ما هو مصير هذه الحرب؟ هل ستنتهي أم أن نهاياتها مفتوحة وقد تتحول إلى حرب استنزاف؟ يقول السفير الروسي مصير الحرب بيد أميركا، وهي مستفيدة من استمرارها، فهي تبيع الغاز إلى أوروبا بأضعاف سعر الغاز الروسي وكذلك باقي السلع، أوروبا متضررة لأنها انساقت للقرار الأميركي وما زالت...

السفير الروسي في بغداد البروس كوتراشيف دبلوماسي ذو خبرة في الشأن العربي والعراقي خصوصا. كان ضيف جلسة حوارية في مركز رواق بغداد مع ثلة من أهل الرأي، بعد الحوار الذي دام ساعة ونصف الساعة قال إنه أفضل حوار خاضه في العراق حتى الآن. لم يسمع ما يعجبه فقط. الحديث انصب على الحرب الروسية الأوكرانية.

السفير رفض هذه التسمية وقال إنها «عملية عسكرية روسية في منطقة يسكنها روس». مجرد «عملية عسكرية»، لكنها أدت إلى كل هذه النتائج الكارثية على العالم كله، قال إنه ليس اجتياحا روسياً لأوكرانيا، لأن الدخول تمَّ إلى منطقة حكم ذاتي في شرق أوكرانيا يتعرض أهلها (الروس) للإقصاء على يد متطرفين من غرب أوكرانيا تولوا السلطة.

كان واضحا في كلامه ذلك الشعور الامبراطوري السوفيتي، خصوصا وهو يتحدث عن بلد مجاور كان ضمن «الأملاك» السوفيتية، وإذا به يتجه لأن يصبح «سكينة» في خاصرة روسيا يمسك بها خصوم الاتحاد السوفيتي التاريخيين ومعهم اليوم كل أوروبا الشرقية، التي تحولت إلى الولاء الأميركي كما يقول. هو يؤكد أنها عملية عسكرية روسية في أوكرانيا، لكنه يقول في الوقت نفسه ان تسميتها بالحرب الروسية الأوكرانية، هو تبسيط شديد لأن من يحارب روسيا ليست أوكرانيا إنما الولايات المتحدة ومعها حلفاؤها.

سألته: إذاً تورطتم بالحرب ضد أميركا كما فعل صدام من قبل، فكيف تقعون في هذا الفخ؟ هل تعرضت القيادة الروسية إلى تضليل مخابراتكم أم ماذا؟ في الجواب حاول نقل الموضوع باتجاه أوكرانيا. أيّد أن صدام تعرض للخديعة والتحريض لشن حربي ايران والكويت، لكنه قال إن الرئيس الاوكراني هو من وقع في الفخ الأميركي كما فعل صدام.

كأن الحرب كانت مفروضة على روسيا, وقد حاولنا نزع فتائلها، لكن القرار كان متخذاً و «لم يكن أمامنا سوى الحرب». إذاً هي حرب وليست عملية عسكرية روسية محدودة.

الملفت للانتباه إنه قال: لو عدنا إلى ما قبل سنة ونصف السنة لدخلنا الحرب أيضاً فالحرب ضد روسيا ليس بسبب مصالح وعينة، بل هي حرب وجود، فإذا خسرناها انتهت روسيا.

كثير من كلامه ذكرني بتبريرات صدام للحروب التي خاضها، خصوصا بعد غزو الكويت والتي كان يعدُّ بقاءه في السلطة هو الفوز الكبير.

مع كل هذا يظل السؤال الكبير: ألم يكن بإمكان القيادة الروسية تفادي هذه الحرب التي عاد السفير ووصفها بانها «حرب لن تحقق أهداف أي من أطرافها».

السؤال هنا: ما هو مصير هذه الحرب؟ هل ستنتهي أم أن نهاياتها مفتوحة وقد تتحول إلى حرب استنزاف؟ يقول السفير الروسي مصير الحرب بيد أميركا، وهي مستفيدة من استمرارها، فهي تبيع الغاز إلى أوروبا بأضعاف سعر الغاز الروسي وكذلك باقي السلع.

أوروبا متضررة لأنها انساقت للقرار الأميركي وما زالت. وواشنطن تمنع وصول القمح الروسي إلى افريقيا واسيا.

عن العراق قال إن روسيا تشعر بالامتنان للموقف العراقي، قال إنها تعُّ حياده في الأزمة يصب في صالحها، وهي تقدر مدى قدرة العراق على التحرك، هي إشارة واضحة إلى تقييد السيادة العراقية أميركيّاً.

رغم التناقض في كلام السفير، إلّا أن الواضح أن الحرب بالنسبة لروسيا هي حرب وجود، وأن فوز روسيا هو فشل محاولات انهائها تماما، كما فشلت عملية تحويل العراق إلى قاعدة لتغييرات سياسية في المنطقة.. هكذا قال.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق