لابد من إيجاد البديل المتفق عليه، لماذا لا يخصص مجلس النواب في قانون الموازنة العامة للجهاز المركزي مخصصات اجراء هكذا استبانة لقراءة الواقع من خلال معايير ومؤشرات منظمة الشفافية الدولية لكي يكون (المواطن/ الناخب) مطلعا على تلك الجهة وراء هذا الانتكاس لواقعنا اليوم...

خلال ورشة العمل التي نظمتها الشركة المستقلة للأبحاث وما ذكره رئيسها الدكتور منقذ داغر من ارقام صادمة عن متغيرات القيم المجتمعية العراقية في زيادة عدد من يرفض الديمقراطية لعدم جدواها ويعلن البعض الاخر عن عدم تدينه او الحاده، ما يؤكد ذلك الشعار الذي طالما تردد ((بالروح بالدم نفديك ياهو الكان بس يجيب لنا الأمان)).

معضلة قراءة هكذا نتائج إحصائية في استبانة الراي العام وفق عينة عشوائية تطابق معايير التقدم العملي في اجراء المسوحات الاستطلاعية، تتجسد في عدم فهم الكثير والكثير جدا ممن يتعاملون مع الراي العام كمفردة تطابق النموذج السوفياتي السابق لنظرية بافلوف عن إدارة (القطيع) والتي ورثها سلاطين عوائل مفاسد المحاصصة، باعتبار ان فرعون لا يرى في مواقف الناس الا ما يراه، هذا الاستبداد المتجدد اعمى بصيرة هذه العوائل التي تهيمن على إدارة السلطة في عراق اليوم حتى أضحت تكرر صوتها عبر منصات التواصل الاجتماعي ناهيك عن القنوات الفضائية التي تظهر ان كل حزب بما لديهم فرحون!

والسؤال: اذا كان الذي يقرأ لا يفهم غير ما يطابق اجنداته، كيف يمكن تصدير الفهم المقابل لمثل هذه النتائج لمن يدعون الى الإصلاح الشامل؟؟

سبق وان كررت في مقالات سابقة أهمية ظهور ثقافة رقمية لاستطلاعات الراي العام ليس بالمنهجية والأساليب التي تقوم بها بعض المواقع او المنصات بطرح سؤال استنتاجي تكون الإجابة عليه موجه لجمهور ذات الجهة التي تطلقه، تأتي النتائج بما يحب ويرغب صاحب الموقع او المنصة، بل في اعتماد الجهاز المركزي للإحصاء مهمة اجراء هكذا استطلاعات للراي العام الجمعي لكل العراقيين، يمكن ان تشارك فيها الجامعات العراقية لا سيما كليات الاعلام والقانون والإدارة والاقتصاد، لكن يبدو ان البرامج الحكومية منذ 2003 وحتى اليوم تكتفي بالحصول على المنح التدريبية من جهات دولية والتي تتحول الى مجرد سفرات سياحية، من دون ظهور تجسيد واقعي لتطبيقات (حكومة المواطن) حتى تفهم امانة مجلس الوزراء ومجلس الوزراء ورئيسه الذي يأتي بعملية قيصرية من بطن مفاسد المحاصصة، حتى بات أي حديث او مناقشة على مواقع التواصل الاجتماعي مجرد تبادل للاتهامات بين الكل ضد الكل من دون تحديد احصائي يعتمد المعايير الدولية لتكون لغة الأرقام على طاولة مجلس الوزراء بدلا من تلك الحلول الترقيعية مثل الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي او تكليف مستشار هنا واخر هناك بملفات التعامل مع نتائج انتفاضة تشرين، وهنا يطرح السؤال الثاني، هل اهتم مجلس النواب الجديد لاسيما نواب تشرين كما يطلق على عدد منهم بنتائج هكذا استطلاعات للراي العام؟؟ وهل خصص مجلس الوزراء او وزير التخطيط على اقل تقدير فقرة ضمن جدول اعمال أي منهما لقراءة هذه النتائج؟؟

الإجابة الواضحة، لا... لان كل منهم لا يعتمد الأساليب العلمية في التعاطي مع الواقع بالقدر الذي تفرضه الاستجابة لطاولات توزيع كعكة السلطة، بل حتى بعض مراكز الأبحاث حينما تناقش وقائع الغلاء والتضخم وتلك الحلول التي جاء مجلس الوزراء لا تطرح أي استبانة إحصائية بل تعتمد منهج تبادل الاتهامات، التي تطرح السؤال من جاء بهذه الحكومة ومن صادق على برنامجها، مقابل نموذج اخر ان الصراعات الإقليمية والدولية تتهم من قبل من تولى أمور إدارة السلطة بانهم فرضوا تأثيرهم على الواقع العراقي مثل اتهام الاحتلال الأمريكي بعدم التعامل مع شركة سيمنس الألمانية لحل معضلة الكهرباء، او تنويع مصادر التسليح او إعادة التنمية الصناعية والزراعية، أيضا يكرر السؤال: هل هناك ارقام إحصائية او وقائع موثقة لان إدارة السلطة تتطلب توثيق هكذا اتهامات تنعكس على معيشة المواطن العراقي.

أيضا الإجابة، ليس هناك احصائيات رقمية بل ان الجهاز المركزي للإحصاء اذا ما راجعت موقعه الالكتروني لا نجد أي تحديث مزامن لوقائع اليوم، وهو الجهة الموكل بها قانونا قياس الواقع اقتصاديا واجتماعيا، وحينما تظهر نتائج عراقية بمعايير دولية مثل تلك التي أعلنت خلال هذه الورشة، يتوقف الكثير من وعاظ عوائل مفاسد المحاصصة بان هناك أخطاء منهجية في التعامل مع قراءة إحصائية لواقعنا اليوم، هنا لابد من إيجاد البديل المتفق عليه، لماذا لا يخصص مجلس النواب في قانون الموازنة العامة للجهاز المركزي مخصصات اجراء هكذا استبانة لقراءة الواقع من خلال معايير ومؤشرات منظمة الشفافية الدولية لكي يكون (المواطن / الناخب) مطلعا على تلك الجهة وراء هذا الانتكاس لواقعنا اليوم ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق