ثقافة وإعلام - ثقافية-اعلامية

جمال خاشقجي

فلو اردنا استخدام نفس المعايير التي استخدمت في قضية خاشقجي على الصحفيين العراقيين لصار لدينا مئات منهم بعد عام 2003 ومئات اخرين قبل 2003. لكن الاعلام والمؤسسات الامريكية لم تعطي لهؤلاء رغم انهم كانوا اشجع من خاشقجي بكثير ولا عشر معشار ما منح من اهتمام، وسيتسائل سائل: لماذا؟...

جمال خاشقجي كان صحفيا سعوديا من عائلة من اصول تركية. وكلمة خاشقجي هي من نفس اصل كلمة الخاشوكة او الملعقة كما نسميها في العراق وهي كلمة تركية، وعائلته كان لها نفوذ ديني في المدينة المنورة ومنها برز رجل الاعمال وتاجر السلاح عدنان خاشقجي، درس جمال الصحافة في جامعة انديانا وعمل صحفيا في مؤسسات سعودية وغير سعودية وترأس بعضا منها وكان مستشارا لفترة للامير تركي الفيصل. كما كان زميل دراسة لاسامة بن لادن، كان جمال اخوانيا معتدلا وله اراء انتقد بسببها منها اشادته بالسيستاني ودعواته للعلمانية والديموقراطية، اختلف مع الحكم السعودي بعد تولي سلمان وابنه الحكم وغادر الى الولايات المتحدة وبدأ كتابة عمود في صحيفة الواشنطن بوست لحوالي سنة.

في مثل هذه الايام قبل سنتين اختفت اثاره في القنصلية السعودية في اسطنبول واعترفت السعودية بانه قتل هناك، ما يثير اهتمامي شخصيا في موضوع خاشقجي هو انه مثال ممتاز للطريقة التي يقسم بها الاعلام والمؤسسات الغربية البشر حسب اهميتهم المفترضة استنادا الى جنسياتهم.

فلو اردنا استخدام نفس المعايير التي استخدمت في قضية خاشقجي على الصحفيين العراقيين لصار لدينا مئات منهم بعد عام 2003 ومئات اخرين قبل 2003. لكن الاعلام والمؤسسات الامريكية لم تعطي لهؤلاء رغم انهم كانوا اشجع من خاشقجي بكثير ولا عشر معشار ما منح من اهتمام.

وسيتسائل سائل: لماذا؟

الجواب هو انهم يقسمون الناس الى دماء غالية ودماء رخيصة! دماء جميلة ودماء قبيحة! دماء مهمة ودماء غير مهمة!، انا شخصيا عملت في مؤسسة صحفية امريكية كبرى هي النيويورك تايمز وفي مكتب العراق قتل صحفيان عراقيان وكان كل ما كتب عنهم مقال يتيم في الصحيفة وتعويض مالي لعائلتيهما وانتهى الامر.

الحقيقة انه ولاسباب كثيرة منها تحالف بن سلمان وترامب وكره الصحافة لترامب وغنى السعوديين بشكل عام اصبحت قضايا الانسان السعودي في الصحافة الامريكية والغربية مهمة جدا بالمقارنة مع نظرائه من الدول المجاورة. حتى وصلت الامور اننا اصبحنا نرى مؤتمرات صحفية تقام في مطارات الدول لفتيات سعوديات هربن من عوائلهن ووصفن بالمناضلات السياسيات!

وهذا يذكرني بالاهتمام المبالغ به ايضا بالايرانيين وبالروس وبغيرهم، ويذكرني الامر ايضا كيف يسلط الاعلام كل عدساته في لحظة ما لصنع نجم كما حدث مع الباكستانية ملالا التي خطبت في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة واستقبلها اوباما في البيت الابيض ومنحت جائزة نوبل.

ولكي لا يساء فهم كلامي انا لا اعترض على منح الناشطين الاهتمام. لكني اعترض على عدم منح الاخرين من نظرائهم نفس الاهتمام.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق