تقول أعداد متزايدة من المسلمين في الدنمرك إنهم يواجهون إساءات لفظية وإقصاء وجرائم كراهية منذ تبني الأحزاب الرئيسية سياسات مناوئة للهجرة كانت تقتصر في السابق على اليمين المتطرف، ويقول كل من الحزب الليبرالي الحاكم، وهو حزب يمين وسط، والحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض بحاجة إلى موقف صارم...

(رويترز) - تقول أعداد متزايدة من المسلمين في الدنمرك إنهم يواجهون إساءات لفظية وإقصاء وجرائم كراهية منذ تبني الأحزاب الرئيسية سياسات مناوئة للهجرة كانت تقتصر في السابق على اليمين المتطرف.

ويقول كل من الحزب الليبرالي الحاكم، وهو حزب يمين وسط، والحزب الديمقراطي الاجتماعي المعارض إن هناك حاجة إلى موقف صارم في قضية الهجرة لحماية نظام الرفاه ذي الأهمية الكبيرة في الدنمرك ودمج المهاجرين واللاجئين الموجودين بالفعل في البلاد.

لكن مانيلا غفوري (26 عاما) التي جاءت إلى البلاد من أفغانستان في 2001 كلاجئة تخشى من إمكانية أن تزداد صلابة الاتجاهات المناوئة للمسلمين في الوقت الذي تزداد فيه سخونة المناقشات حول الهجرة قبل الانتخابات العامة التي ستجرى في الخامس من يونيو حزيران.

وقالت لرويترز ”في 2015 كنت أتعجب قائلة: ماذا يحدث؟ وأعتقد (الآن) أن الوضع ساء كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية“، وقالت مانيلا التي قيل لها أكثر من مرة أن تعود إلى ”بلادها“ إنها طردت من متجر عندما كانت تتسوق مع أسرتها. وعندما كانت تعمل في مخبز رفض عميل أن تخدمه، وقالت مانيلا التي تعمل أيضا مدرسة والحاصلة على درجة في اللغة الدنمركية ”سألته إن كان يريدني أن أساعده لكن لم ينظر إلى إطلاقا. كل ما فعله أنه وقف وانتظر المساعدة من فتاة أخرى وكانت فتاة دنمركية العرق“.

ويشير مقياس الاندماج الوطني إلى أن عدد المهاجرين من الدول غير الغربية وأحفادهم الذين مروا بتجربة التمييز ضدهم بسبب أصولهم العرقية ارتفع إلى 48 في المئة العام الماضي من 43 في المئة قبل ذلك بعامين.

وقال ميس فوجليد مسؤول الهجرة في الحزب الليبرالي ”إذا كان الناس مستعدين ولديهم رغبة في أن يكونوا جزءا من المجتمع الدنمركي ويريدون الإسهام فيه فإننا عندئذ ندعوهم إلى أن يصبحوا جزءا من أحد أنجح المجتمعات في العالم“.

وفي إشارة إلى عدد كبير من المهاجرات من الشرق الأوسط اللاتي لم يجدن عملا في الدنمرك قال ”لكننا نحتاج إلى أن يكون باستطاعتنا أن نناقش على الملأ إذا كانت هناك مشاكل مع جماعات من الناس“، وقال إنه لا يرى أي صلة بين الحوادث العنصرية ولهجة مناقشات الهجرة، ولطارق زياد حسين (26 عاما)، وهو مسلم دنمركي المولد من أصل فلسطيني، كتاب عن كونه مسلما في الدنمرك. وقال لرويترز إنه تلقى تهديدات بالقتل.

وقال حسين الذي يعمل محاميا ”توافرت بيئة يمكنك أن تقول فيها أشياء مجنونة دون حتى أن يبالي بذلك كثير جدا من الناس“، وأضاف ”أنا والكثير غيري من جيلي نشعر بأنه مهما نفعل فإننا لسنا صالحين بما فيه الكفاية في نظر المجتمع“، ومضى يقول ”أيا كان تعليمنا أو كيفية اندماجنا فإننا لسنا صالحين بما يكفي بسبب لون بشرتنا أو ديانتنا“، وقفز عدد الجرائم ذات الدوافع العنصرية أو الدينية التي سجلتها الشرطة إلى 365 في 2017 من 228 في العام السابق. وقد يكون العدد أكبر لأن الحوادث لا تسجل كلها.

وحث المعهد الدنمركي لحقوق الإنسان السياسيين على وضع خطط لمكافحة العنصرية وجرائم الكراهية خاصة ضد المسلمين واليهود، وقالت لويز هولك نائبة مدير المعهد ”يتحرك السياسيون أقرب ما يكون من حدود حقوق الإنسان“.

وطبقا للتقديرات الدنمركية والأمريكية، يمثل المسلمون الدنمركيون، وعددهم 320 ألف نسمة، حوالي 5.5 في المئة من السكان، وهي نسبة أعلى بقليل من باقي أوروبا، ويتعارض التحول إلى اليمين من جانب الأحزاب الدنمركية الرئيسية مع نظرة الغرباء التقليدية إلى الدول الاسكندنافية الليبرالية لكنه له ما يماثله في أماكن أخرى في أوروبا، خاصة منذ وصول أعداد كبيرة من المهاجرين إليها في 2015.

كعكة

في نفس الوقت تعرضت وزيرة الهجرة الدنمركية إنجر ستويبرج لانتقادات لاحتفالها بتعديلها التشريعي رقم 50 لقوانين الهجرة بكعكة كبيرة، وبحسب موقع الوزارة على الإنترنت تم تشديد قوانين الهجرة 114 مرة في ظل الحكومة الحالية.

وفي وقت سابق من العام الحالي مررت الحكومة قانونا يسمح بإعادة المزيد من اللاجئين إلى بلادهم الأصلية وذلك في أحدث خطوة لتثبيط الهجرة من الدول غير الغربية، وتم تمرير القانون بتأييد حزب الشعب الدنمركي المناوئ للهجرة، وهو حليف رئيسي لحكومة الأقلية، وتأييد الحزب الديمقراطي الاجتماعي وهو أكبر حزب في البلاد وما زال إلى اليوم صاحب الموقف الأخف من الهجرة، ويعني القانون أن تصاريح الإقامة للاجئين ستكون مؤقتة وأنه سيكون هناك حد لعدد الأسر التي يجري لم شملها وتخفيض للمنافع التي يحصل عليها المهاجرون، وانتقد المعهد الدنمركي لحقوق الإنسان ووكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة القانون. وحذرت منظمات التجارة والنقابات العمالية من أن سياسات الهجرة الصارمة يمكن أن تتسبب في تفاقم نقص العمالة وتكبح النمو.

وقال مسؤول الهجرة في الحزب الليبرالي إن المنافع الأقل ستشجع الناس على العمل. وتم تشغيل نحو 43 في المئة من اللاجئين الذين عاشوا في الدنمرك أكثر من ثلاث سنوات بحلول نهاية 2018 وهي نسبة تفوق نسبة 20 في المئة فقط تم توظيفها بحلول نهاية 2015. ومع ذلك فإن 19 في المئة فقط من النساء شغلن وظائف بالمقارنة بنسبة 57 في المئة للرجال، لكن بينما ارتفع التوظيف لم يكن استيعاب المهاجرين بنفس الدرجة دائما. وتظهر الأرقام الرسمية أن شبانا من أسر مهاجرة غير غربية يرتكبون جرائم أكثر من نظرائهم الدنمركيين.

كتب التاريخ

امتنع الحزب الديمقراطي الاجتماعي عن الإدلاء بتعليق لتضمينه في هذا المقال بسبب ازدحام جدوله قبل الانتخابات لكنه قال مرارا إنه يريد الحد من عدد اللاجئين، وقالت زعيمة الحزب ميته فريدريكسن هذا الشهر ”لست شخصا سيئا لمجرد أنك قلق من الهجرة“.

وفي الوقت الذي تشدد فيه الأحزاب الرئيسية مواقفها من الهجرة فقد حزب الشعب الدنمركي، وهو الجماعة الشعبوية الأكبر في البلاد، بعض جاذبيته وتظهر استطلاعات الرأي أنه سيخسر على الأرجح ما يقرب من نصف ناخبيه في الانتخابات.

ومن أسباب ذلك أن الناخبين ينصرفون إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي. ويواجه حزب الشعب الدنمركي أيضا منافسة من اثنين من أحزاب اليمين المتطرف وهما حزب اليمين الجديد وحزب النهج الصلب الذي يريد حظر الإسلام وترحيل المسلمين، لكن على الرغم من أن حزب الشعب الدنمركي يخسر أصواته بسرعة فإن أثره في السياسات الدنمركية لا ينكر، وقال رونه ستوباجر أستاذ العلوم السياسية في جامعة آرهوس ”غيروا تماما المناقشات والسياسات في الدنمرك خلال العشرين عاما الماضية“، وأضاف ”من منظور كتب التاريخ فإن هذا بالتأكيد انتصار كبير لهم“.

اضف تعليق