجات اللامحدودة والضروريات التي تحمّلها، وفي الوسائل الضئيلة التي اتيحت له لتخفيف تلك الضروريات". وهو ما يعني ان البشرية تحتاج الكثير والطبيعة لا تفعل شيئا لتخفيف الحاجة للملكية. اذا اراد الانسان تكوين مجتمع يجب عليه امتلاك ملكية لأن حيازة الملكية تجلب الاستقرار وان الاستقرار يجلب السلام. الانسان يرغب بالملكية والاستقرار والسلام.

الانسان يجب ان يمتلك الملكية لكي يبقى على قيد الحياة. ذلك يتضمن الملابس والمنزل والطعام والماء. الضروريات هي ملكيات. اذا كانت الملكيات ضرورة للحياة فمن المنطقي الاستنتاج اننا حين نمنع احدا من اكتساب ما يحتاج ليعيش، ذلك سيكون انكارا للحق. بالتأكيد كل فرد له الحق في الحصول على ما يحتاج ليعيش بدون عوائق.

.....................................
الهوامش
(1) يحلل مل طريقتين يتحفز بهما الناس للقبول او ممارسة الفعل الاخلاقي وهما العقوبات الخارجية والعقوبات الداخلية. ان الخوف من العقوبة او من عدم موافقة الآخرين تشكل عقوبات خارجية، بينما الشعور الأخلاقي المغروس جيدا (الاحساس بالواجب) يولّد عقوبات داخلية. شعور الفرد بالواجب او الضمير يولّد اما عدم راحة من مخالفة الواجب، او الشعور بالذنب والحزن لو ان المرء خالفه فعلا. العقوبات الداخلية هي اكثر تأثيرا من الخارجية، طالما ان حوافز الناس النهائية للفعل هي تجسيد لشعورهم الذاتي.
...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق