إن التغيير، لا يتم عن طريق تغيير وجوه بعينها في ظل وجود هيمنة كلية تقضي ببسط نفوذها على مدى السنوات العشرين التي مضت، من دون أن تبصر حقيقة ما يجري للعراق والعراقيين من تراجع على المستويات كافة، وإنما يمكن وببساطة الانتباه إلى الكفاءات والخبرات والشخصيات الوطنية النزيهة والعارفة بدقة تخصصاتها لادارة البلاد...

لا يختلف اثنان بشأن الأغلبية التي غابت عن المشاركة في الانتخابات. وهذا العزوف عن المشاركة، له أسبابه، وله نتائجه المعلومة التي لم يعد يجهلها أحد.

إلا أن هذه الكثرة/ الأغلبية التي قاطعت الانتخابات، لا يمكن تجاهلها، مثلما لا يمكن المرور أمامها وكأنها تشكل الهامش.

الحقيقة، لا يمكن أن نبدد وجودها بغربال، ذلك أن خيوط شمس الحقيقة واضحة وبينة.. فلماذا لا يتم الحديث عنها؟

فلتكن نسبة المشاركة، كيفما كانت، وسواء كانت على حسب زعم مفوضية الانتخابات 41 % لمجموع من حدثوا بطاقاتهم، أو 20 % هي المشاركة الحقة التي مارست عملية الانتخابات وادلت بأصواتها في الصناديق، أو التغافل عن نصف هؤلاء من الأقارب والأصدقاء والمشاركين في (العملية السياسية)، والنصف الاخر مما تبقى، كان قد أقبل إلى صناديق الاقتراع بدوافع الإغراء المالي أو الخدمي الموعود!

يبقى العدد الأكبر من العراقيين، لم يشاركوا، وفي مقدمتهم أعداد كبيرة من المدنيين، الذين لا علاقة لهم لا بعسكرة المجتمع ولا بالأحزاب الدينية..

هؤلاء الكثرة من المجتمع العراقي؛ وصلوا إلى قناعة كلية لم تعد تخشى من البوح الواضح والصريح والذي يقول: (لن تتغير الانتخابات عن العقدين السابقين) وقد سمع كل السياسيين والمرشحين على وجه الخصوص بهذه العبارة.. وقد ثبتت صحتها عبر سلسلة من الانتخابات المتعاقبة.

كذلك.. يجري في الشارع العراقي سؤال طموح، يتعلق بالاموال التي تم صرفها من قبل المرشحين ومن قبل الدولة (أموال الشعب)، ومن قبل الأحزاب على هذه السلسلة المتكررة من الانتخابات، التي لا تفضي إلى نتائج باهرة يطمح اليها كل عراقي..وظل السؤال: لو تم صرف هذه الأموال التي أغدقت على العملية الانتخابية لتقديم خدمات وإصلاح ما تم تدميره خلال العقدين السابقين؛ لكانت النتائج باهرة في المشاركة والادلاء بالاصوات، وما كنا نتوسل الناس لكي يدلوا بأصواتهم.

الدولة.. ليس بمقدورها إلزام الناس على الانتخاب أو الدخول في حرب ضروس.. نعم، قد يستجيب البعض تحت الضغوط والتهديد، لكن هذا البعض قد يشطب على الاستمارة الانتخابية ـ وهذا ما حدث فعلا ـ مثلما يعمد البعض ممن اكرهوا على القتال إلى الهروب من ساحة القتال أو قطع أو تشويه أعضائهم لئلا يقاتلوا في حروب، يعتقدون انها ليست حروبا وطنية ـ كما جرى في ظل السلطة السابقة ـ.

كذلك.. لا تفلح أبدا الدعايات واللافتات والاعلام الدوغمائي.. في جذب الناس إلى ما تريده السلطة اية سلطة.. ذلك ان الشعب، بات على دراية تامة ومعرفة تفصيلية بكل ما يدور حوله.

العراقيون أدركوا انه لم يعد بوسعهم تقديم من يعرفون ويثقون بهم، بدليل أن عددا ممن نجحوا بمهامهم، تم اقصاؤهم بطرق شتى وأساليب مختلفة، من دون ان تشفع لهم أعمالهم الحسنة وجهودهم المضنية ومنجزاتهم البينة.. ذلك أن بعض المسؤولين ممن يملكون الهيمنة، ينظرون إلى نقطة مظلمة واحدة، ويتغاضون عن عالم كامل من الضوء.

لذلك وجد المقاطعون أنفسهم، كما لو أنهم قد ربحوا انفسهم، وحققوا مصداقية توقعاتهم في مسألة الانتخابات وسواها. بينما يرى دعاة الانتخابات أنها السبيل الوحيد والمنشود لتحقيق التغيير.

إن التغيير، لا يتم عن طريق تغيير وجوه بعينها في ظل وجود هيمنة كلية تقضي ببسط نفوذها على مدى السنوات العشرين التي مضت، من دون أن تبصر حقيقة ما يجري للعراق والعراقيين من تراجع على المستويات كافة.

وإنما يمكن وببساطة الانتباه إلى الكفاءات والخبرات والشخصيات الوطنية النزيهة والعارفة بدقة تخصصاتها لادارة البلاد، لا أن تكون الإدارة السياسية هي (العارفة ) بكل شيء.

إن سبب التدهور يكمن في إناطة الإدارات إلى معظم السياسيين والتي لم تفلح في معظمها من إدارة مدرسة ابتدائية، أو بلدية حي من الأحياء، أو انعاش حقل زراعي أو ادامة (برغي) في آلة بسيطة!.

لقد آن للسادة المهيمنين على دفة الحكم، أن ينتبهوا إلى الحال والاحوال بشأن كل ما تواجهه البلاد من عقبات ومنغصات وهموم طال مداها، وثقل كاهلها على الناس الذين لم يعد بهم القدرة على الاحتمال والقبول بالاذى والعذاب إلى مالا نهاية.

الامر.. يتطلب عقولًا نيّرة، ومسؤوليات وطنية نقية نزيهة، وخبرات لا يخلو منها شعب العراق..

فهل نحسن الظن بالزمن الاتي، لكي نصل إلى حسن الظن.لابد من تجاوز الماضي.

الماضي الاعمى الذي جعلنا نعيش تحت خط الحياة.

........................................................................................................................
* الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق