في شهر ايلول الماضي وما بعده، وفي محاولة رخيصة وبائسة لنجدة ترامب عسى ولعل يفوز بالانتخابات الامريكية لـ ينقذ العرب من ايران، قررت البحرين والامارات - ومن خلفهما السعودية - والسودان والمغرب عقد اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ومصافحة المجرم نتانياهو علنا رغم اعتراضات الفلسطينيين وهم اصحاب القضية...

في شهر ايلول الماضي وما بعده، وفي محاولة رخيصة وبائسة لنجدة ترامب عسى ولعل يفوز بالانتخابات الامريكية لـ(ينقذ العرب من ايران)، قررت البحرين والامارات - ومن خلفهما السعودية - والسودان والمغرب عقد اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال الاسرائيلي ومصافحة المجرم نتانياهو علنا رغم اعتراضات الفلسطينيين وهم اصحاب القضية.

حينها كان منطق هؤلاء الاعوج هو: لا تهمنا فلسطين! لا تهمنا القدس! لا تهمنا القضية الفلسطينية! لا يهمنا الفلسطينيون! لنرمي كل هؤلاء في البحر!

ما يهمنا هو فوز ترامب حتى يخلصنا من ايران وحتى نستمر بمشاهدة الحسناء ايفانكا! حينها اتهم كل من عارض هذه الاتفاقيات وسخف منها ومن قيمتها المعدومة - وانا منهم - بانه ذيل لايران!

جيش الاعلام وقناة العربية وكل الاخطبوط الاعلامي والمالي السعودي لصالح هذه الاتفاقيات وهوجم كل من اعترض عليها بما في ذلك الفلسطينيين انفسهم وتباهت دبي باعلام اسرائيل وامتلأ الاعلام ومراكز الدراسات والسوشال ميديا باطنان من الهراء عن (صفقة القرن) و(اتفاق ابراهيم) و(نقل سفارة امريكا الى القدس) و(عبقرية كوشنر زوج ايفانكا) و(الناتو العربي) و(الناتو الاسلامي) و(الناتو السني) و(الناتو الشرق الاوسطي)...الخ.

كانت الحقيقة التي رفض هؤلاء سماعها هي ان القضية الفلسطينية لا تموت لان 4 دول لا علاقة لها بهذه القضية وقعت اتفاقات سلام مع اسرائيل خصوصا ان هذه الدول لم تحارب اسرائيل يوما.

بعد ان خابت امال المطبعين وخسر ترامب، وبعد اقل من 8 اشهر من حملة التطبيع المحمومة المسعورة، نجد اليوم حملة جديدة وبنفس المنطق الاعوج.

اليوم قرر العرب رمي اسرائيل واليهود في البحر! فبعد ان ناموا في فراش نتانياهو قبل 8 اشهر، اكتشفوا الان ان القدس محتلة ويجب تحريرها وفتح تل ابيب وسبي الاسرائيليات ورمي اليهود في البحر!

مثلما امتلأ الاعلام ومراكز الدراسات والسوشال ميديا بهراء صفقة القرن قبل اشهر، يمتلا اليوم بهراء تدمير اسرائيل!

نفس المنطق الاعوج والانفعالي والاستئصالي الغبي الذي لا يستند الى حقائق التاريخ والجغرافيا الذي اراد رمي الفلسطينيين في البحر قبل 8 اشهر يريد الان رمي الاسرائيليين.

ونفس الاجابة ترد على هذا المنطق الاعور: اسرائيل وحكومتها مجرمة ومحتلة. لكن اليهود كانوا موجودين في اراضي فلسطين قبل عام 1948 وقرروا في ذلك العام اعلان دولة وهذا حق اسمه حق تقرير المصير وهو نفس الحق الذي يبرر لنا دعم الفلسطينين في انشاء دولتهم.

مقاومة جيش الاحتلال الاسرائيلي امر مشروع بل واجب. اما قتل المدنيين برمي صواريخ طائشة عليهم والدعوات لابادة اسرائيل فلا تخدم القضية الفلسطينية بل على العكس تفيد نتانياهو امام شعبه وامام العالم حتى يبرهن ان الفلسطينيين ومن يدعمهم ارهابيين يريدون ابادة اليهود.

اسرائيل حاربت من اجل دولتها جيوشا وجماعات مسلحة ل 73 عاما. لن تتبخر هذه الدولة بسبب صواريخ حماس الطائشة. من لا يتعلم من التاريخ محكوم عليه بتكراره.

هذه ليست المرة الاولى التي تقامر حماس بمصير المدنيين في غزة باطلاق صواريخها على اسرائيل وتكون النتيجة الوحيدة موت الاف الفلسطينين على يد حكومة اسرائيل المجرمة ومزيد من الدمار لغزة المدمرة اصلا.

من يريد الفوز باي قضية عليه ان يستخدم عقله ويفكر قبل كل خطوة. دخول الحروب واعلان شعارات رمي الدول في البحر يحتاج الى فهم موضوعي لمعادلات القوة على الارض.

كلنا نريد تحرير الاراضي المحتلة. لكن هناك فرق بين من يزايد على حساب معاناة الفلسطينيين ومن ينظر الى وقائع الامور كما هي على حقيقتها لا كما نحلم ان تكون... المنطق الاعوج لا يفوز: رمي الفلسطينيين في البحر باتفاقات سلام غبية لم ينجح ورمي الاسرائيليين في البحر لن ينجح ايضا.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق